رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كنت أقرأ فى التروماى».. طقوس يحيى حقى فى الكتابة

يحيي حقي
يحيي حقي

كشف الكاتب الصحفي إبراهيم عبدالعزيز لـ"الدستور" عن حوار لم ينشر مع الكاتب الكبير يحيى حقي.

وفي جزء من الحوار وصف يحيى حقي طريقته في الكتابة، قائلًا: "إذا كان للإنسان نظام معين فى الأكل والشرب، فالقراءة لا تحتاج لنظام، إنما تحتاج إلى شوق وتطلع للقراءة، فكنت أقرأ فى كل الأوقات حتى وأنا راكب تروماي، طيارة، يمكن وأنا ماشي في الشارع أقرأ الإعلانات، أقرأ كل ما يمكن قراءته، وهذا نوع من الابتلاء، ولا تسأل عما حدث لعيني التى لم أعد أستطيع القراءة بها".

ويضيف: "أما بالنسبة للكتابة فهي مرحلة تسبقها مراحل، أولًا الإنسان يكون له مزاج، ويكون له حصيلة من التجارب، ومن تفاعلهما، فجأة ينبت له فى ذهنه فكرة يعتقد أنها قصة، هذه الفكرة مثل الشرارة، بعد شوية ترتسم فى ضميره لوحة يعرفها جيدًا، ويعرف أقل نقطة فيها، ويقول سأرسمها، هنا يجلس ويكتب أول كلمة، وأول كلمة في القصة مهمة جدًا، ويبدأ يشتغل زي واحد نجار أعطيته خشبة عادية مكعبة، وقلت له اعمل لي عمود ترابزين سلم، فيقطع حتة من هنا وحتة من هنا لكي يصل للشكل النهائي المطلوب، وهذا يأتي بالعمل والتجربة، جملة، جملة، بحيث الجملة التانية تكون تابعًا اضطراريًا حتميًا من الجملة الأولى، مثلما تفصص حبة فول تضغط تطلع، فلازم الجملة لها ضغط بحيث الجملة الأخرى لازم تطلع كنتيجة طبيعية للأولى، مفيش فرق، ولذلك يتصف الأسلوب بالسلاسة وبالتتابع بحيث إن الواحد كأنه راكب "قبقاب عجل" على طريق مسفلت، لذا أقول إن أكبر مطمح للكاتب أن يقول له القارئ: "لا أحس وأنا أقرأك أنني أقرأ"– ولي مطمح آخر: ألا يبقى فى اللغة العربية لفظ لم أكتبه بقلمي.

وعن كيف يتغلب الإنسان على ما ينتابه من يأس وإحباط يقول حقي: "لا داعي للشعور باليأس والإحباط والمستقبل المظلم، والذى يهدم ليس معولًا واحدًا بل فى الحياة معاول كثيرة صغيرة، يجب ألا نسمح لنا بتحطيمها بأن نفتح لها باب اليأس والإحباط، وأن يتأمل الإنسان نفسه ويشعر بمقدراته وهي الإرادة، وأن يكون صاحب إرادة ولو فى قوله: لن أشرب سجائر من بكره، أو سأتعلم لغة جديدة، أو سأقرأ كتاب كذا، عايز أي شاب يمسك مشروع بسيط جدًا أعده واختطه لنفسه ويصمم على تنفيذه، ويثبت لنفسه إنه نجح، فهذا النجاح سيثبت إيمانه بإرادته، وينقله من عزم إلى عزم حتى يشق طريقه فى الحياة.

أما عن الكاتب الكبير يحيي حقي فتحل اليوم ذكرى رحيله، حيث ولد في 17 يناير 1905م، وتوفي في 9 ديسمبر 1992، وهو كاتب وروائي مصري، ورائد من رواد القصة القصيرة، ولد في القاهرة لأسرة ذات جذور تركية، درس الحقوق وعمل بالمحاماة والسلك الدبلوماسي والعمل الصحفي. يعتبر علامة بارزة في تاريخ الأدب والسينما ويعد من كبار الأدباء المصريين. في مجاله الأدبي نشر أربع مجموعات من القصص القصيرة، ومن أشهر رواياته قنديل أم هاشم، وكتب العديد من المقالات والقصص القصيرة الأخرى.