رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لحظة فارقة من عمر مصر.. حكايات المثقفين مع بيان 3 يوليو

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

كان الجميع يترقب، وخرج الفريق أول عبدالفتاح السيسي ليعلنها مدوية، الآن لا وجود للإخوان.. لحظة لا يمكن أن تمحى، هى تمثل زوال الخطر ورسو السفينة على بر آمن، لحظة لم يتمالك فيها الجميع أنفسهم وتخلى فيها الشعراء والكتاب عن وقارهم المعهود، فمنهم من زغرد على الهواء، ومنهم من قفز ليمسك نجمة، ومنهم من جلس ليجهش بالبكاء.. وقبل كل فعل كانت هناك زفرة عظيمة من ارتياح، فمصر الآن آمنة مطمئنة بين يدي أبنائها، وفي هذا التقرير نرصد فرحة المثقفين بعد خطاب 3 يوليو.

د.طارق فهمي: كنت حينها في العمل ولم أتفاجأ بالخطاب ورأيته "تتويجًا لهذه المرحلة" وإعلان مرحلة جديدة

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنني وقتها كنت في العمل، بالجامعة، والخطاب لم يكن مفاجأة بالنسبة لي، لأنه كانت هناك رسائل مباشرة من القوات المسلحة للقوى السياسية، وللرئيس المخلوع، وفي نفس الوقت للجماعة الإرهابية، مشيرًا إلى أنه كان هناك تمهيد مباشر سبقته رسائل معلنة بما يمكن أن يجري كرسائل إنذار مباشرة، فجاء الخطاب كـ"تتويج لهذه المرحلة" وإعلان مرحلة جديدة، تبدأ منها الدولة المصرية مسارها.

وأضاف الدكتور طارق فهمي، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن عدم وجود عنصر "المفاجأة" هو ما اعتمدنا عليه في التسويق الخارجي لثورة 30 يونيو، فالقوات المسلحة لم تقم بالتغيير إلا بعد أن استوفت كل الرسائل الإيجابية للدولة وقتها، فحذرت وأنذرت برسائل مفتوحة ولم يسمع إليها أحد، وبالعكس تم تهديد وزير الدفاع وقتها، والمجلس العسكري بإمكانية حرق مصر.

وأوضح طارق فهمي أنه شمل خطاب 3 يوليو، كل عناصر الأمة، من وزير الدفاع إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ولفيف من الشخصيات العامة، وهذا المشهد الذي رأيناه وراء السيسي، كان مهما أن يقول رسائل مباشرة، إن هذه القوى المجتمعية والسياسية ممثلة لكل القوى في المجتمع وهذه الصورة كانت مهمة للغاية.

د. صفية القباني: كنت في التحرير وكنا نضع "إيدينا على قلبنا" حتى جاءنا "الفرج"

كشفت الدكتورة صفية القبانى، نقيب الفنانين التشكيليين، إنها كانت في "التحرير" وقتها، قائلة: شعرت بالطبع بسعادة كبيرة وقتها، لأننا كنا في "كارثة"، وكنا منتظرين هذا الخطاب في التحرير "وإيدينا على قلبنا"، فجاء الخطاب بعد مهلة منحها الرئيس السيسي لجماعة الإخوان.

وتذكرت الدكتورة صفية القباني، هذه اللحظات الفارقة في تاريخ مصر، معبرة لـ“الدستور”: "كنا منتظرين فرج ربنا وكان تحديا غير عادي وربنا جبرنا"، لأننا كمثقفين ووزارة الثقافة أيام الإخوان، حدثت لها نكبة، أنهم أتوا إلينا بوزير إخواني، وكانت الأمور تبشر بأنه لن يكون هناك أي نوع من أنواع الثقافة أو ممارسة الفن.

وأضافت: وقتها اعتصمنا أمام وزارة الثقافة وسُمي باعتصام "المثقفين"، وأنا أتذكر أننا جلسنا أياما طويلة نفطر في الشارع وفي ميدان التحرير، أنا وأولادي وزوجي، وكانت أياما مشهودة، ثم استقبلنا الخبر في خطاب 3 يوليو براحة كبيرة وقلنا وقتها "إننا هنحصل على حريتنا وإنه لن تكون هناك ضغوط مرة أخرى على المثقفين" بعد عزل الإخوان.

عز الدين نجيب: كنت في المظاهرات وشعُرت بأننا على "سيف حاد" بين الضياع والإنقاذ 

تذكر الفنان التشكيلي والناقد، عز الدين نجيب، هذه اللحظات الفارقة في تاريخ البلاد، كاشفًا عن أنه يوم 3 يوليو، كان وسط المظاهرات التي تطالب برحيل الإخوان في منطقة مصر الجديدة يحوم حول المناطق التي بها الأحداث الثورية وقتها، وعن مشاعره في ذلك الوقت قال: كنا في حالة حبس للأنفاس حينها، انتظارًا للقرار الحاسم للفريق السيسي وقتها لإنقاذ البلاد، وجاء الخطاب في لحظة انفعالية وجياشة جدًا بمشاعر الوطنية، وكأننا على "سيف حاد" بين الضياع والإنقاذ.

