رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف واجه القضاء المصرى فكر الجماعة الإرهابية قبل ثورة 30 يونيو 2013؟

 ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

تحتفل مصر والمصريون بالذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو 2013 التى انتصرت للهوية المصرية ضد الجماعة الإرهابية واستعادت الدولة مؤسساتها من مرحلة اللادولة، ولا ريب أن مواجهة الفكر الإرهابى أخطر من مواجهة الإرهابيين، لأن الإرهابيين يمكن القبض عليهم ومحاكمتهم، أما الفكر الإرهابى ذاته فهو خفى غير ملموس يحتاج إلى استراتيجية القوة الفكرية لمواجهته حمايةً للعقول، باعتبارها محل الإبداع من التطرف الفكرى، إذ يقوم الفكر الإرهابى على مفاهيم شاذة ومواقف منكرة لتخريب الممتلكات والمرافق العامة والخاصة وتدميرها، وهو مقدمة حتمية للأعمال العنيفة تستهدف مؤسسات الدولة والقائمين عليها، وهو ما يترتب عليه ضياع المجتمعات، وبه سقطت دول فى بوتقة الفوضى، لذا يعد الإرهاب الفكرى أخطر ما تواجهه المجتمعات سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولى.

وهناك قضاة وضعوا كفونهم على أيديهم حماية للمجتمع بالقضاء الجنائى، واجهوا الإرهابيين أنفسهم بكل شجاعة وحزم حماية لاستقرار المجتمع، وعلى الجانب الآخر هناك قضاة بالقضاء الإدارى واجهوا الفكر الإرهابى ذاته من خلال إلغاء القرارات الإدارية التي أصدرتها تلك الجماعة، منهم المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، حتى وضعته جماعة متطرفة مع بعض زملائه بالقضاء الجنائي على قائمة بعد قيام ثورة 30 يونيو 2013، وظلت قناعات هؤلاء القضاة مؤمنة بالوطن من فوق منصة العدل قبل الثورة وبعدها، وتعرض "الدستور" أهم تلك القضايا فيما يلى:

حكم قضية حظر أخونة الجامعات المصرية بعد أسبوع من رفعها قبل ثورة 30 يونيو بثلاثة أشهر

من بين أهم القضايا التي واجهت الفكر الإرهابي للجماعة الإرهابية قبل ثورة 30 يونيو 2013 السيطرة على عقول أساتذة وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات عن طريق وزير التعليم الإخوانى الذى أصدر قرارًا بتقارير الغَداء الذاتية لأعضاء هيئة التدريس كشرط لصرف بدل الجامعة ترسل لمكتب الوزير ليعرفوا من خلالها المنضمين إليهم من غيرهم، فهرع أساتذة الجامعات بكلية التربية والزراعة والطب والهندسة والاَداب والحقوق بجامعة الإسكندرية إلى رفع قضية مستعجلة رقم 9701 لسنة 67 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بتاريخ 18 مارس 2013، فحدد لها المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، جلسة عاجلة فى اليوم التالى الموافق 19 مارس 2013 ومنح وزير التعليم العالى الإخوانى أجلًا أسبوعًا واحدًا لتقديم المذكرات لجلسة 26 مارس، ثم قرر النطق بالحكم فى آخر جلسة 26 مارس 2013 بإلغاء قرار وزير التعليم العالى الإخوانى بتقارير الأداء الذاتية وحظر الأخونة داخل الجامعات.

وقالت المحكمة برئاسة خفاجى إن وزير التعليم الإخوانى استحدث أداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة المنارة المضيئة وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب، لا تليق بأساتذة الجامعات وعلمائها، تكون أقرب إلى التسلط على أدق بياناتهم الشخصية ليتحسس معرفة هويتهم على غرار نظم الحكم الشمولية منه فى أى نظام آخر، وقد تغافل عن أن استحقاق بدل الجامعة هو حق لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات فهو ليس منحة فى يد الوزير إن شاء منحها وإن رغب منعها وإنما يستمدون حقهم من القانون مباشرة.

