رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية يعقد ندوة «تكلفة الإرهاب مقاربة مصرية شاملة»

جانب من الندوة
جانب من الندوة

في ختام ندواته بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ندوة تحت عنوان "تكلفة الإرهاب مقاربة مصرية شاملة" لاستعراض نتائج مشروعه البحثي الذي استمر على مدار 18 شهرا بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي.

جاء ذلك بحضور نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتور خالد عكاشة، المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ومدير المشروع، والدكتور عبد المنعم السعيد، رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري وعضو مجلس الشيوخ وأمين سر لجنة تقييم ومراجعة المشروع، وسمير مرقص، المفكر السياسي وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني ومحرر ورئيس فريق البحث السياسي للمشروع، وعبد الفتاح الجبالي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمدينة الإنتاج الإعلامي ومحرر ورئيس فريق البحث الاقتصادي للمشروع، والدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة وعضو لجنة تقييم ومراجعة المشروع.

وقال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن هذا المشروع نُفذ بدعم من وزارة التضامن الاجتماعي واستغرق ثمانية عشر شهرًا وشارك في تنفيذه نخبة من الباحثين، وتولت لجنة من كبار الخبراء تقييم العمل، واقتراح الإضافات والتعديلات الضرورية عليه، حتى وصل إلى شكله الحالي.

وأضاف أن مصر عانت من الإرهاب منذ عقود، مثلها مثل الكثير من الدول الإسلامية، التي لا يكاد يكون أي منها قد سلم من خطر الإرهاب، فعلى مدار عقود تعرضت مصر إلى إرهاب يستهدف تدمير الدولة بسلطاتها ومؤسساتها، والمجتمع بمكوناته وحركية مواطنية المدنية والسياسية، ومقدراته القيمية والمادية المتنوعة. وهو الأمر الذي مثل تهديدًا وجوديًا لمصر، خاصة مع بلوغه ذروة نشاطه المادي و العنفي في عامي 2014 و2015 ووضع مصر في قائمة الدول الأكثر تعرضًا للإرهاب، وبوصول الإرهاب إلى ذروة نشاطه اتخذت الدولة قرارًا تاريخيًا باعتبار الإرهاب تهديدًا لأمنها القومي، ومن ثم اتخذت الإجراءات الأمنية اللازمة والحاسمة لمواجهته.

وأشار المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أن هذا البحث يهدف إلى قياس تكلفة الإرهاب على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، ثم البحث في آليات وديناميات إنتاجه، فضلًا عن اقتراح سياسات للسيطرة عليه والحد منه، وذلك انطلاقا من فهم عميق لظروف مجتمعاتنا، ومن ثم يقدم هذا البحث سردية ورواية تختلف عن السردية الغربية، إذ يسعى لتقديم سرديتنا بطريقة يمكن استخدامها في التواصل مع المفكرين والباحثين وصناع القرار من خلفيات مختلفة، وذلك من أجل فتح حوار عقلاني وعلمي حول الظاهرة الإرهابية، بدلًا من نزوع البعض لإطلاق الأحكام وتوجيه الاتهامات بناء على فرضيات متحيزة.

وأشارت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، إلى أن فكرة هذا البحث بدأت بتوجيه من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكومة، بضرورة إجراء بحث وطني متكامل يرصد التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي تكبدها المجتمع المصري بفعل موجات التطرف والإرهاب التي مرت على مصر في الثلاثة عقود الأخيرة. وقد أوصى سيادته بأن تنشر نتائج البحث بشكل جماهيري وإعلامي، من أجل أن يساهم هذا البحث في تثقيف المواطن/ المواطنة المصرية بالثمن الفادح للتطرف والإرهاب على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وأن يساهم أيضًا في تنمية وعي المواطنين بتصورات وأساليب المواجهة الفكرية والمادية للتطرف والإرهاب بكل أشكاله، وأن هذا البحث المهم هو ثمرة تعاون أستمر ثمانية عشر شهرًا، بين وزارة التضامن الاجتماعي والمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

وثمنت وزيرة التضامن الاجتماعي الجهد المتميز لكل أعضاء المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية برئاسة د. خالد عكاشة مدير المركز على إنجاز هذا البحث، والهيئة العلمية المعتبرة للبحث برئاسة د. جمال عبد الجواد، وعضوية كل من سمير مرقص وعبد الفتاح الجبالي ود.هويدا عدلي وفؤاد السعيد ود. خالد حنفي. 

