رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى الـ49.. أبطال أكتوبر يروون لـ«الدستور» لحظات الحرب والانتصار على إسرائيل

أكتوبر
أكتوبر

تحتفل مصر بالذكرى الـ49 من حرب أكتوبر المجيدة، تلك الذكرى الخالدة التي عاشها وعاصرها جيل كامل من أبناء مصر العُظماء، رحل من رحل وبقى من بقى؛ ليشرح لنا تلك اللحظات الخالدة التي سجلت انتصارًا عسكريًا؛ حين حطَّمت القوات المصرية خط برليف المنيع وعبرت أرض سيناء.

«الدستور» التقطت عددًا من أبطال حرب أكتوبر لتُعيد معهم ذكريات الحرب من جديد، ويروون لحظة انتصار الجيش المصري على العدوّ الصهيوني وتحرير سيناء من قبضتهم.

«قدادة»: عرفنا بالحرب قبلها بـ«رُبع ساعة» فقط 

عزت محمد قدادة

يروي عزت محمد قدادة، 63 عامًا، من محافظة كفر الشيخ، والتي تم أسره على يد العدوّ الإسرائيلي، تفاصيل لأول مرة عن حرب أكتوبر المجيدة؛ وقد أخبرتهم القيادة الحربية قبل الحرب بأيام أنّهم سيقومون بمشروع تدريب تكتيكي لتغير الأماكن، موضحًا أنّهم كانوا كثيرًا ما يقومون بهذا المشروع لمدة عدة أيام قبلها، دون إفصاح من القيادة الحربية بأنّهم سيُحاربون، وأيضًا لم يكن هناك أي شواهد للحرب إطلاقًا.

وقال قدادة: «أخبرتنا القيادة الحربية أنَّه سيكون هناك طلعة جوية للمقاتلات المصرية لدك الأماكن والمنشئات العسكرية والحيوية للعدو الإسرائيلي، بعد «رُبع ساعة فقط»، وبالفعل قامت القيادة الحربية بإطلاق أول سرب طائرات بأعداد كثيفة وعلى مستوي منخفض من الأرض يتجه إلى مواقع العدو، مشيرًا إلى أنَّ القيادة أخبرتهم  بعد عودة الطائرات أنَّ الضربة الجوية نجحت بنسبة 100% وإصابة حركة العدوّ بالشلل التام.

أضاف، أنَّ الجميع هللّ بـ«الله اكبر الله اكبر»، بعدما دمّرت الطائرات المصرية أماكن ومنشئات عسكرية إسرائيلية، مؤكدًا أنَّ الحرب بدأت بعد هذه الضربة مباشرةً، وأخذت  القوات تتقدم وتعبر قناة السويس وتحطم خط برليف التي كان يلقبه العدو بالمنيع.

وأكد البطل، على أنّه بعد يومين من الاشتباك أخذ المقاتلين أوامر عسكرية بضرورة تدخل سلاح المدرعات لتطوير الهجوم، وعلى الفور عبر سلاح المدرعات قناة السويس وتوغلّ الجيش المصري في عمق سيناء حوالي من 7 كيلو من بين مساحات كان يسيطر عليها العدو؛ حتّى جاءت قوات الصغرة وفجاءة جاءت الأوامر العسكرية بضرورة التراجع لمواجهة قوات الصغرة في الخلف.

وأشار إلى أن قوات الصغرة التابعة للعدو الإسرائيلي، ارتدت زيّ القوات المسلحة المصرية واستخدمت سيارات مشابهه لسيارات الجيش المصري، ووضعوا العلامات والإشارات التي سهلت لهم الاختراق ودخلوا من المسافة الفارغة بين الجيش الثاني والثالث الميداني وتمركزوا في الضفة الغربية المصرية، مضيفًا: «على الفور تم سحب قوات تطوير الهجوم وهو سلاح المدرعات وعدنا وتمركزنا في قرية تسمي «جنيفة» على خط قناة السويس، وكان العدو أمامنا في الضفة الغربية، وتم الاشتباك لمدة ساعات وأثناء الاشتباك تم إصابة الدبابة التي كنت أقودها واشتعلت النيران بها.

