رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا فرنسيس لضحايا الكونغو: لا للعنف والاستسلام نعم للمصالحة

كنيسة
كنيسة

استقبل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، في مقر السفارة بالكونغو، ضحايا العنف بشرق البلاد، وبعد أن استمع إلى شهادات عدد من الحاضرين.

وألقى البابا خطابًا شدد فيه على أهمية أن نقول لا للعنف ولا للاستسلام، وأن نقول نعم للمصالحة ونعم للرجاء.

قائلًا: «أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، شكرًا لكم. شكرًا لكم على هذه الشّهادات. يَصدُمُنا العنف اللاإنساني الذي رأيتموه بعيونكم وعانيتم منه في أجسادكم. لا توجد كلمات نقولها. إلّا البكاء، والتزام الصّمت. هناك أماكن لم تذكرها وسائل الإعلام الدّوليّة قط: هنا وفي أماكن أخرى، إخوتنا وأخواتنا، أبناء الإنسانيّة نفسها، يؤخذون رهائنَ لاستبداد الأقوى، الذين في أيديهم أكثر الأسلحة قوّةً، والتي يستمر انتشارها. قلبي اليوم في شرق هذا البلد الشّاسع الذي لن ينعم بالسّلام حتّى يبلغ السّلام هناك في شطره الشّرقيّ».

وتابع البابا فرنسيس خلال كلمته لضحايا العنف بالكونغو قائلاً: "إليكم، سكان الشّرق الأعزّاء، أريد أن أقول: أنا قريب منكم. دموعكم دموعي، وألَمكم هو ألَمي. إلى كلّ عائلة في حِدادٍ وحزن أو حالة تشريد بسبب قُرًى أُحرِقَت وجرائم حرب أخرى، وإلى النّاجين من العنف الجنسيّ، وإلى كلّ طفل وبالغ مجروح، أقول: أنا معكم، أودّ أن أحمل إليكم حنان الله. نظرته الحنونة والرّحيمة تستقر عليكم. بينما أهل العنف يعاملونكم كأشياء، الأب الذي في السّموات يرى كرامتكم ويقول لكلّ واحد منكم: "إذ قد صِرتَ كَريمًا في عَينَيَّ، ومَجيدًا فإِنِّي أَحبَبتُكَ" (أشعيا 43، 4). أيّها الإخوة والأخوات، الكنيسة كانت وستبقى دائمًا إلى جانبكم. الله يحبّكم ولن ينساكم، ولا النّاس ينسونكم!".
واستكمل: "باسمه، ومع الضّحايا والملتزمين بالسّلام والعدل والأخوّة، أُندِّد بأعمال العنف المسلّح، والمجازر، والاغتصاب، وتدمير القرى واحتلالها، ونهب الحقول والماشية، كلّها أعمال لا تزال مستمّرة في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة. وكذلك الاستغلال المصبوغ بالدّم، وغير المشروع لثروة هذا البلد، وكذلك محاولات تفتيته للسيطرة عليه. وإنّه ليملأ الإنسان سخطًا حين يعرف أنّ انعدام الأمن والعنف والحرب التي تضرب أناسًا كثيرين بصورة مأساويّة لا تغذيها بصورة مخجلة قوى خارجيّة فقط، بل قوى داخليّة أيضًا للحصول على مصالح وفوائد. إنّي أتوجّه إلى الآب الذي في السّموات، الذي يريدنا جميعًا، أن نكون إخوةً وأخواتٍ، على الأرض: وأحني أمامه رأسي بتواضع، وبالألم في قلبي، وأسأله المغفرة عن عنف الإنسان ضد الإنسان. أيّها الآب، ارحمنا. امنح العزاء للضّحايا".
وتابع قائلًا: «إنّها صراعات تَجبُر ملايين الأشخاص على ترك بيوتهم، وتتسبّب في انتهاكات خطيرة جدًا لحقوق الإنسان، وتفكّك النّسيج الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وتسبّب جراحًا يصعب التآمها. وهي صراعات بين أطراف تتشابك فيها دوافع إثنية، وإقليميّة، وبعض الجماعات، صراعات لها صلة بملكيّة الأرض، مع غياب المؤسسات أو ضعفها، ويتغلغل فيها التّجديف الذي هو استخدام العنف باسم إله مزيّف. لكنّها، خصوصًا، الحرب التي يؤججها جشع لا يشبع للمواد الخام والمال، في خدمة اقتصاد مسلّح، يتطلّب عدم الاستقرار والفساد. يا له من شكّ وعثرة، ويا له من نفاق: الناس يُنتهَكون ويُقتَلون، بينما التّجارة التي تسبّب العنف والموت تستمّر في الازدهار!.
وناشد كلّ الأشخاص، وإلى جميع الهيئات، الداخليّة والخارجيّة، التي في يدها خيوط الحرب في جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، لينهبوها ويعذِّبوها ويزعزعوا استقرارها. أنتم تغتنون باستغلال غير مشروع لخيرات هذا البلد غناكم من دماء الضّحايا البريئة. أصغوا إلى صراخ دمائهم (راجع تكوين 4، 10)، وأصغوا إلى صوت الله الذي يدعوكم إلى التّوبة، وإلى صوت ضميركم: أسكتوا أسلحتكم، وأوقفوا الحرب، توقّفوا عن الثّراء على حساب الأضعفين، وتوقّفوا عن الثّراء بالموارد والأموال الملطّخة بالدّماء.