وأوضحت الدكتورة نيفين القباج، في كلمتها، أن هذا البحث قد تميز بعدة أمور أهمها أولًا: تناول قضايا التطرف والإرهاب من منظور شامل ومتعدد الأبعاد "الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية"، وثانيًا: رصد التكاليف الاقتصادية الباهظة التي تكبدتها الدولة المصرية جراء الهجمات الإرهابية، وانعكاسها بشكل مباشر على إهدار موارد الدولة البشرية والمادية، وبشكل غير مباشر على النمو والتنمية الاقتصادية من خلال التأثير التتابعي المضاعف، وثالثا رصد التكلفة الاجتماعية من خلال اعتماد المنهج العلمي وأدوات البحث الاجتماعي في رصد العلاقة بين الفقر "متعدد الأبعاد" والتهميش الاجتماعي من جهة، والتطرف والإرهاب من جهة أخرى. رابعا وضع استراتيجيات شاملة لمواجهة التطرف والإرهاب على أساس علمي موثق، وكذلك البناء على المبادرات التنموية الرئاسية والحكومية الراهنة.

وأوضح الدكتور جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ومدير المشروع، أن مشروع "تكلفة الإرهاب" ترعاه وزارة التضامن الاجتماعي وهو شيء غير معتاد في التقاليد العلمية والسياسية في بلادنا، إذ عادة ما يتم التحدث عن التطرف والإرهاب في هيئات محددة في مقدمتها المؤسسات الأمنية والدينية، لكن اهتمام وزارة التضامن بهذه القضية وبتكليف من الدولة المصرية، يعكس رؤية جديدة لهذا الأمر ليس كقضية جانبية معزولة وإنما كقضية تمس كافة جوانب الحياة، وتقع في القلب من التفاعلات في المجتمع سواء من حيث آثارها وتكلفتها، وأيضا الديناميات التي تخلق الإرهاب والآليات والسياسات الواجب اتباعها لمواجهة التطرف والإرهاب. 

وأكد أن دخول وزارة التضامن في هذا الملف، يعكس التحول المهم في فكر الدولة المصرية في التعامل مع هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة متعددة الجوانب، ويجب مواجهتها بشكل شمولي يتجاوز الأشكال التقليدية الضيقة التي جرت العادة على اتباعها في هذا الأمر، موضحًا أن المشروع بدأ بحالة عدم ارتياح للفهم الشائع الذي ينظر للإرهاب باعتباره قضية بسيطة وفي شكل علاقة خطية ترى أن مشكلات المجتمع تفرز الإرهاب، لكن عند النظر إلى العناصر المتورطة في الأعمال الإرهابية، لم يتأكد أنهم قادمون من الفئات الأقل حظًا في المجتمع، وهذا ما دفع فريق البحث إلى القول بأن هذه القضية أعمق بكثير من هذه الرؤية، إلا أن هذا لا يستبعد بالتأكيد أهمية العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تتعلق بالتهميش وغيرها.

فيما أشار سمير مرقص المفكر السياسي وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني ومحرر ورئيس فريق البحث السياسي للمشروع، إلى أن المشروع الذي استمر لأكثر من عام ونصف استطاع تقديم نموذج للتزاوج بين الإدارة وصانع القرار والعقول والمراكز البحثية وهذا نموذج مهم يجب تعميمه والعمل على انتشاره، مشيرًا إلى أنه عند دراسة الظاهرة الإرهابية من منظور سياسي غير نمطي يتضح أنها تركز على البعد المادي المتمثل في العمليات الإرهابية بصورتها المادية المباشرة، لكن من خلال العمل على المشروع اكتشفنا أنه من الأشياء المهمة التي يجب التركيز عليها أن العنف المادي يبدأ كفكرة ولا يمكن أن يكون هناك عنف مادي في المجتمع ما لم تكن هناك منظومة فكرية وقيمية توجه نحو هذا العنف. 