قضية إلزام مجلس الشورى الإخوانى بالتشريعات الضرورية دون محور قناة السويس لتعلقه بالسيادة الوطنية ومنع مذبحة القضاة لـ10 أجيال والشورى يهدد القضاة بقطع اليد

من بين أهم القضايا التي واجهت الفكر الإرهابي للجماعة الإرهابية قبل ثورة 30 يونيو 2013 الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 13545 لسنة 67 قضائية بجلسة 21 مايو 2013 بوضع نص المادة 62 من دستور 2012 موضع التطبيق الفعلي باعتباره من التشريعات الملحة الضرورية لحياة المواطنين بإلزام مجلس الشورى الإخواني بالتشريعات الضرورية وعلى قمتها علاج المواطنين دون محور قناة السويس لتعلقه بالسيادة الوطنية ودون مشروع قانون السلطة القضائية بمذبحة القضاة لـ10 أجيال والشورى يهدد القضاة بقطع اليد.

وعقب صدور الحكم فى مايو 2013 هدد طاهر عبدالمحسن أحمد سليمان، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشورى الإخوانى المنحل، القاضى خفاجى، رئيس المحكمة، بقطع يده مرتكبًا جريمة إهانة المحكمة بعبارات تحمل معنى الإساءة والحض على ارتكاب جريمة أخرى بقطع اليد والإخلال بمقام قاض وهيبته وسلطته في صدد دعوى، وهو ما زال هاربًا خارج البلاد ولم يحاكم حتى اليوم عن تلك الجرائم.

وهذا الحكم القضائى يعد إدانة دامغة على عنف الجماعة الإرهابية وعدم إيمانهم بفكرة مؤسسات الدولة للدرجة التي جعلتهم يهددون القضاة بمنهج قطع اليد! وهو ما يثبت أن فى مصر قضاة أبطال وقت شدة حكمهم لم يهابوا إرهاب الإخوان فى سبيل خدمة الوطن.

قضية إلزام نظامى مبارك والإخوان برد الأموال التي تقاضاها دون حق لخزانة الدولة وكشف مرتباتهم

أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا قضائيًا مهمًا أثناء حكم الجماعة الإرهابية فى الدعوى رقم 5905 لسنة 62 ق بجلسة 25 يونيو 2013 كشف فيه عن مرتبات كبار رجال الدولة فى عهدى مبارك والإخوان، لأن القانون كان يمنحهم مرتبًا سنويًا وبدل تمثيل سنويًا وكانوا يتقاضون أضعافه شهريًا بالمخالفة للقانون، وألزم وزير الإعلام الإخوانى بأن يرد للدولة مبلغ 269 ألف جنيه قيمة الحوافز التي تقاضاها من مجلس الوزراء وكل ما تم صرفه من أية جهة تحت أي مسمي بالمخالفة للقانون، ويتعين على نظامي مبارك والإخوان أن يردوا للدولة ما زاد عما هو مقرر لهم.

وقالت المحكمة برئاسة خفاجي إن مناصب رئيس الجمهورية ورئيسي المجلسين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء هى وظائف ذات طبيعة خاصة مؤقتة تهدف إلى رسالة سامية قوامها العطاء والغرم وليس المكاسب والغنم، وقد حظر عليهم حظرًا مطلقًا يتقاضى أي مرتب أو مكافاة أخرى غير تلك التي يحددها القانون، وكان قصد المشرع من ذلك تحقيق مبدأ الشفافية وحماية المال العام من رجال السلطة ووقف نزيف النهب والفساد مما قام به البعض قبل الثورة، بحسبان أن الشعوب لا تتحمل الفساد سيما إذا اقترنت به أحوال اقتصادية تكشف عن أن كبار الحاكمين يعيشون حياة ترف وإسراف بينما يعيش المحكومون من غالبية الشعب معيشة ضنك وجفاف.

وبعد صدور هذا الحكم التاريخى وبعد قيام ثورة 30 يونيو 2013 أصدرت الدولة المصرية لاحقًا قانونًا يحدد مرتبات رئيس الجمهورية وآخر لمرتبات الوزراء.

