رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرحلة (عودة نتنياهو).. عزل إسرائيل دوليًا.. وأكثر!

وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو وسط حشد من نخبة اليهود الصهاينة ممن انتخبوه، المكان: وسط القدس، حرك رأسه، ونظر إلى أبعد نقطة وقال:
«نحن أقرب إلى نصر كبير». 
من هنا، تعتبر مرحلة  عودة نتنياهو، بعد أن أشارت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في إسرائيل، دولة الاحتلال الغاشم لفلسطين المحتلة، إلى فوز حزبه-الليكود- بالمركز الأول.

منذ إغلاق صناديق الاقتراع، نتنياهو، يتشدق، يكلم الهواء والسياسة ورجال الأمن الذين شلوا الضفة الغربية والقدس ساعات الاقتراع، وما حدث، أن عودة الليكود، تعني، عودة إسرائيل إلى أفكار ومشاريع أخطر رؤساء الوزارات الصهيونية عدوانًا ومكرًا، وقد عبر عن ذلك خلال خطاب أمام أنصاره في القدس: «لديّ خبرة، لقد خضت عدة انتخابات وعلينا انتظار النتائج النهائية، لكن طريقنا، طريق الليكود، أثبت أنه الطريق الصحيح، نحن أقرب إلى نصر كبير».

* حزب نتنياهو وحلفائه

في المعتاد الإسرائيلي، ما يتم تسريبه من استطلاعات الرأي الصهيونية الإسرائيلية، هوامش ضئيلة للغاية، كما كان متوقعًا في الدولة المنقسمة بشدة التي أجرت، الثلاثاء، انتخاباتها الخامسة في أقل من أربع سنوات، لكن المؤشرات الأولية تبدو إيجابية بالنسبة لرجل الصهيونية الماكر واليمين المتطرف نتنياهو، 73 عامًا، وقد أقرت - مبدئيًا-ثلاث شبكات إعلام إسرائيلية كبرى، فوز حزب الليكود اليميني بالمركز الأول بحصوله على 30 أو 31 مقعدًا في البرلمان المكون من 120 عضوًا.
.. عمليًا:
التوقعات الأولى أن حزب نتنياهو وحلفائه حزب شاس لليهود الشرقيين سفراديم، وحزب يهودوت هاتوراه لليهود الغربيين، الأشكنازيم والقوة اليهودية، حصدت 61 أو 62 مقعدًا، وهو عدد مقاعد كافٍ للحصول على الأغلبية في البرلمان الصهيوني (الكنيست)، عدا عن بقية النتائج التي قد تتحالف في الظل من الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة. 
* ماذا كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية؟

منذ لحظة تكميم الصناديق، ووفقًا لما ورد في تقسيمات وأسرار صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، جاءت النتائج الأولية على النحو التالي:
* حصول حزب الليكود برئاسة نتنياهو على 30 مقعدًا. 
* حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لابيد 24 مقعدًا. 
* حزب «المعسكر الرسمي» برئاسة بيني غانتس 11 مقعدًا. 
* حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف 14 مقعدًا. 
* حزب «شاس» الديني 10 مقاعد. 
* حزب «يهوديت هتوراه» 7 مقاعد. 
* القائمة العربية المشتركة 4 مقاعد. 
* حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان على 4 مقاعد. 
* حزب العمل 6 مقاعد. 
* حزب ميرتس 5 مقاعد. 
* حزب القائمة العربية الموحدة- الحركة الإسلامية- برئاسة منصور عباس، المنشقة عن القائمة العربية المشتركة 4 مقاعد. 
* لم يجتز حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» العربي برئاسة سامي شحادة، وحزب «البيت اليهودي» برئاسة إيلييت شاكيد، نسبة الحسم في الانتخابات البالغة 3.25 بالمئة.
* بلغ عدد مقاعد معسكر التغيير برئاسة يائير لابيد مع حزب القائمة العربية المشتركة، والقائمة الموحدة 59 مقعدًا.

* نتنياهو بعد الأول من نوفمبر!

كان طريد المحاكم، اللغة الإرهابية لدولة الاحتلال تبحث عن خبير حكم ولاعب الثلاث ورقات، تتأخر المحاكمات، ويصبح الجوكر نتنياهو، بعد الأول من نوفمبر!، هو الرقم الذي يحسم مستقبل الإرهاب اليهودي التوراتي، وقد يؤزم المنطقة والعالم، مضيفًا أزمة أخرى مع واقع الحال في الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت شهرها التاسع وبدأ مخاضها العسير نحو العام الأول للحرب، لكن بشكل مختلف. 
ويمكن تلخيص الأزمة التشريعية اليهودية كما يلي:
* أولًا:
في الأول من نوفمبر، أجرت إسرائيل انتخاباتها الخامسة غير المسبوقة في أقل من أربع سنوات.
في المحصلة: منذ عام 2019، أجرت إسرائيل أربعة انتخابات أدت إلى حكومتين ائتلافيتين قصيرتي العمر وميزانية دولة واحدة فقط. في الانتخابين الأخريين، لم تتمكن الأحزاب التي حصلت على أكبر كتل مقاعد من تشكيل ائتلاف استوفى العدد المطلوب من المقاعد للحصول على الأغلبية.
 

