رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ الأزهر: سيأتى يوم قريب تستعيد فيه علاقات الشرق والغرب صحتها وعافيتها

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

أعرب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن خالص شكره وتقديره للملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وتقديره لدعوة فضيلته لزيارة مملكة البحرين العزيزة، والمُشاركةِ في مُلْتقَى الشَّرق والغرب من أجلِ التعايش الإنساني.

ووصف شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين خلال كلمته في ختام ملتقى البحرين للحوار بحضور ملك البحرين وبابا الفاتيكان، بالملتقى التاريخي لما يضمُّه من قاماتٍ كُبرى من العُلماءِ والحكماءِ وقادَة الفِكْر، وكبار السِّياسيِّينَ والإعلاميِّينَ وغيرهم من شَرْقِ البلادِ وغربِها. 

 واستبشر شيخ الأزهر بما يحدث حاليا من تقارب بين شعوب الشرق والغرب وقال إنه لا ينبغي أن نيأسَ من أنْ يأتيَ يوم قريب تستعيدُ فيه علاقات الشَّرق والغرب صِحَّتها وعافيتها، لتُصبح علاقةَ تكامُلٍ وتعاون مُتبادَل، بعدما تقاربتْ المسافات وتَلاشَت الحدود، ولم يَعُدْ أيٌّ من الغربِ والشَّرقِ بمعزلٍ عن الآخر، كما كان في القرنِ الماضي

- التاريخ سيتوقف عند الملتقى ليُسجِّل كلماته وتوصياته بأحْرُفٍ من نورٍ

 وأضاف وهو-كذلك- مُلْتقً يَسْتحِقُّ أنْ يتوقَّفَ التاريخ عنده ليُسجِّل كلماته وتوصياته بأحْرُفٍ من نورٍ؛ فهو صوتٌ ينبعث من البحرين هذا البلد العريق، صاحب الميراث التَّليد في الجنوح إلى السَّلام والتسامُح وتعايُش الحضارات والثقافات وحواراتها، وتحويل ما يُلائم منها إلى مصدرِ طاقةٍ خلَّاقةٍ ومُبْدِعةٍ تَصُبُّ في اتِّجاهِ الاستقرارِ المجتمعيِّ، والتطوُّر الاجتماعي البَنَّاء.

وأضاف شيخ الأزهر أنه ليست هناك حاجة لتكرار أحاديثَ الصِّراع الذي تعيشُه الإنسانيَّة اليومَ في الشَّرقِ والغَرب، ولا وَصْفَ ثَمَراتِه المُرَّة التي يَجنيها إنسانُ القَرْنِ الحادي والعشرين: حروبًا ودماءً وتدميرًا وفقرًا، بل ثُكلًا ويُتْمًا وتَرمُّلًا وتَشْريدًا، ورُعبًا من مُستقبلٍ مجهولٍ، غير أنَّ من المهم الإشارةَ إلى أنَّ سببَ هذه المآسي هو غياب ضابط العدالة الدوليَّة الذي وضَعَه الله قانونًا لاستقرارِ المجتمعات، وتحقيقِ توازن الإنسان: جَسَدًا ورُوحًا على هذه الأرض، وإلَّا تحوَّلت المجتمعات الإنسانيَّة إلى ما يُشبه مجتمعات الغاب والأحراش، دَعْ عنكَ ضحايا الحروب التي يَصْنعُها اقتصاد السُّوق واحتكارُ الثَّروات، وجشعُ التَّمَلُّكِ والاستهلاك، وتجارةُ الأسلحة الثقيلة والفتَّاكة وتصديرُها إلى بلدانِ العالم الثالث، وما يَلزَمُ ترويجها من تصديرٍ للنِّزاعِ الطَّائفيِّ والمذْهَبيِّ، وتشجيعٍ للفتنةِ والنِّزاعِ، وزعزعةِ الاستقرار.

- نظريات صِراع الحضارات ونهاية التاريخ تمكن لاستعمارٍ حديث لا نعرف قوادمه من خوافيه

وتابع شيخ الأزهر أنَّ السِّياساتِ التي تُثْمر هذه المآسي أصبحت تدعمُها نظرياتٌ فلسفيَّةٌ نزلَتْ إلى واقع المجتمعات الغربيَّة، وحكمت تصوُّرات الدول الكُبرى في علاقاتها الدوليَّة مع الشعوب النَّامية والفقيرة، وتأتي في مُقدِّمةِ هذه النَّظريات نظريَّةُ صِراع الحضارات، ونظريةُ نهاية التاريخ، ونظريةُ العولمة، وكلُّها نظرياتٌ استعلائية تُمهِّد لميلادِ نظامٍ عالميٍّ جديدٍ، وتُمكِّنُ لاستعمارٍ حديث لا نعرف قوادمه من خوافيه، ومنذُ أيَّامٍ قليلةٍ فقط سمعنا تصريحات لأحد كبار المسئولين الغربيِّين يقولُ فيها ما معناه: إنَّ أوروبا حديقة غنَّاء، والعالـَم من حولها أدغال وأحراش، ومثلُ هذه التصريحات غير المدروسة إنْ دلَّت على شيءٍ فإنَّما تدلُّ على جهلٍ واضحٍ بحضاراتِ الشَّرقِ، وبتاريخِها الذي يضربُ بجذورِه إلى أكثر من خمسة آلاف عام، وليس إلى ثلاثمائة أو أربعمائة عام فقط.

وأكد رئيس مجلس حكماء المسلمين أنَّ جُلَّ هذه المخاوفِ التي تُساورُ نفوسَ الشَّرقيِّين اليـوم من الحضارة الغربيَّة، تُساورُ–وبالقدرِ ذاتِه– عقولَ نخبة مُتميَّزة من مُفكِّري الغرب وكبار قادته، فقد أدركَ بعضُهم أنَّ السِّياسة الغربيَّة لم تَعُدْ مُجْدِيةً في معالجةِ الأزمات العالميَّة، لما تتَّسِمُ به من تشنُّجاتٍ تقومُ على استعراضِ عضلات السِّلاح المدَمِّر الذي يُهدِّدُ الإنسانيَّة واقْترحَ أنْ تحلَّ الثقافة محلَّ السِّياسة، في العلاقات الدوليَّة، لما للثقافة من قُدْرةٍ على فَهْمِ الإنسان، واستيعاب أبعاده المتعدِّدة: جَسَدًا ورُوحًا وعَقْلًا ووجْدَانًا.