رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود الشريف: ألبير كامو كان شاهدا على عصر التحولات الكبرى

كامو
كامو

يحتفي العالم بالذكرى الـ 63 لرحيل الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو، والذي يعد واحدًا من أبرز كتاب وفلاسفة العصر الحديث بما قدمه من أعمال  في مجالى الفلسفة والرواية، عن ألبير كامو المتمرد والعابث والغريب.

يقول الناقد والأكاديمي الدكتورمحمود فرج الشريف: حقيقة الحياة وإلى أين مآلها، هي مفصل فلسفة ألبير كامو الوجودية والتي تمرد عليها ورفض الانتساب إليها على الرغم من أسطورة سيزيف التي كتبها وتجسد فيها معنى الوجودية؛ وصراع الإنسان وعذابه مع الحياة دون طائل.


ويلفت إلى أن "كامو بمجازاته التي اعتمد عليها في رواياته التي كتبها في الجزائر أو في فرنسا لا تعتمد على المعاني الحرفية للأشياء، فهو يرى أن الإنسان في جوهره مخلوق ذكي لذا وجب عليه ألا يتوقف عن التساؤلات الجوهرية والتفكير لكي يصل إلى الحقيقة الكامنة وراء الحياة وإن توقف عن التساؤلات فهو انتحار من وجهة نظره، وهذه الأفكار وظفها بشكل كبير في رواية السقوط والإنسان المتمرد والغريب وغيرها.

عصر التحولات

وأشار “الشريف” إلى أن "يعد كامو شاهدا على عصر حدثت فيه تحولات أيدولوجية كثيرة، فنشأته في الجزائر من أب فرنسي وأم إسبانية صماء في أسرة بسيطة، ومن ثم وجوده في فرنسا واحتلالها من قبل ألمانيا وبدايات الثورة الصناعية، وعلى الرغم من معايشته لفرنسا كدولة مستعمِرة وكذلك كدولة مستعمَرة إلا أنه لم يؤمن بحرية الجزائر في استقلالها عن فرنسا لغياب الأيدولوجية الجغرافية لديه.

وأكد الشريف أن “كامو عارض الفلسفة المنهجية، حيث لم يكن لديه إيمان بالعقلانية، وكما ذكرنا آنفا فقد استخدم التصوير المجازي لعرض مشاكل الحياة؛ لذلك انشغل بالتجربة المباشرة والشخصية الإنسانية المتسائلة”.

وأوضح الشريف "بقراءة نتاجه الإبداعي نجد مثلا: نص الغريب الذي يبين بيئته الجغرافية حيث نشأ مساره السردي، فنرى في هذه الرواية شكلا تطهيريا للتجربة التاريخية تماما مثل أعمال جورج أورويل في إنجلترا، فإن أسلوب كامو الواضح ثم وصفه البسيط للأوضاع المجتمعية، يخفيان تناقضات عن تعقد مريع، وتغدو مستعصية على الحل، فإننا نجعل من وفائه للجزائر الفرنسية رمزا للوضع البشري، شَكَّل ذلك أساس شهرته الاجتماعية والأدبية. مع ذلك، لم يتوقف مسار آخر عن الوجود أكثر صعوبة وتحريضا يتعلق بمحاكمة ثم رفض الحجز الإقليمي وكذا السيادة السياسية لفرنسا. 

رواية الطاعون

وقال الشريف: "أما رواية الطاعون، فقد انصبت على أموات عرب، حيث يسلط الضوء على مشكلات الوعي وكذا تأملات عن شخصيات فرنسية، يعرضها في إطار يقنع به القارئ بفكرته التي تحول دون توجيه نظرة متسامحة نحو القومية الجزائرية، من الواضح أن حدود كامو كانت مزعجة، وغير مقبولة.

وتابع الشريف "قد تأثر كامو في روايتيه الطاعون والمتمرد بروايتي: "أدولف” لبنجامين كونستانت’ ثم “ثلاث حكايات” لغوستاف فلوبير، إلا أن إطارهما الجزائري يظهر طارئا، دون صلة مع القضايا الأخلاقية الفظيعة التي تطرحها. بعد مايقارب من نصف قرن على إصدارها، فقد قرئت كصور عن الوضع البشري.

مهمتي ليست أن أغير العالم

ولفت إلى أن "من أقواله التي تجسد فكره ونظرته العبثية المتمردة للحياه قوله: لا أبغض العالم الذي أعيش فيه ولكن أشعر بأنني متضامن مع الذين يتعذبون فيه.. إن مهمتي ليست أن أغير العالم، فأنا لم أعط من الفضائل ما يسمح لي ببلوغ هذه الغاية، ولكننى أحاول أن أدافع عن بعض القيم، التي بدونها تصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها ويصبح الإنسان غير جدير بالاحترام».

وأشار إلى أن "بتحليل فكر كامو الإبداعي الذي صاغه في أعماله يمكننا التأكيد على أن نشأته في الجزائر ومعاناته ثم انتقاله إلى فرنسا ومعاناته من الاحتلال الألماني وصلته بالفيلسوف جان بول سارتر ومشاركته له في إصدار صحيفة الكفاح؛ فضلا عن إصابته بالسل وهو صغير ، كل هذا وأكثر أثر في كامو أيدولوجيا مما جعله يثور على الدين والعلموية والحداثة وعصر التنوير والفكر الماركسي حيث يرى أن الدين وغيره يجيب عن أسئلته بأجوبة بسيطة تحول دون تفكير الإنسان مما يدفع الإنسان إلى الانتحار، ويرى أن الإنسان طالما يتمرد على الحياة والواقع إذن فهو موجود وإلا فهو في عداد الموتى.

واختتم الشريف “كانت مسرحياته ورواياته عرضا أمينا لفلسفته في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية، وكانت فلسفته تعايش عصرها، وأهلته لجائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء، ومازال كامو من وجهة نظري لم يقرأ جيدا”.