رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القاهرة.. صوت وصورة ورؤية (1-3)

مع موسم الحديث السنوي المعتاد في نهاية كل عام لتقييم الأعمال و المواقف بل و حتى البشر ، الأكثر تأثيرا خلال العام المنقضي ، وجدت أن هذا هو التوقيت المناسب للحديث عن "قناة القاهرة الإخبارية " التي انطلقت مطلع نوفمبر الماضي . إذ كنت قد تعمدت التمهل إزاء اتخاذ خطوة الكتابة حول قناة "القاهرة الإخبارية " الجديدة تحريا للدقة و خوفا من الإنزلاق إلى هاوية الانحياز سواء بالمدح أو القدح . فتقييم أي أداء مهني لابد أن ينتهج الموضوعية و الحيادية أسلوبا . و لهذا قررت أن أمنح نفسي مهلة للمتابعة على فترات مختلفة من يوم الإرسال و لعدة أيام متفرقة و متباعدة لأخرج بانطباع مهني . و لمّا انقضت مدة زمنية تسمح لنا بالحكم بعد المشاهدة ، و التقييم بعد المتابعة  قررت الإقدام على الكتابة ، في إطار حديث الجميع عن تقييم إنجازات عام مضى .   
      قبل أن تنطلق القناة فعليا ومع انتشار حملة الترويج لها و لتردداتها على القمر المصري سألت نفسي هل نحن في حاجة حقيقية لقناة تليفزيونية إخبارية جديدة ؟ - فوجدتني أجيب تلقائيا: نعم نحن في أمّس الحاجة إلى قناة إخبارية متميزة . إن دولة بحجم مصر و تاريخها الإعلامي الطويل و المشرف لابد لها أن تمتلك أذرعا إعلامية قادرة على التعبير عن الموقف الوطني في مختلف القضايا . و قد انتبهت مصر مبكرا لهذا فأطلقت إذاعة صوت العرب في عصر كانت الإذاعة فيه هي سيدة الموقف ، و قبلها كانت الصحافة ، و بعدهما جاءت الفضائية المصرية ثم قنوات النيل المتخصصة برئاسة المؤسس حسن حامد والتي كانت قناة النيل للأخبار في صدارتها منذ انطلاقها في السادس من أكتوبر عام 1998 بجهود نخبة من الشباب في حينها و بإدارة رائعة من الإعلامية سميحة دحروج .
     علامات بارزة صنعها الإعلام المصري على مدار تاريخه الممتد و الناجح تاريخيا بدليل تميز البدايات و قوة التأثير . و لكن جرت مياه كثيرة امتدت لعقود طويلة انتهت بتراجع العديد من تلك المنصات . لعل أبرز أسباب التعثر هو ما تستلزمه تلك المنصات من تمويل ضخم متاح بسفه للمنافسين الجدد ، في حين انشغلت الدولة المصرية مضطرة بتوجيه مواردها لمتطلبات أخرى فرضتها الضرورة . أما و قد آن الأوان لندرك أهمية أن يكون لنا صوت مسموع قوي هادر قادر على الوصول للجمهور المستهدف في الخارج و الداخل ، فليس أقل من  منصة تعمل وفق القواعد المهنية و أن يكون الإنفاق عليها بسخاء و في موضعه . 
   و جاءت " القاهرة الإخبارية " . و من البداية خطفني اسم القناة ، فالقاهرة هو اسم الإذاعة التي أتشرف بإدارتها حاليا و إن كانت محلية التوجه و الجمهور المستهدف . ثم لفت انتباهي شعار القناة " القاهرة .. عاصمة الخبر " . إذن فهذا هو الهدف تمت صياغته في عبارة رشيقة موجزة ليكون في بؤرة اهتمام فريق العمل بدءا من النابه أحمد الطاهري رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة و صاحب رؤية تأسيس القناة ، مرورا بكل القيادات و الكوادر العاملة معه و حتى أصغر شاب يتعامل مع القناة تحت التمرين .
     تابعت بروموهات القناة الترويجية قبيل و بعد الانطلاق فوجدتها تخاطب الجمهور العربي كله بأصوات قوية مؤثرة و بكتابة دقيقة معبرة و بصورة نقية واضحة و بلقطات مختارة لأبرز معالم العواصم العربية . و لكوني من المحسوبين على العمل الإذاعي فإنني أتابع بأذنيّ قبل العينين ، فبهما يكون تقييمي المبدئي للأشياء . فإما قبلت المعروض لأتابع بكل حواسي بعد ذلك ، و إما كان الانصراف بلا استئذان . 
    مكثت أمام الشاشة متابعا أصوات مذيعي القناة . فإذا بها أصوات عربية مبينة ، تنطق بالفصحى فتزيدك محبة للغتك الأم و تحرضك على التمتع بالنطق بها . و كان البرومو الذي يشدو فيه محمد عبد الرحمن بمقاطع مختارة بعناية من الأناشيد الوطنية للدول العربية هو الأكثر تأثيرا في وجداني من حيث الفكرة و الأداء و روعة التنفيذ .
   و ليس عبد الرحمن وحده هو النجم في هذه القناة الوليدة فهناك أصوات أخرى شديدة التميز اكتسبت من الخبرات ما يجعلها إضافة حقيقية للمنظومة تحسب لمن استطاع استقطابهم . و في شهادة تميز لأبناء ماسبيرو تمت الاستعانة بنحو 40 % من مذيعي القناة من خبرات قطاعات الإذاعة و الأخبار و قطاع الهندسة في المبنى العريق . فهذا ياسر رشدي نجم إذاعة الشرق الأوسط ثم النيل للأخبار فالغد العربي ، و هذه رصينة الأداء أميمة تمام و معها دينا سالم ابنتا قطاع الأخبار بماسبيرو، و معهم " المراقب " أحمد بشتو بعد رحلة نجاح خارج مصر ، و هذا تامر حنفي  صاحب الظهور الأول في البث الرسمي للقناة ، و هذه رغدة مسعد أبو ليلة وريثة التميز من والدها القدير ، علاوة على ابن الصعيد صاحب اللكنة المميزة حساني بشير ، و هذا أيضا كمال ماضي الذي زاملته قبل سنوات في قناة الحياة .