رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

30 يونيو.. وعهد المصريين المتجدد

تحل الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو فى ظرف اقتصادى دقيق يمر به العالم أجمع وفى القلب منه مصر، ما شجع العديد من أبواق الجماعة الإرهابية على تجديد محاولاتهم فى تزييف التاريخ وقلب الحقائق، حول اليوم الذى سطر فيه المصريون مشهدًا خالدًا فى تاريخ وطنهم تصحيحًا لمساره واسترداد ثوابته التى حاولت الجماعة اقتلاعها بكل ما أوتت من سبل، متناسية عظمة المصريين وقدرتهم على تطهير ثوبهم من الدنس حتى فى أحلك الظروف، وامتلاك مصيرهم بإرادة حرة ومستقلة.

عظمة الثلاثين من يونيو لا تستمد من المشهد المهيب الذى شكله الملايين من المصريين فى كل ميادين المحروسة، فى ثورة شارك فيها كل طوائف المجتمع وطبقاته، منطلقين من هوية واحدة وهى الهوية الوطنية الثابتة وحسب، وإنما ما كرس أهمية هذا اليوم هو جسارة المصريين فى مواجهة التحديات التى واجهوها على مدى السنوات السابقة لهذا اليوم وصلابتهم فى وجه التهديد بضياع هويتهم على يد جماعة حاولت اختصار الدولة فى أذنابها، واستعدادهم لدفع الثمن لاسترداد وطنهم حتى بالدم وهو ما تجسد فى جلادتهم خلال مواجهة الهجمة الإرهابية الدنيئة التى تحطمت أمام شجاعة أبناء مصر، وزينت صور أبطالها من الشهداء بيوت المصريين.

عشر سنوات مرت، قطعت مصر خلالها شوطًا كبيرًا فى إعادة صياغة مستقبلها بإدراة وطنية، منتصرة على الكثير من التحديدات بداية من نجاحها فى القضاء على سرطان الجماعة الإرهابية الذى استشرى فى جسد الوطن على مدى 83 عامًا، وبتر جذورها، مرورًا بمواجهة محاولات بعض القوى الدولية فرض إملاءاتها على إرادة المصريين، ونجاحها فى استعادة دورها الريادى على المستويين الإقليمى والعالمى، فضلًا عما سجله أبناؤها من بسالة فى مواجهة الحرب الإرهابية الشرسة التى مارست ضد شعبها لإخضاعه، لتستطيع متسلحة بإرداة رجالها قطع شوط كبير من مشروع الجمهورية الجديدة محققة تغييرًا كبيرًا على واقع حياة المصريين فى مختلف المجالات عبر خطة تنمية ضخمة طالت كل القطاعات بداية من البنية التحتية، مرورا بالنقل والزراعة والصناعة، وحتى التعليم والصحة، استطاعت أن ترسخ لدولة تقدر قيمة مواطنيها وتهيئ لهم سبل الحياة الكريمة، بوتيرة متسارعة أبهرت الجميع وسطرت صفحة جديدة من تاريخ مصر العظيم.

وعلى الرغم مما تحقق فى ربوع مصر خلال السنوات الماضية من إنجازات غيرت وجه الحياة بها، وما عجت بها من تضحيات فى مواجهة كل محاولات النيل من مقدرات الوطن، وبطولات فى رفع شأنه سواء على مستوى محاربة الإرهاب أو استعادة هوية المجتمع أوإنجاز المشروعات الضخمة وتشييد الإنجازات على أرض الواقع، إلا أن حقيقة الأمر تؤكد أن النظر لثورة الثلاثين من يونيو، وما حققته من تغير لا يعد منصفا ونحن مازلنا فى منتصف الطريق لتحقيق أهدافها الكاملة، خاصة أن الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو، جاءت متزامنة مع ظرف دقيق يمر به الوطن بفعل تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، وانعكاساتها على الوضع الاقتصادى والمعيشى، ليعد ظرفًا مناسبًا لتجديد عهد المصريين بمواصلة البناء والإنجاز للعبور من هذه الأزمة الخانقة نحو مستقبل مشرق متسلحين بهويتهم الصلبة، وقدرتهم على مواجهة التحديات على مر التاريخ، ليكملوا تجربتهم التاريخية الفريدة فى إعادة بناء وطنهم.