وتابع المصريّ، أنّه ترك الدبابة ونزل إلى الأرض مباشرةً، وفوجئ بالكثير من الجُثث ملقاه على الأرض وغارقة في دمائها، ودخل القرية هو وزملاؤه ومكثوا فيه يومين كاملين، وفي اليوم الثالث خرجوا جميعًا عسكريين ومعهم مدنيين من أهل القرية، لسلمون أنفسهم لأقرب نقطة تمركز للقوات المصرية.

وأوضح قدادة، أنّه أثناء طريقهم لأقرب نقطة تمركز مصرية، قابلهم دورية إسرائيلية مكونة من مجنزرتين وبهما عدد من جنود العدو، حيث قاموا بتفتيشهم، واصطحابهم جميعًا  إلي نقطة تمركز القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومنها  إلى غزة، مضيفًا: أنّه في اليوم الأول من تواجدهم في سجن غزة نزع «قدادة» بدلته العسكرية المصرية وارتدى ملابس مدنية  كانت برفقة أحد المدنيين المعتقلين معه من أهل القرية: «سجنونا المخابرات الإسرائيلية لمدة 8 أيام في سجون غزة وتعاملوا معي على أنني مدني فقاموا بترحيل زملائي الذي كانوا يرتدون زي عسكري مصري إلي إسرائيل، وأخذوني مع المدنيين وطلقوا سراحنا قبل تمركز القوات المصرية بكيلو فقط».

وعند وصول «قدادة» ومعه المدنيين  إلى نقطة تمركز الجيش المصري  استجوبوه عن الذي رآه في سجون إسرائيل، وأسماء زملائه الذين على قيد الحياة، وأيضا المصابين منهم والشهداء، والأسرى الذين كانوا معه.

وفي نهاية الاستجواب أعطوه جوابا وأرسلوه بدون أيّ حراسة أو مندوب إلى مدرسة المدرعات، وبعد عودته لمدرسة المدرعات أعطوه مهمات أخرى، وجواب إلى منطقة «ألماظة»، حيث أنَّ هذه المنطقة كان يتجمع بها الجنود الشاردين مثله الذين يأتون فرادى، وبعدها يأتي من كل سلاح مندوب يأخذ جنود سلاحه، قائلاً: جاء مندوبي وأخذني وعُدتُ مرة أخرى إلى وحدتي في جبل «عتاقة» وبمجرد وصولي إلى الوحدة جمعونا في أرض الطابور بالملابس المدنية وأخذنا أمر مباشرة من القيادة بفتح طريق مصر السويس بالقوة بعد إغلاقه من قبل قوات العدو.

واختتم بطل أكتوبر، أنّهم تمكّنوا من فتح الطريق، وتبادلوا إطلاق النيران، مشيرًا إلى أنّه بعدها جاءت إليهم الأوامر من القيادة الحربية بوقف إطلاق النار لأن الزعيم الراحل أنور السادات حينها كان يجري مفاوضات مع العدو الصهيوني بالانسحاب قبل تدمير كيانهم، وبالفعل تم سحب القوات الإسرائيلية من باقي الأراضي المصرية وعادت مصر حرة مستقلة من جديد بفضل الله أولا ثم الجيش المصري البطل.

فضل: حرب أكتوبر من أشد الحروب التي حدثت في التاريخ

مقاتل أحمد عطيه فضل

بينما أكد جندي مقاتل أحمد عطيه فضل، والذي  كان ينتمى لسلاح  مشاة الجيش الثالث الفرقة 7 اللواء الثامن كتيبه 26 مشاة س3، أنَّ حرب أكتوبر من أشدّ الحروب التي قام بها الجيش المصري وكانت مفاجأة طامَّة بالنسبة للجميع، مشيرًا إلى أنَّ مقرّ تمركزه كانَ في الكيلو 85  السويس، وقبل الحرب بفترة قليلة قاموا بإجراء تدريبًا بالذخيرة الحية حضره المشير أحمد إسماعيل وتم اختياره لتناول الغذاء معه بتعليمات من رئيس الأركان.

وقال فضل، جاءت الحرب وكانت الكتيبة حينها سرية احتياط تم الدفع بها لعبور القناة بعد غروب يوم 6، واصفًا بذلك المشهد: «طلعنا الساتر الترابي وفوجئت إني داخل حفرة دبابة واعتقد العدو إني خارج الحفرة وأطلق عليّ كل ذخيرته أكتر من 3 صناديق ذخيرة.. كان بيضرب عشوائي وببص لقيت ملازم  أول في نفس المكان بيقولي عايزين نجيب الولاد دول فرديت عليه، تمام يا فندم، قالي هانقفز كوماندوز عليهم بسرعة ونثبتهم من البرج وثبتناهم وأسرنا 2 من الدبابة».