من مفاخر القضاء المصرى قضية إحالة الإرهابيين المعتدين على المنشآت المدنية المؤمنة بالجيش للقضاء العسكرى

من مفاخر القضاء المصرى وأهم القضايا التى واجهت الفكر الإرهابى الجماعة الإرهابية عقب ثورة 30 يونيو 2013 مباشرة لمواجهة العنف من الجماعة الإرهابية الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة اَنذاك فى الدعوى رقم 9747 لسنة 10 ق بجلسة 8 ديسمبر 2014 بمشروعية إحالة الإرهابيين المعتدين على المنشاَت المدنية المؤمنة بالقوات المسلحة للقضاء العسكرى وفى 26 يناير 2015 فى الدعوى رقم 5188 لسنة 15 ق بذات المضمون.

وكانت جماعة الإخوان الإرهابية عقب فض ميدان رابعة العدوية الإرهابى قام 250 عضوًا بالجماعة المحظورة يوم 14 أغسطس 2013 باقتحام مبنى محافظة البحيرة وأشعلوا بها النيران وأحرقوا قسم شرطة حوش عيسى وألقوا بالمولوتوف على سيارات وأتلفوا مدرعات الشرطة وسيارات الضباط والمواطنين وأشعلوا النيران فى واجهات المؤسسات الحكومية، وأجرت النيابة العامة تحقيقات مع الإرهابيين، وأصدر المحامى العام الأول لنيابات الإسكندرية والبحيرة قرارًا بإحالة القضية رقم 13838 لسنة 2013 جنايات قسم دمنهور إلى القضاء العسكرى بالإسكندرية للاختصاص، فقامت الجماعة الإرهابية بالطعن على هذا القرار أمام القضاء الإدارى بالإسكندرية التى أيدت قرار إحالتهم للقضاء العسكرى، والذى أسفر عن الحكم عليهم بالمؤبد.

وقالت المحكمة إن المنشآت المدنية المؤمنة بالجيش فى حكم المنشآت العسكرية طوال فترة التأمين والحماية وتخضع الجرائم التى تقع عليها المنشآت للقضاء العسكرى، ذلك أن حمايتها بواسطة هيئة الشرطة تختلف تمامًا عن نزول القوات المسلحة من معسكراتها وثكناتها إلى تلك المنشآت العامة والحيوية الواقعة فى قلب المدن والقرى، مما تستصحب معه صفة حكم المنشآت العسكرية وليست المدنية، لاسيما أن الاعتداء على أى فرد من أفراد القوات المسلحة بجنودها وضباطها أسنده الدستور لاختصاص القضاء العسكري دون غيره.

وهذا الحكم من مفاخر الوطنية للقضاء المصرى، وكشفت الأيام أن التعديلات الدستورية التى تمت فى 2019 قد أخذت بذات الفكرة التى قام عليها هذا الحكم التاريخى، فى المادة 204 التى نصت على أنه "لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو ما فى حكمها أو المنشآت التي تتولى حمايتها".

قضية مرسى العياط بإعفاء الإرهابيين مقتحمى أقسام الشرطة سارقى الأسلحة أثناء ثورة 25 يناير من العقاب

ومن أخطر القضايا التى تواجه الفكر الإرهابى الدينى للجماعة الإرهابية الحكم الذى أصدرته  محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية أيضًا الدائرة الأولى بحيرة آنذاك فى الدعوى رقم 2750 لسنة 14 ق بعد ثورة 30 يونيو 2013 بإلغاء قرار مرسى العياط بإعفاء الإرهابيين الذين اقتحموا الأقسام لسرقة الأسلحة والذخائر أثناء ثورة 25 يناير 2011، واعتدوا على المنشآت وأرواح رجال الشرطة الشهداء، فى حالة إذا ما قاموا بتسليمها للدولة، وتضمن الحكم أيضًا تأييد قرار وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد إبراهيم، بسحب جميع تراخيص السلاح لجماعة الإخوان الإرهابية الذين حصلوا عليها أثناء مدة حكمهم فى العام الأسود من تاريخ مصر.

