رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أقرأ».. إثراء للفكر والثقافة

في عصر صارت الصورة فيه هي اللغة الأكثر شيوعًا واستخدامًا على مستوى العالم، تبقى القراءة هي الزاد الحقيقي للمعرفة، وقد يتكامل معها الصوت والصورة لتقديم محتوى أكثر ثراءً وأقرب إلى ذهنية جيل جديد لا يرى في القراءة وحدها متعته، وإن كان لا بد سيجد فيها ضالته من المعرفة.
وبسبب ابتعاد مجتمعاتنا عن القراءة صرنا نبتهج بمجرد متابعة خبر عن فاعلية أو حدث ثقافي يسعى لإحياء فضيلة القراءة والاهتمام بها، ويظل "معرض الكتاب" الذي تنظمه القاهرة سنويًا، والذي سيصل دورته الـ54 مطلع العام، هو الحدث الثقافي العربي الأول تاريخًا وأنشطةً وفعاليات ومبيعات وزيارات من كل أنحاء مصر وشقيقاتها العربيات.

ولأنها مصر، فهي تشارك الأشقاء كل نجاح يتحقق في واحة الفكر والثقافة وتحتفي به وتروج له، وهذا هو ما يحدث بالفعل خلال هذه الأيام باستقبال القاهرة مسئولي برنامج إثراء القراءة السعودي "أقرأ"- بفتح الألف- أحد برامج مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، الذي يسعى للترويج لأرقى هواية وأنفعها بين الشباب العربي وهي القراءة، إذ يستهدف هذا البرنامج، الذي انطلق قبل نحو عشرة أعوام، تقديم برامج ومسابقات ثقافية تُمكّن الشباب العربي من زيادة الوعي وغرس مفاهيم عشق القراءة لكل ما هو مكتوب بالحرف العربي، وبالفعل فقد اشترك في المسابقة الأبرز ضمن فعاليات متعددة نحو 75 ألف شاب.

وكان أهم ما جذبني لمتابعة أنشطة البرنامج هو ما قرأته عن تجربتهم الرائدة التي تحمل اسم "الكُتبية" لمقايضة الكتب، وهو النشاط الذي يمتد لعدة أيام وفيه يستطيع الشباب استبدال كتبهم التي قرأوها بأخرى من مقتنيات شباب غيرهم قرروا استبدالها هم أيضًا لتبادل النفع وتعميم الاستفادة وليحصلوا على ما هو أكثر فائدة لهم، ولكثرة المشاركات ولتسهيل مهمة الزوار فقد تم تقسيم المعرض بحسب موضوعات الكتب إلى ثمانية أركان، بحيث يجد القارئ ضالته بسهولة وسرعة ويسر وبما يضمن سلامة الزوار، وهي التجربة التي أتمنى على الصديق عمر عبدالفتاح، الأمين العام لمؤسسة زايد، أن تعمم، وأقترح أن يتبناها معرض مدينة زايد للكتاب- والذي اختتم أنشطة دورته الثامنة بنجاح يوم الاثنين الماضي- لتكون على أجندة فعاليات المعرض في دورته للعام القادم.

ولبرنامج "إثراء القراءة" هدف سامٍ هو إلهام وتطوير مليون شاب عربي بحلول عام 2030، ولذلك تقرر أن تقوم المبادرة هذا العام بزيارة عدد من العواصم العربية، تمثلت في مسقط، الرباط، عمّان والقاهرة للترويج للفكرة وتشجيع الشباب العربي على القراءة من خلال أنشطة ومسابقات ومنتديات تبرز مزايا القراءة وتستعيد حماس الشباب لهذه الفضيلة التي تكاد تختفي جرّاء منافسة وسائل اتصال وعناصر ترفيه أكثر جاذبية.
ومن هنا وقع الاختيارعلى القاهرة للترويج للفاعلية، إذ تقرر توسيع دائرة الاهتمام وفتح باب المشاركات في الدورة الثامنة للمسابقة لكافة الشباب العربي لاختيار "قارئ العام" على المستوى العربي من خلال مسابقة تعمل على تطوير مهارات المشاركين في مجالات القراءة والبحث ومن ثم الكتابة والنشر والتحرير فضلًا عن موهبة الإلقاء.

وفي حفل رحلة أسفار "أقرأ" إلى القاهرة يتحدث طارق الخواجي، المستشار الثقافي لبرامج مركز إثراء، إذ يقدم عرضًا تعريفيًا بالبرنامج وتعريفًا بمسابقة «أقرأ» الموجهة للطلاب والطالبات في العالم العربي، مع شرح مراحل المسابقة وطريقة المشاركة فيها.
وينجح المنظمون في دعوة الشاعرة والأكاديمية الكبيرة د. فاطمة قنديل، لتتحدث عن كيفية قراءة القصيدة، وحسنًا فعل المنظمون باستقطاب فارس الكتابة الدرامية الأول في مصر حاليًا الروائي والسيناريست عبدالرحيم كمال ليتحدث عن كيفية كتابة وتكوين الرواية ومن ثم تحويلها إلى عمل ناجح سينمائيًا.

ويقيني أن مثل هذه الأنشطة هي غاية الثقافة وهدفها الحقيقي، فالمعرفة هي هدف القارئ فما بالك إذا كانت هذه المعرفة تعنى بتعريفك بجزء لا يتجزأ منك أنت شخصيًا، فقناعتي الفكرية ومعتقدي القومي هو وحدة الأمة العربية- ليس بالضرورة سياسيًا- ولكن فكرًا وثقافة ولغةً ووجدانًا.
وأراه واجبًا علىّ وعلى كل الذين يشاركونني هذا الاعتقاد أن ندعم كل حدث أو نشاط يعزز هذا المعتقد أو يسعى لغرسه في وجدان جيل عربي جديد، ويا حبذا لو كان هذا عن طريق الفكر والثقافة والقراءة والإبداع.