رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يوقف تصنيف روسيا دولة داعمة للإرهاب الحرب فى أوكرانيا؟

اجتاحت القوات الروسية
اجتاحت القوات الروسية جارتها أوكرانيا مطلع العام الجاري

لا تمثل خطوة البرلمان الأوروبي تصنيف روسيا دولة إرهابية خطورة كبيرة أو حرج على الكرملين، في وقت يراهن الروس على حدوث انقسامات في الصف الأوروبي، بعد معاناة الشعوب الأوروبية أوضاعا اقتصادية صعبة وغياب للرفاهية، في ظل إنفاق حكوماتها مبالغ كبيرة لمساندة أوكرانيا في الحرب الدائرة منذ مطلع العام الجاري، حسبما يرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ"الدستور".

وأعلن البرلمان الأوروبي، اليوم الأربعاء، تصنيف، روسيا أنها دولة راعية للإرهاب، بسبب هجومها على أوكرانيا، داعيا دول الاتحاد الأوروبي الـ27 إلى أن تحذو حذوه، معتبرا أن الضربات العسكرية التي تنفذها موسكو على أهداف مدنية مثل البنية التحتية للطاقة ومستشفيات ومدارس وملاجئ في أوكرانيا تنتهك القانون الدولي.

ارتدادات الأزمة

واستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي، إقدام دول أوروبا على تصنيف روسيا بأنها دولة راعية للإرهاب، مشيرا إلى أن البرلمان الاوروبي ساحة لكثير من السياسات، والأوروبيون منقسمون بصورة كبيرة بين أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية، ودول شرق أوروبا لا تريد أن تطبق كامل العقوبات، وفي نفس الوقت للحذر في التعامل مع الحالة الروسية تخوفا من ارتدادات هذه الأزمة التي طالت.

اقرأ أيضا: محلل سياسي روسي يوضح سبب عدم حضور بوتين قمة العشرين

وأضاف فهمي في تصريحات أدلى بها لـ "الدستور"، أن هناك أصواتا الآن داخل الاتحاد الأوروبي تريد الذهاب نحو وقف العمليات وبدء تفاهمات سياسية وأمنية، لافتا إلى أن الرد الروسي على قرار البرلمان الأوروبي لن يكون موجعا؛ فالروس واقعيون ويتعاملون في دائرة محددة ومباشرة في هذا الإطار، وليس لديهم أي مشكلة في التعامل، ويراهنون على إحداث مزيد من الانقسام في الدائرة الأوروبية.

الدكتور طارق فهمي

ونص القرار، الذي أقر في ستراسبورج، أمس، بأغلبية، وفقا لوصف النواب الأوروبيون، أن روسيا بانها دولة راعية للإرهاب، كما تستخدم وسائل إرهابية، وفقا لما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

ونقلت وكالة الأنباء "رويترز"، أن هذه الخطوة رمزية إلى حد كبير، إذ ليس لدى الاتحاد الأوروبي إطار عمل قانوني يدعم ذلك. وفي ذات الوقت فرض التكتل عقوبات غير مسبوقة على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في حالة انقسام كبيرة، والإدارة الأمريكية تواجه هذه الحالة بمزيد من محاولة تصدير الأزمة، لأن أوروبا وألمانيا وفرنسا باتت على مقربة من اتخاذ مواقف مباشرة لرفض الاستمرار في هذا الخط، وباريس دعت أكثر من مرة للتعامل مع الحالة الروسية في إطارها. 

الرهان الروسي

وتابع بقوله: الروس ليس لديهم بدائل كثيرة، لكن رهانهم الرئيسي على مزيد من الانقسامات ومزيد من التباينات في الرؤى والتجاذبات مع الدول الأوروبية، وبالتالي إحداث انشقاق وانقسام في الموقف الموقف الأوروبي.

اقرأ أيضا: النووي الروسي يعود للواجهة.. هل اقتربت حرب الدمار الشامل؟

وأوضح فهمي، أن العالم أمام سيناريوهين، أولها تصنيف روسية دولة إرهابية لايفيد كثيرا، وليس له إلا دلالات رمزية أكثر منها واقعية، وهذا أمر مهم سيفتح نقاشات داخل دول الاتحاد الأوروبي، بينما وروسيا ماضية في إطارها في تطوير وتنمية علاقاتها برغم منظومات العقوبات المفروضة. 

