رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكتيبة ١٠١»

«الكتيبة ١٠١» هو أحد أهم مسلسلات رمضان هذا العام، دراميًا، لدينا عمل متماسك يحكى عما كان يجرى فى سيناء فى الفترة من ٢٠١٣ حتى ٢٠١٨، تلك الفترة التى امتلأت بآلاف القصص والحكايات، حكايات لأبطال سيناء من رجال القوات المسلحة والشرطة وأبناء القبائل، وقصص لأوغاد دخلوا سيناء وحاولوا عزلها وتحويلها لمنطقة جذب لكل إرهابيى العالم، على مستوى الصورة لدينا مدير تصوير جبار هو محمد مختار، قدم لنا مستوى رائعًا، خاصة فى أجواء الليل وتحركات رجال القوات المسلحة، ولدينا مخرج واعٍ.. ومعه ممثلون رائعون. 

الفترة التى قاد فيها الإرهابى أبودعاء الأنصارى محمد فريج زيادة التنظيم الإرهابى فى سيناء واحدة من أسوأ الفترات على كل الإرهابيين، بسبب ما قام به أبطال مصر الذين تمكنوا من تفكيك كل قوته التنظيمية الضاربة، وقتها كانت أجهزة أجنبية وتنظيمات تقدم كل الدعم لأبودعاء وتعتمد عليه فى تنفيذ المخطط الكبير فى سيناء، أسلحة متطورة، إرهابيون ومرتزقة وأنفاق للاختباء والإعاشة تفاصيل كثيرة، لكن رجال المخابرات الحربية ومعهم أبطال القوات المسلحة والشرطة وبمساعدة عدد من رجال قبائل سيناء تمكنوا من تطهير الأرض من الإرهاب.

الحلقة التاسعة من المسلسل كانت موجعة للغاية، وقصة الهجوم الذى تعرض له القطاع ١٠١ بسيارة مفخخة، أثناء مباراة كرة القدم بين الأهلى والزمالك، التى استشهد فيها ٢٦ شهيدًا بقدر ما كانت موجعة إلا أنها كانت نقطة انطلاق للخلاص من الإرهاب.

«الكتيبة ١٠١» حرص على تخليد الشهداء الذين استشهدوا فى العملية الإرهابية وعرض صورهم فى نهاية الحلقة.. كل شهيد منهم لديه دين فى عنقنا ليوم القيامة، وعلينا أن نذكر جيدًا أنهم وكل شهدائنا الأبرار ضحوا بأرواحهم لنعيش آمنين. 

قصة الشهيد «الشحات فتحى بركات شتا» التى رواها المسلسل أبكتنى، وصورة الشهيد التى زيّنت مشهد ختام الحلقة جعلتنى أتخيل القصة.. كيف امتلك الشهيد كل هذا الإيمان بالله واليقين ليفتدى زملاءه ويمنع إرهابيًا يرتدى حزامًا ناسفًا من الوصول إليهم ويجرى خلفه ويمسك به ويحتضنه حتى يحدث التفجير، بهدوء وسكينة اختار الشهيد أن يضحى بحياته ليحمى الآخرين.

فتحى عبدالوهاب كالعادة متفوق على نفسه.. الدور معقد ومركب لكنه خطف الأنظار ونجح فى الدور. 

ضيوف الشرف فى المسلسل صنعوا حالة من البهجة.. تشعر- خاصة لمن قام بأدوار الشهداء- أنهم بالفعل أبناء موت. 

قرأت أكثر من مرة عن قصة الاتجار فى البشر التى كانت تتم عبر الأنفاق، وشاهدت صورًا مفزعة وسمعت قصصًا لناجين من رجال التهريب ومن الإرهاب تدمى القلوب، تذكرت كل ما قرأته وأنا أتابع مشاهد «الكتيبة ١٠١» التى روت جوانب من القصة ومن تعامل المهربين مع الأطفال والنساء.. أرض سيناء تحملت الكثير فعلًا.

الدور الذى قدمته وفاء عامر أكد أنها أصبحت ممثلة من العيار الثقيل، تمكنها من اللهجة البدوية.. قامت بدور الشهيدة مها إبراهيم سالم أبوقريع أول سيدة قُتلت على يد أنصار بيت المقدس فى ٢٠١٤ بعد أن تم اختطافها من منزلها، ثم ألقوا بجثمانها أمام منزلها فى اليوم التالى.. بسبب مواقفها الوطنية ومساعدتها الجيش فى القبض على العديد من عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس، من خلال تقديم معلومات عن أماكن وجودهم، خطف الإرهابيون ابنها الأكبر لتهديدها وعذبوه ثم ألقوه فى مقابر مدينة رفح، لكنها لم تتراجع حتى دفعت حياتها فداءً لوطنها.

أهمية مسلسل «الكتيبة ١٠١» أنه يحكى لنا ببساطة عن تفاصيل لا يعلم عنها الكثيرون شيئًا، يحكى لنا عن قصص البطولة والتضحية، ويروى لنا جزءًا من المؤامرات التى كانت تتم وكيف تغلبنا عليها، ويقدم لنا النماذج العظيمة من أبناء سيناء الذين ضحوا بالكثير واستشهد منهم الكثير دفاعًا عن الوطن، ويقدم لنا فى المقابل شخصيات تبيع أى شىء مثل دكتور وحيد.. المسلسل يحكى لنا ما لا نعلمه عن وطن تعرض لحرب، بينما كنا نتابع مباراة كرة قدم ونتشاجر على السوشيال ميديا على هدف أو ترقيصة.