وقالت المحكمة إنه بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 وبعد اعتلاء حزب الحرية والعدالة- الإخوان المسلمين- سدة الحكم أصدر مرسى العياط قراره الجمهوري رقم 90 لسنة 2012 بأن يعفى من العقاب كل من يحوز أو يحرز بغير ترخيص أسلحة نارية أو ذخائر مما تستعمل في الأسلحة الواردة إذا قام بتسليم تلك الأسلحة والذخائر إلى أي مديرية أمن أو قسم أو مركز شرطة خلال مائة وثمانين يومًا، ويعفى كذلك من العقوبات المترتبة على سرقة الأسلحة أو الذخائر أو على إخفائها خلال تلك الفترة.

وأضافت المحكمة أن الإعفاء من العقاب الذي قرره مرسي لا يقصد به إلا غسل يد الجماعات الإرهابية مما ارتكبته أثناء ثورة 25 يناير 2011 من جرائم التعدي على الأقسام والاستيلاء على الأسلحة والذخائر الأميرية منها ومن مخازنها، وهو ما يعد بحسب الأصل جناية طبقًا لقانون العقوبات، ويعد قرارًا معدومًا لا تقوم له قيامة، وانحرافًا تشريعيًا إذ خلا من ثمة غاية مشروعة تحمي المجتمع، وما كان يجب على رئيس الجمهورية الإخوانى إصدار مثل هذا التشريع المخالف للدستور الذي تم وضعه 2012 الذي نص على مبدأ حماية الأموال والممتلكات العامة والأرواح خاصة رجال الشرطة، ومن ثم فإن هذا القرار ليس له غاية إلا إفلات المجرمين من العقاب والذين قاموا بحسب نص القرار الجمهوري ذاته بسرقة الأسلحة أو الذخائر أو إخفائها خلال تلك الفترة، وهؤلاء ما كان يجب في أي تشريع يصدر بشأنهم للتخفيف عليهم بل كان يجب تغليظ العقوبة بشأنهم لهول ما ارتكبوه من جُرم بشأن التعدي على المنشآت الشرطية ومخازنها وسرقة أسلحتها وذخائرها الأميرية، وقتل أخلص الرجال لأوطانهم.

قضايا بإنهاء سيطرة الإخوان على مساجد مصر والزوايا وحظر اعتلاء المتشددين المنابر عقب ثورة 30 يونيو

أصدر المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، العديد من الأحكام القضائية فى قضايا بإنهاء سيطرة الإخوان على مساجد مصر والزوايا وحظر اعتلاء المتشددين المنابر عقب ثورة 30 يونيو 2013 منها الدعاوى أرقام 2940 لسنة 11 ق و11943 لسنة 11 ق و4019 لسنة 15 بتأييد قرارات خضوع جميع المساجد لإشراف الدولة بضمها لوزارة الأوقاف لمواجهة الفكر الظلامى لجماعة الإخوان الإرهابية، وضم جميع الزوايا التى تتخذ منها جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتشددة ملاذًا لها للتأثير على النشء لتربيتهم على العنف والعصيان ضد الدولة، وحظر اعتلاء المتشددين المنابر وحظر استغلالهم الدين فى السياسة.

قضية مواجهة الفكر الإرهابى الإلكترونى من الاستغلال الوظيفي

أصدر ذات القاضى فى دائرة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا حكمًا قضائيًا فى الطعن رقم  72633 لسنة 66 ق.ع بجلسة 3 سبتمبر 2022 يواجه الفكر الإرهابى الإلكترونى بفصل من يحوز وسائط رقمية معدة للترويج لإثارة الفتن وتكدير الأمن العام وإشاعة أخبار كاذبة، كما أصدر حكمًا قضائيًا فى الطعن رقم  62509 لسنة  64 ق.ع بجلسة 4 سبتمبر 2022  بالقصاص العادل لرجال الشرطة بالعزل من الوظيفة لمن أشعلوا النيران فى نقطة شرطة بني محمد بأسيوط عقب ثورة 30 يونيو  2013 بعد قضائهم عقوبة السجن والمراقبة.