رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السوداني عاصم عمر: مصر أعادتني للتعليم وأكرمتني آخر كرم (فيديو)

عاصم عمر
عاصم عمر

لكل منا في بلده ومنزله ذكريات شتى يصعب أن يتركها، كان ذلك هو حال عاصم عمر، 29 عامًا والذي وصل مصر 2019 هربًا من بطش نظام الإخوان السابق الذي تسبب له في عاهة مستديمة لم يقدر الطب في السودان على مقاومتها ودخلها بأوراق لجوء سارية؛ طمعًا في راحة بعد طول عناء.

أول سوداني في شركة توصيل الطلبات
نزل مصر بصحبه أمه وأخيه الذين قدما ليطمئنوا أنه بأمان ومستقر نفسيا وجسديا وبعدها عادا للسودان وظل وحده في أم الدنيا وكان سبيله في دحض الشعور بالغربية الإرتماء في أحضان أصدقاءه من المصريين والسودانيين المقيمة داخل مصر، وحاول الاستشفاء: “الأدوات والمعدات والطب في السودان لم يكن متطورا ولم يكن في أيدي الأطباء هناك علاجا لحالتي” وكان هذا أحد أسباب تواجده في البلاد وأثناءه نظرا لإتفاقية الحقوق الأربع التي وقتعها مصر والسودان ومن ضمنها حق العمل عمل في أماكن مختلفة وكون صداقات مع زملاءه في العمل ومن ضمن تلك الأعمال كاشيرا في مطعم وطباخا كذلك، لكن حلم الفتى الأسمر كان أكبر من هذا: “حوشت القليل من راتبي ومكنني هذا من فتح طاولة أبيع عليها بعض السجائر والحلوى، ومن ربح هذا المشروع ابتعت عجلة وبدأت في العمل مع شركة “طلبات” في توصيل الطلبات داخل منطقتي ومن بعدها حاولت شراء دراجة نارية ونجحت ومازلت أعمل في نفس الشركة ولكن عن طريق الدراجة النارية،

احتضان مصر 

لم يكن لدى عاصم عمر الكثير ليقوله حول الإحتضان شعرت كأنه إعتاد ع الأمر حتى أصبحت حياته في مصر شديدة الإعتيادية، لكنه عبر عنها بجملة واحدة “كفاية إنهم مقفلوش الحدود”، مشيرا إلى أن إثيوبيا وتشاد دولتي الجوار للسودان أغلقا الحدود ومنعا دخول المكلومين من الحرب، وكذلك أشار إلى حرية الحركة، فالكثير من الدول عند إستقبال اللاجئين تصنع لهم مخيمات ولكن مصر فتحت البيوت وعاملت المواطن السوداني بإنسانية شديدة، وسمحت له بتطوير ذاته، خاصة في جانب العمل والتعليم، حيث وبناء على القانون المصري يمكن للسوداني العمل في مصر على عكس دول أخرى. 

إتفاقية الحريات الأربعة أعادتني للعلم

عندما هاجر الشاب السوداني وطنه وبسبب مشاكله الصحية وتضيقات نظام الإخوان لم يكن لديه فرصة في استكمال تعليمه بسبب التكلفة المرتفة لدراسة الأجانب في مصر ولكن بعد الإتفاقية ساعده بعض أصدقاءه من المصريين في إعادة قيده في الجامعة وصار طالبا بالفرقة الأولى بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية وأختار فرع العلوم السياسية: “لأنه المجال الاقرب لقلبي، لأن العلوم السياسية ستجعلني قادر على صنع فارق ولا اجد فيه غرابة لانك عندما تدرس ما تحبه ستكون قادر على الإبداع.“، بل وكثر نشاط بطل الموضوع الشاب عاصم، فقد استغل كل فرصة تسنح له في تعريف زملاءه من المصريين ببلد الجوار السودان، سواء عبر المناقشات في أروقة الجامعة أو بشكل أكبر في اليوم الثقافي الذي يرتدي فيه جميع الطلاب الأزياء الشعبية ويتبادلون المأكولات محلية الصنع القادمة من بلادهم، ولم يكن الأمر بسهولة كتابته، فالمطلوب كان نقل أوراقه من جامعته السابقة في السودان إلى جامعة القاهرة وكذلك دفع نحو ١٥ ألف جنيه مصريا لتخليص أوراقه في السودان، وهو بالطبع لم يكن وقتها يملك هذا المبلغ والذي تكاتف من حوله لتجميعه وجعله حقيقة.

