رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف هددت تغيرات المناخ مصر بالجفاف وأنقذها السد العالى وبحيرة ناصر؟

مصر
مصر

أكدت مجلة "لايف ساينس" الأمريكية أنه بفضل الصور الحديثة للأهرامات المصرية الشاهقة فوق منظر رملي شاسع، يفترض الكثير من الناس أن هذه المنطقة كانت ولا تزال صحراء، ولكن بالنظر إلى أن المناخات والمناظر الطبيعية يمكن أن تتغير بمرور الوقت، وأن البشر معروفون بتغيير البيئات الطبيعية، فهل كانت مصر القديمة صحراء؟ وهل ما زالت مصر تعتبر صحراء اليوم؟

وتابعت أن الجواب البسيط هو لا، ليست مصر كلها، قديمة أو حديثة، مؤهلة لتكون صحراء، حيث تميل المناطق القريبة من نهر النيل إلى أن تكون أكثر خصوبة، وكان لدى المصريين- في كل من العصور القديمة والحديثة- نظام زراعي مزدهر، ومع ذلك، فقد تغيرت البيئة على مدى تاريخ مصر، وأدى بناء السد العالي في أسوان عبر النيل بين عامي 1960 و1970 إلى تغيير المشهد بشكل كبير، وإنقاذ جنوب مصر من موجة جفاف كبيرة مثل تلك التي طالت المنطقة المحيطة بالأهرامات.

من الرطوبة للجفاف

وأضافت أن بعض مناطق مصر التي أصبحت الآن صحراوية كانت أكثر رطوبة في الماضي قبل آلاف السنوات، وأحد الأمثلة الشهيرة هو "كهف السباحين" على هضبة الجلف الكبير في جنوب غرب مصر، اليوم هي منطقة قاحلة للغاية، ولكن منذ آلاف السنين، كانت رطبة، ويبدو أن بعض الأعمال الفنية الصخرية الموجودة في الكهوف في المنطقة تظهر الناس يسبحون، وفقًا للمتحف البريطاني الذي يعرض جزء من هذه الرسومات.

ويشير المتحف البريطاني إلى أن هذا الفن الصخري يعود إلى ما بين 6000 و9000 عام ماضية، لكن هذه الفترة الممطرة انتهت منذ حوالي 5 آلاف عام، ومنذ ذلك الحين، ظلت صحاري مصر مشابهة إلى حد كبير لما هي عليه الآن، كما قال جوزيف مانينج، أستاذ ويليام ك. ومارلين ميلتون سيمبسون للكلاسيكيات في جامعة ييل.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه بداية بناء السد في أسوان، حدثت الكثير من الفيضانات جنوبي مصر، ما دفع الحكومة المصرية في هذا الوقت لبناء خزان كبير أطلق عليه "بحيرة ناصر"، لإنقاذ الآلاف من المواطنين وخاصة النوبيين المعاصرين من مخاطر الفيضان كل عام.

وتابعت أن بناء السد أوقف فيضان نهر النيل، وهو الأمر الذي كان يدمر العديد من المجتمعات في البداية، وقال مانينج: "لم يعد هناك فيضان طبيعي بعد الآن؛ هذا أمر مؤكد"، مشيرًا إلى أن إنشاء بحيرة ناصر أدى أيضًا إلى زيادة الرطوبة في الهواء في بعض مناطق جنوب مصر، وأنقذها من الجفاف.

وأضافت أنه قبل بناء السد، كان فيضان النيل بشكل عام أقل حدة، حيث تشير الأبحاث إلى أنه خلال العصر البرونزي أي حوالي عام 3300 قبل الميلاد وحتى عام 1200 قبل الميلاد، كان فيضان النيل يميل إلى أن يكون أكبر مما كان عليه خلال العصر الحديدي حوالي عام 1200 قبل الميلاد حتى عام 400 قبل الميلاد، واستمر هذا المستوى المنخفض من الفيضانات حتى بناء السد.

أسباب شدة الفيضانات في مصر

ووفقًا للمجلة الأمريكية، فإن أحد آثار ارتفاع منسوب نهر النيل بشكل عام خلال العصر البرونزي هو أنه في حوالي 2500 قبل الميلاد، عندما شيدت الأهرامات في الجيزة، جاء "فرع خوفو"، وهو ذراع متلاشية لنهر النيل، بجوار الأهرامات، وسمح هذا الفرع بنقل المواد إلى الموقع عن طريق القوارب، مما ساعد في بناء الهرم.

وقال بيرس بول كريسمان، مدير المركز الأمريكي للبحوث الشرقية: "تتحدث العديد من الأساطير عن هذا الأمر، وأن آلهتهم وأرضهم وشعوبهم خرجت من المياه البدائية، وظهرت كجزيرة لتزدهر".