وأضاف الفنان عز الدين نجيب: كنا نرقب المشهد بقلوب مرتعشة، وهي كانت مشاعر كل المصريين، فكان مصير الدولة كله في المجهول، ومشاعرنا تجمعت ضد وجود الإخوان واستمرارهم أيًا كان الثمن، بعد الأحداث الإرهابية التي فعلوها بمصر، ومن هنا كانت قلوبنا تلتف حول الفريق السيسي وقتها والجيش، لأنه كان الملاذ في ذلك الوقت.

وأشار عز الدين نجيب إلى أن اعتصام المثقفين أمام وزارة الثقافة كان هو المُفجر الأول لثورة يونيو: "فاندمجنا جميعًا في الشارع وفي المناخ الثوري، ولم يكن في أيدينا أن نفعل شيئًا إلا أن نكون يدا واحدة".

ويأمل عز الدين نجيب، بعد 10 سنوات من ثورة 30 يونيو، وانتصار إرادة الشعب أن ينال المثقفين قدرًا من الاهتمام، والمكانة التي يستحقونها للأخذ بيد البلاد إلى الأمام، موضحًا "أنظر إلى الحوار الوطني الدائر، وأملي أن يكون تمثيل المثقفين في هذا الحوار أكبر مما هو قائم، لأن المثقفين هم ضمير المجتمع ورائدو التغيير والتنوير لمواجهة الإرهاب وكل ما يعود بنا إلى الخلف".

فاطمة ناعوت: أطلقت أول زغرودة على الهواء بعد البيان

لحظات لم تنسها، الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت، طيلة حياتها، وقت إعلان خطاب 3 يوليو، قائلة: كنت على التليفزيون مع الإعلامية هالة سرحان، وزغردت على الهواء فور سماعي هذا الخطاب التاريخي، وكانت أول زغرودة إبان هذا الخطاب التاريخي.

وأضافت فاطمة ناعوت: خطاب 3 يوليو كان بالنسبة لي أولى ثمار ثورة 30 يونيو، فهو الخطاب التاريخي الذي ألقاه الفريق عبدالفتاح السيسي وقتها، وأثلج صدورنا بما قاله، من تعطيل العمل بالدستور الإخواني المزموم، هذا الدستور الذي شطر المصريين شطرين، إلى مصريين وإرهابيين، من فصيل جماعة الإخوان الإرهابية وتيار الإسلام السياسي، وكنت أرفض أن أقول أو أكتب أن مرسي رئيسًا لمصر، وأقول دائمًا إن الإخوان خطأ مطبعي في تاريخ مصر.

وعن مشاعرها وقت إعلان هذا الخطاب التاريخي، قالت إنه كان شيئًا لا يصدق، وكان بالنسبة لي أولى الثمرات، وبعده توالت الثمارات لمكافحة الإرهاب، فكان لا بد أننا نفوض الجيش، ووصلنا اليوم لرئيس لا يفرق بين مسلم ومسيحي، ولا يعرف الأهل والعشيرة، ويعتبر المصريين كلهم سواء وبه مصر تعلو يومًا فيومًا، فلقد غرسنا البذرة في 30 يونيو 2013 وجاء 3 يوليو ليعلن عن أسرع شجرة في التاريخ، وأسرع نبتة ظهرت في 3 أيام فقط.

حسين حمودة: كنت في ميدان التحرير طوال النهار.. "يوم مشهود" 

كشف الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة، عن تذكره بيان 3 يوليو قائلا: إن هذا يوم مشهود من أيام حياتي.. في ذلك اليوم كنت طوال النهار بميدان التحرير.. تنقلت من مكان إلى مكان داخل الميدان، وخرجت منه لبعض دقائق لشراء ماء وساندوتش ورجعت.. كان الميدان محتشدا بأطياف متعددة من الناس، أغلبهم أسر تجمع بين أجيال متعددة: الجد أو الجدة والأبناء والأحفاد.. كنا جميعا في حالة ترقب وقلق وانتظار، وكنا نشعر بمزيد من الحرارة مع حرارة الطقس.. وكان طائرات الهليكوبتر تحلق من وقت لآخر فوق الميدان على ارتفاع منخفض، وكنا مع مشهدها وصوتها نتلقي رسائل اطمئنان من الجيش. 

وتابع: في آخر النهار التقيت الصديق المبدع وحيد الطويلة والأستاذة منى سلمان وزوجته.. وانتقلنا إلى شارع جانبي، قريب من باب اللوق، والتقينا أصدقاء آخرين، وجلسنا على مقهى في انتظار بيان الجيش.. كانت لحظات صعبة، وكان الانتظار غير محتمل.. المقهى كان مزدحما ومحتشدا بالترقب والقلق.. مع بيان الجيش تعالت الصيحات وبعض الزغاريد، وانتقلنا جميعا من حال إلى حال، مضيفا: أذكر أنني عانقت كل من كان حولي، وهكذا كان حال الجميع.. وللمرة الأولى، منذ أسابيع، أركب ميكروباص ليرجعني إلى مدينة 6 أكتوبر وأنا أشعر بالفرح.. وربما بما هو أكثر من الفرح... في الحقيقة شعرت أنني سوف أستطيع أخيرا أن أعود إلى حياة ظلت مسروقة منّي خلال الفترة السابقة.