رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأنبا نيقولا أنطونيو في ختام شباب الكنيسة العرب: «أنتم المستقبل»

الأنبا نيقولا أنطونيو
الأنبا نيقولا أنطونيو

نشر المركز الإعلامي لكنيسة الروم الارثوذكس في مصر كلمة المتروبوليت نقولا مطران إرموبوليس (طنطا) وتوابعها، والوكيل البطريركي للشؤون العربية، في ختام لقاء شبيبة الروم الأرثوذكس في مصر، المنعقد في الفترة من 29 سبتمبر حتى 1 أكتوبر 2022 بمنطقة وادي النطرون. برعاية المجلس العام للروم الأرثوذكس العرب.

وقال: في اليومين السابقين التقيتم بعضكم مع بعض، تعرفتم بعضكم على بعض. لكن ما هو الهدف المستقبلي؟ الهدف المستقبلي هو أن تكونوا أنتم شبيبة كنيستنا، كنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس، مثقفين كنائسيًا بمعرفة: تفسير كنيستنا للكتاب المقدس، عقيدة كنيستنا، تاريخ كنيستنا، تعاليم أباء كنيستنا، روحانية كنيستنا، معاني القداس الإلهي لكنيستنا، وطقوس وتراتيل كنيستنا، ذلك كي لا تكون معرفتكم مستقاة من كنائس أخرى تختلف في كل ذلك، في اتجهاتها وتعاليمها وتقاليدها، عن كنيستنا الرومية الأرثوذكسية.

وأضاف: نحن كلَّنا معًا خدام الحقيقة ومسؤولون عن الالتزام بتعاليم كنيستنا الرومية الأرثوذكسية. فيما نرى أن البعض يفتقدون إلى الرصانة في الالتزام ولا قرار لهم أو انتماء، فيتغربون عنها ولا يسلكون الدرب الصحيح، غير معتبرين إياها بيت الرب ووطن أبنائها الوحيد.

وتابع: أن تكون كنيستنا الرومية الارثوذكسية وطن أبنائها الوحيد لا يعني فقط أن يتعمدوا فيها، أو يتزوجوا فيها، أو يأتوا إليها في الأعياد وبعض المناسبات؛ وإنما أن تكون حياتها حياتهم، وفكرها فكرهم، ونشاطاتها نشاطاتهم، وأوجاعها أوجاعهم، وهمومها همومهم. وباختصار كلّي أن تكون هي هم أو هم هي، ذلك كما يقول يسوع المسيح: "لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا" (متى 21:6). إن كنا نحيا في كنيستنا الرومية الارثوذكسية فتكون هي إيَّاها وطننا.

وواصل: لكن مَن تغرب عن أصولهم، أي كنيستنا الرومية الأرثوذكسية، فلا تكون حياتها حياتهم، وفكرها فكرهم، وأوجاعها أوجاعهم. وهمومها همومهم، ولا نشاطاتها نشاطاتهم. بل يكون فكرهم الغريب عن كنيستنا مرشدهم. ويتراءى لهم أن نهضة كنيستنا تكون في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والحفلات، كأن الكنيسة نادي اجتماعي رياضي.

وأكمل: لكن نهضة كنيستنا الرومية الأرثوذكسية تكون بالالتزام بتعاليمها وبالعمل على الانخراط في حياتها والتأصل في تراثها وبالمشاركة في حياتها والمساهمة في أنشطتها الروحية والخدمية والتعليمية، ولا يتحقق هذا إلا بمحبة بعضكم بعضًا. وبهذه المحبة تعملوا بوصية يسوع المسيح، بقوله: "هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ" (يوحنا 12:15). بذلك تتحقق نهضة كنيستنا الرومية الأرثوذكسية، وتتحقق محبة يسوع المسيح لكم. كما أنكم تثبتون في محبته، كما يوضح ذلك أيضًا له المجد بقوله: "إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي" (10:15). إن حفظ وصايا يسوع المسيح لا تكون بحفظها عن ظهر قلب، بل بالعمل بها.

وأردف: أما عدم محبتكم بعضكم بعضًا فتبعدكم عن محبة يسوع المسيح لكم، وتُأدي إلى الانقسام والتشرذُم فيما بينكم. ونتائج هذا الانقسام والتشرذُم يوضحها يسوع المسيح نفسه بقوله: "إِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ" (لوقا 24:20 و25). كما أن عدم محبتكم بعضكم بعضًا يزكي روح الأنانية والافتخار والتسلط. لذا لا يكن التقدم  فيما بينكم في الكنيسة كالأمم (غير المسيحيين)، كما يقول يسوع المسيح لتلاميذه: "أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ" (متى 25:20 و26)، وذلك بما هي مكانتي في المجتمع، بما لدي من مال، بما كِبَر حجم الكنيسة التي انتمي إليها، بمدى قُربي من الرئاسات الدينية. بل يكون التقدم فيما بينكم بإيماني بكنيستنا الرومية الأرثوذكسية، بتمسكي بتعليمها، بخدمتي النابعة من محبتي لها، بوضع مصلحتها ومكانتها فوق مصلحتي ومكانتي بمحبة؛ عاملين بذلك بوصية يسوع المسيح، الذي قال: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا، أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يوحنا 13:15).

واستطرد: نعلم أننا قِلَّة بالعدد بين أبناء الكنائس الأخرى في مصر، لكن تذكروا دائمًا قول يسوع المسيح لتلاميذه: "لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ" (لوقا 32:12). لا تنسوا أن تلاميذ يسوع المسيح كانوا قلة لكنهم لم يخافوا لم يشعروا بضعفهم لقلتهم، بل بقوة إيمانهم انتشرت المسيحية ليس فقط الإمبراطور الرومانية بقوتها وجبروتها بل في العالم أجمع. كذلك أنتم في هذه المنطقة: أنتم تحملون الإيمان الأرثوذكسي الحق، أنتم حافظوا الإيمان الأرثوذكسي الحق، أنتم منارة الأرثوذكسية الحقة، أنتم امتداد كنيستنا في التاريخ، أنتم مستقبل كنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس. لأنكم أبناء هذه الكنيسة المؤسسة من القديس مرقص الرسول، كنيسة المجامع المسكونية السبعة المقدسة، الكنيسة التي أفرزت القديسين معلمي المسكونة العظام، من بطاركة وأساقفة وكهنة ورهبان وشعب مؤمن.

واختتم: لنكن واحدًا بعضنا بعضًا إكليروسًا وشعب الله، لنكن واحدًا في المسيح رب الكنيسة الذي هو واحدٌ في الآب؛ كما ناجى المسيح يسوع الآب من أجلنا قائلاً: "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا" (يوحنا 17:21). تماسكوا بعضكم بعضًا، اتحدوا بعضكم بعضًا، أحبوا بعضكم بعضًا. أنتم إخوة، أنتم أسرة واحدة، أنتم أبناء كنيسة واحدة هي كنيسة الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس.