رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل أن ينتهى معرض الكتاب

كل دورة من دورات المعرض، معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحمل جديدا بالبداهة، جديدا مفهوما في الإصدارات والفعاليات والضيوف والنواحي التنظيمية، لكنها تحمل تكرارا مملا أيضا فيما يخص الشخصيات ومقدمي الندوات والنسيان الذي يجري، غفلة أو عمدا، لعدد كثير من المبدعين بطول الوطن وعرضه..
الأمنية أولا، في هذه الدورة الرابعة والخمسين من دورات المعرض، أن تمر الأيام بسلام، وأن يحقق الناشرون أرباحا مقبولة، في ظل ارتفاع الأسعار، ومن بينها أسعار الطباعة بالتأكيد، وأن يصنع الشعراء والكتاب رواجا مثمرا لأعمالهم، وأن تستفيد الحشود الحريصة على الحضور، والتي تخصص ميزانية من المصروفات الأساسية لبيوتها كي تتمكن من الذهاب والشراء وتقضية وقت لا يعكر صفوه فراغ الجيوب.
الدورة الحالية ترفع اسم صلاح جاهين، قطب العامية المصرية الكبير، عاليا ليكون رمزها المضيء، ولا أدري كيف لا يستوعب الأساتذة الجامعيون، الذين ما يزالون يحرمون تدريس العامية المصرية للطلاب، أن الدولة تعترف بهذا اللون الشعري اعترافا كاملا، كمثل الفصحى بالضبط، فيظلون مصرين على عدم الاعتراف به، بل يظلون، خصوصا في كليات اللغة العربية، يعتبرونه لونا ساقطا من الشعر، هكذا للأسف، لا ينبغي للفصحاء أن يبيعوا به ضمائرهم اللغوية، كما نسمع بعضهم يقول بمنتهى الصلف والجمود!
من جهة ثانية، أتعجب من قادة المعرض الموقرين أنفسهم، وإن لم يفتني أن أثني على جهودهم، إحقاقا للحق، أتعجب من تراخيهم في إحصاء الخطأ السابق لضمان عدم حدوثه مرة أخرى، كضبط الإجراءات الأمنية ومنعها من التعسف مع الزائرين، وكمحاولات تخفيف الزحام وتيسير المرور بأساليب علمية راقية، وكتحجيم الشخصيات المحفوظة المتحدثة عن تجارب أقلامها.. وكذلك أتعجب من عدم اعتمادهم مكافأة للوافدين من الأقاليم البعيدة بالذات، بالاتفاق مع هيئات معتبرة كهيئة قصور الثقافة مثلا، مكافأة قدر وسائل الانتقال، لا تجعل المسافر البعيد الآتي رسميا يتجشم معاناة طول الطريق مع معاناة تكاليفه المادية!
يتساءل الأصدقاء المثقفون: ألا يوجد سوى فلان وفلانة لإدارة هذه الأصبوحة
الأدبية أو تلك الأمسية الشعرية؟ يتساءلون باستمرار، ولا مجيب لتساؤلهم المشروع الذي يعكس ذهولا من فقر بشري مزعوم أنهك حال ثقافتنا، والواقع أن الأسماء القادرة على إدارة ما ذكرت وافرة، وإن دعاها الداعون إلى العمل بدأته في حينه..
يتساءلون أيضا، بحسرة صادقة، أين مضى الشاعر الفلاني فلم يعد أحد يسمع صوته القوي الصداح؟ وأين ذهبت الأديبة الفلانية فغاب نورها عن الإشراق؟ ولا يتلقون جوابا بالمثل، والمزعج أنهم يرون شاعرا بائسا في الصدارة وأديبة متوسطة المستوى في المقدمة!
في الختام، كلها أشياء بسيطة، لكنها، للأمانة، مريبة ومقلقة، إنما يسهل علاجها بشيء من التركيز والإخلاص، يمكن إضافة مشكلات أخرى من المهم تناولها طبعا، والهدف أن نصل إلى نسخة معرضية ممتازة ضئيلة العيوب.