وأضاف أن تتبع المشروع لدورة حياة الإرهاب، ساعد على معرفة كيفية انتشار الأفكار المتشددة الدافعة للإرهاب المادي في الجسم الاجتماعي في المفاصل المختلفة للمجتمع، وكذلك التطرق إلى دراسة أثر الإرهاب الفكري على المجتمع المدني، وأثر الإرهاب على العلاقة بين مصر والعالم بأشكال مختلفة، بالإضافة إلى رصد فاتورة الإرهاب الفكري على العلاقات في مصر والمجالين السياسي والمدني.

وأوضح عبد الفتاح الجبالي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمدينة الإنتاج الإعلامي ومحرر ورئيس فريق البحث الاقتصادي للمشروع، أنه قد يبدو للوهلة الأولى أن التكلفة الاقتصادية يمكن حسابها فيما يتعلق بموضع التكلفة الاقتصادية لكن في حقيقة الأمر هناك صعوبات كثيرة في العمل وقياس تكلفة هذه الظاهرة لعدة أسباب، يأتي على رأسها صعوبة عزل متغير واحد من عدة متغيرات حدثت في الاقتصاد المصري على مدار فترة دراسة المشروع.

وأضاف أنه تمت دراسة عدة قطاعات، منها قطاع السياحة والإنفاق العام وأثره على عجز الموازنة العامة للدولة، وأثره على الاستثمارات والنمو، ثم التأثير على عجز الموازنة العامة للدولة ثم وضع فريق البحث نموذج لقياس كل هذه التكاليف بشكل كبير.

وقال الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة وعضو لجنة تقييم ومراجعة المشروع، أن المشروع يقدم فائدة نظرية ومنهجية لدراسة تكلفة ظاهرة الإرهاب، فعلى المستوى النظري يقدم إسهامًا نظريًا مصريًا متميزًا، وعلى المستوى البحثي حاول المشروع التركيز على كيفية دراسة تكلفة ظاهرة الإرهاب على أكثر من محور كقياس التكلفة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مبينًا أن المشروع لم يكتفٍ بتقديم دراسة كمية لتكلفة الإرهاب، وإنما تطرق إلى بعض الخبرات والتجارب الدولة ومنها حالة نيجيريا وباكستان من أجل معرفة كيف تم قياس تكلفة الإرهاب.

مؤكدا أن المشروع قدم نتائج يمكن من خلالها معرفة أن حجم تكلفة الإرهاب في مصر كانت كبيرة للغاية، وأن هذه التكلفة انتقصت من الخدمات التي يمكن تقديمها والدعم الذي يمكن تقديمه في قطاعات أخرى كالتعليم والصحة والإسكان، وتتطلب مكافحته جهودًا كثيرة تؤثر على جهود الدولة في مجالات أخرى وهذا أمر يرتبط بقضية الوعي. 

وأوضح الدكتور عبد المنعم السعيد، رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وعضو مجلس الشيوخ وأمين سر لجنة تقييم ومراجعة المشروع، أن الإرهاب مثله مثل كل الظواهر السياسية والاجتماعية الأخرى، يمكن أن يحكم فيها ويتابعها ويقدرها العلم الذي يعد السلاح الرئيسي للشعوب المتقدمة، وأن الجماعة العلمية المصرية بذلت جهودًا ليست قليلة في التعامل مع موضوع الإرهاب، موضحًا أن مشروع تكلفة الإرهاب هو بحث يرقى إلى كل البحوث في المستويات العالمية المناظرة.

مشيرا إلى أن قضية الإرهاب ذات طبيعة سيكولوجية لها علاقة بعلم النفس الاجتماعي وأمور كثيرة، تحتاج فحص الحالات فحصًا مباشرًا من خلال المقابلات والاستبيانات وغيرها، وتحتاج من الناحية العلمية إلى أن بناء جهاز للإنذار المبكر، إذ هناك الكثير من المعلومات في هذا البحث عن المناطق التي نشأ بها الإرهابيين، ودراسات حول العلميات الإرهابية وأين جرت.