وأضاف فضل، أنَّ الجنود كانت تُحارب بكُل عزم وتقتل دفاعًا عن أرضها، موضّحًا  أنَّ أحد زملاؤه أسرع عليه بالسلاح لتأمينه وقت الاشتباك مع العدوّ  وأنّه قام بأسر 4 جنود إسرائيليين من الدبابة التي كانوا يُطلقون منها الرصاص على الأبطال المصريين، معلقًا: «بعدما أسرت الـ4 اليهود من الدبابة وزمايلي جايين بيجروا عليا وفرحانين وبيقولوا الله أكبر.. كنا جنب التبة المسحورة وهى النقطة الحصينة للعدو ضربوا علينا نار من المزاغل فنمنا كلنا على الأرض، واستشهد زميلي إثر تلقيه طلقة في  فمه».

واستكمل، «انسحبنا لمكان تمركزنا وجاء دور اليهوديين اللي أسرتهم، والقائد خلّي واحد منهم يروح يكلم زمايله اللي متحصنين في  النقطة الحصينة وبعد مداولات ما بينهم وضمانات مننا ونداء من القائد إن المكان كله محاصر وإن التعزيزات مش ها تجيلهم.. ربنا أكرمنا وفتحولنا الباب وأسرنا منهم 25 يهودي غير الذخيرة بتاعتهم والأهم الموقع الاستراتيجي للتبة المسحورة».

وأوضح البطل المصري، أنَّه يوم 12 أكتوبر، فوجئت الكتيبة المصرية باليهود وهم محاصرين الجنود من كل جانب، بالدبابات والطيران، مؤكدًّا أنّ الإسرائيليين كانوا يُريدون استرجاع الـ17 دبابة الخاصة بيهم، ولكن قامت الجنود المصرية بإشعال النيران فيهم قبل وصول الإسرائيليين، قائلاً: «جينا مولعين فيها وأثناء الاشتباك معاهم كان واحد زميلي معاه صاروخ اسمه موليتيكا بيضرب الدبابة؛ فالصاروخ مجاش فيها وكنت لسه هاضربها لقيت الطيران ضربنا بقنابل 2000 رتل تقريبًا».

وأشار إلى أنّه وقت الاشتباك أُصيب في فخذه وكتفه وقدمه، ومكثَ في الخندق أربعة أيام دون مأكل أو مشرب، إلى أنَّ مرَّ عليه ضابط في بداية اليوم الخامس، وأخذَ يربط فخذيه، وعرض عليه أن يعبر القناة حتى يلقى الأمان، ونجى من القتال ومعه زميل واحد فقط، وسقط الآخرين.

الشربيني: الرئيس السادات كان حريص على السرية والمفاجأة

مقاتل السيد الشربيني

وقال جندي مقاتل السيد الشربيني، 65 عامًا، إنَّ شقيقه الشهيد محمد الشربيني استشهد وقت حرب أكتوبر، برصاص العدوّ الصهيوني، مؤكدًا على أنَّه جاءت إليهم التعليمات بشد الطوارئ، وهم لا يعرفون شيئًا لعدم تسريب معلومات».

 

وأضاف الشربيني «زحفت وانا مصاب لمسافة 500 متر علشان أوصل لمركز القيادة وكان فيه ضرب نار أمامي وخلفي، ولمَّا وصلت للقائد ابتسم وأمر بعلاجي بالمستشفى»، موضحًا أنَّ نصر أكتوبر  تحية  للمصابين والشهداء لأنهم «حموا الأرض وصانوا العرض» وفخر للأمة العربية كلها لأنها أم الدول العربية.

مقاتل السيد الشربيني

 

وأثمن الجندي المصري دور الجنود ما يقومون به أثناء خدمتهم العسكرية، مشيرًا إلى الأجناد لم تتخيّل أبدًا وقتها أنَّ هُناك حرب ستقوم، مؤكدًا أنَّ الرئيس السادات كان حريص على السرية والمفاجأة.