* ثانيًا:
أسفرت الانتخابات الأخيرة عن مأزق بين بنيامين نتنياهو- رئيس حزب الليكود- وعدد من الأحزاب المعارضة، حيث لم يتمكن أي من الطرفين من الحصول على أغلبية منذ عام 2019.
وأيضًا، حدث: في يوم الانتخابات 9 أبريل 2019، فاز نتنياهو بأقلية وكافح من أجل تشكيل ائتلاف وفشل. وبدلًا من إتاحة فرصة لمنافسه الرئيسي، قائد القوات المسلحة السابق بنيامين غانتس، لتشكيل حكومة، أطلق نتنياهو انتخابات أخرى في خطوة سياسية غير مسبوقة.


* ثالثًا:
من المفترض أن تُجرى انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) كل أربع سنوات. هناك 120 مقعدًا، لذا يجب أن يشغل الحزب 61 مقعدًا من أجل الحصول على الأغلبية.

* رابعًا:
تحدد الانتخابات رئيس الوزراء والجهاز الذي سيقود الحكومة.

* خامسًا:
يقضي الرئيس فترة ولاية مدتها سبع سنوات ويتم انتخاب الرئيس بالاقتراع السري للكنيست. بدأ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ فترة ولايته في يوليو 2021.

* نسخة الليكود وحزب أزرق أبيض

لعل التجارب، كانت من مسببات الصراع الدامي في فلسطين المحتلة وكل مدنها التي تعرضت خلال هذه الفترة لقمع وقتل وتدمير وأحداث، غيرت الناس على الأرض، وأظهرت سيطرة لأحزاب تلمودية متطرفة، كانت مدعومة لتهويد القدس والحرم القدسي الشريف في القدس، وهذا ما جعل الأمر، في يوم الانتخابات في 17 سبتمبر 2019، انتهى حزب نتنياهو، الليكود وحزب أزرق أبيض بزعامة غانتس، بالتعادل الافتراضي، ولم ينجح أي منهما لأسابيع في تشكيل حكومة، مما أدى إلى انتخابات ثالثة.

وأيضًا في يوم الانتخابات 2 مارس 2020، مع بداية جائحة الفيروس التاجي، ذهب الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى لكن المأزق استمر. وافق غانتس على الانضمام إلى حكومة وحدة طارئة مع نتنياهو. قبل انتهاء العام، بدأت حكومة الوحدة في الانهيار بسبب نزاع على الميزانية، وعندما تراجع نتنياهو عن اتفاق لتقاسم السلطة مع غانتس، تمت الدعوة لإجراء انتخابات رابعة.

وذات النتائج الغاشمة مرت بها في يوم الانتخابات 23 مارس 2021، أجريت انتخابات رابعة واستمر المأزق. بعد أسابيع من المفاوضات، فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة. حصل المنافس يائير لابيد، رئيس حزب يش عتيد، على فرصة لمحاولة تشكيل حكومة، ونجح في ذلك مع ائتلاف ضعيف ضم حزبًا عربيًا. كانت هذه هي المرة الأولى التي ينضم فيها حزب عربي إلى الائتلاف الحاكم كعضو رسمي.

إلى أن جاء يوم الانتخابات في الأول من (نوفمبر)، يقود نتنياهو كتلة من الأحزاب المحافظة والدينية ضد رئيس الوزراء يائير لابيد، الذي يقود معسكرًا أكثر انقسامًا من الأحزاب.

* متى يأتي 9 نوفمبر؟

أسئلة صعبة، ربما سخيفة منها أن أنصار نتنياهو يترقبون عودته على حصان طروادة، وهناك من قال:
- متى يأتي 9 نوفمبر؟
في دولة الاحتلال، تقليد سياسي تشريعي يقول: يجب نشر نتائج الانتخابات بحلول نهاية الأسبوع ، ولكن في 9 نوفمبر فقط سيتم تقديم النتائج الرسمية إلى الرئيس الإسرائيلي، من قبل رئيس لجنة الانتخابات المركزية، قاضي المحكمة العليا يتسحاق عميت.
كما أنه، بعد تحديد الفائز في الانتخابات، من المرجح أن تبدأ محادثات ائتلافية طويلة والتي ستشكل إما حكومة أو تؤدي إلى انتخابات سادسة.

* مرحلة كتابها مفتوح

كل خفايا النظام السياسي الصهيوني، معقدة، قد يؤدي فيه انتقال مقعد واحد من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 من حزب لآخر، إلى تعزيز ائتلاف حاكم أو إلى مزيد من الجمود وصولًا لانتخابات جديدة محتملة، تبقى النتيجة غير مؤكدة مرة أخرى.
هنا نتنياهو يقف حازمًا، عازمًا على التصدي، ويجد أنه رجل الصهيونية الإسرائيلية الذي يضمن استقرار الحكومة. 
ليست المرة الأولى التي تتزامن فيها الانتخابات التشريعية الصهيونية في إسرائيل، مع تصاعد العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية، وكل المدن الفلسطينية المحتلة، وخلال أقل من عام، في الأسابيع ما قبل رمضان الماضي، استشهد في القدس وغزة، مئات الشهداء، وفي الضفة الغربية، استشهد منذ مطلع الشهر الحالي 29 فلسطينيًا، والعنف والسيطرة والاختراقات تتم برعاية الشاباك الصهيوني وغيره من قوى الأمن الصهيوني. 
نتنياهو، إذا ما شكل حكومته هذه المرة، فعلى الأغلب، أننا سنشهد، مع العالم، تحولات دولة الاحتلال في الآتي من الأزمات والحروب والمخاوف، وقد يؤدي ذلك إلى عزل إسرائيل دوليًا وربما أكثر!