واستطرد: السيناريو الثاني هو أن تتخذ إجراءات في مسار ما يعرف بعناصر الأزمة وبناء تفاهمات جديدة، مع الإدراك الروسي بأن خطوة البرلمان الأوروبي شكلية رمزية، لكن لها دلالات في التعاملات الدولية. 

ترحيب أوكراني

من جانبه رحب الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى، بقرار «البرلمان الأوروبى تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، مضيفا أنه يتعين عزل روسيا على جميع المستويات ومساءلتها لوضع حد لسياستها الإرهابية الطويلة الأمد.

الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي

وفى وقت سابق، كانت قد أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أنّ إعلان روسيا دولة راعية للإرهاب يتناقض بشكلٍ صارخ والقانون الدولي، ونقل موقع "روسيا اليوم"، أن قرارات البرلمان الأوروبي لا تتمتع بأي قوة قانونية، وتحمل فقط طبيعة استشارية، ومع ذلك يتم استخدامها على نطاق واسع في وسائل الإعلام والبيئة السياسية للاتحاد الأوروبي لتعزيز ونشر مواقف سياسة معينة.

كما رفض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إدراج روسيا في تلك القائمة، وفى الوقت نفسه كان هناك أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمجلس الشيوخ الأمريكي قدموا مشروع قانون، لتصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، في خطوة تطالب بها أوكرانيا، لكنها تصطدم بمعارضة إدارة الرئيس جو بايدن.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن بلاده مستعدة لزيادة صادراتها من الأسمدة، خاصة أن الأسواق العالمية هي الأكثر تضرراً بسبب العراقيل المصطنعة، ضد صادرات موسكو، واصفا فرض القيود من قبل الدول الغربية على النقل المجاني للأسمدة الروسية وكذلك المساعدات التي تحتاجها الدول الأفريقية بأنه أمر غير مقبول.

اقرأ أيضا: موقف جديد يتبلور فى الكونجرس الأمريكى.. متى تتوقف حرب أوكرانيا؟

من ناحيته، قال أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عايد المناع، إنه ليس مستغربا أن يصف البرلمان الأوروبي روسيا بأنها دولة راعية للإرهاب؛ فهذا البرلمان وحكوماته منحازة ضد روسيا بالأساس، وتساند حكومة أوكرانيا وتزودها بالمال والسلاح على الطريقة الأمريكية أيضا. 

وأضاف المناع في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور": هذا أمر متوقع بأن يكون هناك نوع من الضغط السياسي على روسيا من خلال مثل هذه الاتهامات، متابعا: لكن اعتقد أنها لن تذهب أبعد من هذا الحد.

الدكتور عايد المناع

وأشار إلى أن ما تقدمه الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية من دعم لأوكرانيا هو محاولة لاستمرار استنزاف موسكو في حرب يأمل هؤلاء بأن تؤدي إلى تفكيك روسيا أو على الأقل إضعافها وهزيمتها.

غياب الرفاهية

وتوقع المناع أن الأوروبيين لن يذهبوا لأكثر من ذلك، خصوصا أن الشعوب الأوروبية ملت من كثرة هذا الكلام، والإنفاق على حرب لا طائل منها على حساب رفاهية المعيشة التي كانوا يتمتعون بها قبل اندلاع هذه الحرب.

وأدت الحروب الروسية الأوكرانية التي اندلعت مطلع العام الجاري، إلى خسائر اقتصادية كبرى في مختلف دول العالم، كما أثرت على إمدادات الغذاء والطاقة، خصوصا الدول التي تستورد القمح والنفاط، فيما يتمسك كل طرف بحقه في اتخاذ ما يراه مناسبا للحفاظ على أمنه القومي، وسط دعوات دولية للذهاب إلى التفاوض وإنهاء الحرب عبر الوصول لتسوية سلمية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.