قال “مصر أكرمتني بناسها، فهناك من ساعدني في تخليص أوراق دراجتي النارية ومن ساعدني في إيجاد مسكن ومن ساعدني في إعادة القيد، ولا يمكن إنكار هذا”، وبسبب الاتفاقية تمكنت من سداد المصروفات لأني أدفع بسببها ١٠٪ فقط من إجمالي مصروفات الأجنبي.

مواجهات في الشارع

امتلأت مواقع التواصل في الآونة الأخيرة بمنشورات هدفها إثارة الفتنة بين الشعبين، لهذا لم يمكن هناك مفر من سؤال مصدري عن أحواله وأكدت على أن حديثنا ليس مسجلا بأي شكل وله حرية التعبير الكاملة ولكنه قال سأتكلم سواء كان حديثي مسجل أم لا، لأن لن أقول غير الواقع، فتابعنا: “الشعب المصري شديد الكرم والترحاب ولكني أتفهم الحوادث الفردية التي يواجهها أبناء جلدي، وللحق لم أواجها سوى في المناطق التي تعاني من أزمات الفقر والجهل، ولهذا لا يمكن تعميم الأمر ولا يمكن كذلك نفيه، فحال مصر كحال دول العالم كافة دون استثناء، كلها فيها المواطن المتعلم الذي يقدر على التعامل مع الآخر المختلف عنه وفيها العنصري، وهذا يحدث حتى في أمريكا والعديد من دول العالم المتقدم، ولكن في مصر مقابل كل عنصري أو جاهل هناك العشرات من الأصدقاء والمعارف الذين “شالوني م ع الأرض شيل” وساعدوني في كل أمر كان لي فيه حاجة، وأن صدق قول القائلين فكيف لي أن أعيش، إن كان المصريين كما يدعي البعض يعاملون السودانين بغلظة فكيف لي أن استأجر منزلا أليس صاحبه مصريا، كيف لي أن أتعلم فأساتذتي في الجامعة مصريين وكيف لي أن أمشي في الشارع وسط المصريين”، ولا يمكن إنكار أن المصريين لم يستغلوا أوضاع السودانيين رغم أن أبناء جلدتهم استغل بعضهم في وقت الأزمة سواء عن طريق زيادة أسعار الحافلات أكثر من 20 ضعف أو غيره.

أمنيات لاجيء

لدى عاصم عمر العديد من الأماني وعنها قال أتمنى أن يكون هناك أنشطة تساعد أكثر في زيادة الوعي المصري الأفريقي، وتمنى أن يكون هناك مراكز تأهيل نفسية للسودانيين القادمين من الحرب لأن ما ذاقوه شديد المرارة، وكذلك يجب تقسيم تلك الأعداد على مناطق مختلفة بدلا من التكدس في القاهرة لتجنب حدوث أزمة فلدى المواطن السوداني ما يضيفه لمصر وكذلك لدى مصر ما تعلمه إياه، وابتسم في ختام الحديث:“المصري دمه خفيف يحب المزاح والهزار ولكن المواطن السوداني ذائقته مختلفة ولهذا قبل المزاح علينا صنع جسر تواصل لفهم الآخر حتى نتجنب سوء الفهم، لأن الشخصية السودانية لا تحب الهزار بنفس قدر المصريين”.