رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشخوص المريبون!

يظهر في أيامنا هذه شخوص مريبون بكل معنى الكلمة، ومهما تحدثوا عن أنفسهم فإن المتابع والمراقب لا يعرفان من هم؟ ولا من أين أتوا؟ ولا لماذا ظهروا في هذه اللحظة بالذات؟ ولا ما هي المهمة المطلوب منهم تأديتها؟ ولا من خلفهم بالتحديد؟...

أعني يطرح ظهورهم المفاجئ عددا من الأسئلة المنطقية، كالتي طرحتها آنفا، لأن تركهم بلا تفتيش ولا تمحيص ولا كشف؛ يفضي إلى مخاطر لا حصر لها، ربما كان على الرأس منها أن يتصوروا هم غفلة الباقين، وأن يمعنوا في استقطاب الناس وبث آرائهم فيهم، وكم هي آراء عجيبة وسامة!
لا أريد هنا أن أعين بشرا قدر ما أريد أن أوضح الفكرة نفسها، وفي هذا تعيين لجميع هؤلاء، فالموضوع منتشر ولا يبدو موضوعا بسيطا ولا مطمئنا.

يفتح الواحد منا جوجل صباحا ليقرأ آخر الأخبار، ويذهب إلى يوتيوب ليشاهد آخر المستجدات؛ فيطل وجه جديد، لم يكن رآه من قبل، يطل بكلام جديد، لم يكن سمعه من قبل، ولأن الوجه والكلام يثيران الفضول حقا؛ فإن الواحد منا يكتب اسم هذا الشخص الذي ظهر فجأة، ويبدأ جولة بحثية شاملة عنه، وكثيرا ما يصادف حكايات لا حصر لها عن الشخصية الجديدة؛ كأنها قديمة وكأنه كان نائما لوقت طويل طويل لم ينمه قط!
آخرون سوانا يسبقوننا دائما إلى هؤلاء الشخوص، وينسجون حولهم قصصا كالأساطير، وكأن هؤلاء الذين يسبقوننا، أو عددا منهم، هم الصناع الفعليون للعفاريت التي تركت ليلها المدلهم وبرزت مع شموس الأصباح بلا سابق إنذار..

نعم.. نستغرب ما يجري؛ فقد أغلقنا البرامج بالأمس ولم يكن في الآفاق جديد، ولا إرهاص بجديد؛ فكيف ظهر من ظهر هكذا في ساعات؟! وكيف ظهر وخلفه ما خلفه من كل ما صرنا نراه واضحا الآن؟!     

يسأل سائل: لماذا وصفت أنا هؤلاء الجدد بأنهم مريبون؟!

والجواب كامن في بغتة ظهورهم، وكامن فيما جاءوا به من الأقوال أو الأعمال التي لا جدال في كونها مريبة؛ فليست تجعل الخواطر، بعد مطالعتها، في سكون 

بالمرة؛ إذ تبشر الدنيا والناس بأحداث كئيبة قادمة وأوقات عصيبة ستمر على الجميع.. ههنا سيقع زلزال رهيب، وهناك سينفجر بركان ضخم، وفي البلاد التي صفتها كذا سيكون كذا وكذا مما لا يدع بالا مستريحا، معهم أدلتهم على ما يقولونه طبعا، ولديهم سحر، أو ما يشبه السحر، في كل عمل يعملونه أمام أعين الناس ليسلبوهم الألباب!

لا يجب أن نسكت دقيقة واحدة عن هذا الظهور المريب، كما لا يجب أن نتوسع في التنويه عنه والإشارة إليه؛ لأن أصحابه يحبون الانتشار، وهو أول خطواتهم للسيطرة، والمعنى أن نتحلى بالوعي والنباهة ونحن نكشف هؤلاء، ونعري أهدافهم، ونبين أباطيلهم.. الله معنا، "والله من ورائهم محيط"!