رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في يومها العالمي.. «القهوة» طريقة حياة محمود درويش

اليوم العالمي للقهوة
اليوم العالمي للقهوة

يتزامن اليوم الأول من أكتوبر، مع اليوم العالمي للقهوة، وهو الاحتفال الذي أقرته المنظمة الدولية للقهوة في العام 2015، ذلك المشروب السحري الذي يحتل المرتبة الثانية بعد الشاي الأكثر تناولا بين شعوب العالم في جنباته الأربعة.

والعرب هم من سموا "القهوة" بهذا الإسم، وكان أول من عرفها هم المتصوفة، لقدرتها على منح شاربها التركيز والسهر وهو ما يطلبه الصوفي في تعبده إلي الله. ومكتشفها الأول ينتمي إلي الطريقة الشاذلية ويدعي جمال الدين، وهو من متصوفة اليمن. 

وبحسب الكاتب عبد الله الناصر" في كتابه “قهوة نامة .. مرويات القهوة والنور”، فقد استخدمت الحركة التطهيرية الكالفينية في كنيسة إنجلترا في القرن السابع عشر بديلا عن الكحول.  

القهوة كطريقة للعيش

ويذكر "الناصر"، حكاية شاعر فلسطين محمود درويش مع القهوة، مشيرا إلى: في كتابه السردي “ذاكرة للنسيان” كان درويش في شقته التي تقع في الطابق الثامن في بيروت، تحت القصف المستمر عام 1982 حين ظل يردد في نصه الطويل إنه لا يحتاج من العالم سوي خمس دقائق ليستطيع تحضير قهوته (أريد فقط هدنة لمدة خمس دقائق من أجل القهوة، خمس دقائق لأتمكن من وضع هذا الفجر على قدميه)، وهي صرخة تذكر بصرخة “دستويفسكي” في رواية “الأبله”: (دع العالم يذهب للجحيم. كل ما أردته دائما كان الحصول علي فنجان الشاي الذي لي).

القهوة الأولي هي أول دقيقة في الوقت

وعن محمود درويش وحكاياته مع القهوة، يتابع عبد الله الناصر: بعض الشعراء مثل محمود درويش يسمون القهوة “عذراء الصباح”. والأكثرية شغوفون بقدح الصباح الأول مثلما هو شغف المدخن بسيجارة الصباح. 

درويش يتعصب لكوب القهوة الأول فيكتب في كتابه السردي الذي كتبه بخط يده للصحفية “إيفانا مرشليان”: ( أنا الموقع أدناه محمود درويش): القهوة الأولي هي أول دقيقة في الوقت. قبلها يكون الزمن نائما. قبلها يكون كل شئ في حالة موت. وكأن القدح الصباحي الأول عند درويش هو قبلة الحياة التي تعيد غزالة الروح إلي التنفس وتجعل دمها رائقا والمشهد سعيدا واليوم متصالحا مع قرون الغزال .

ويوضح “الناصر”: القهوة الأولي لدي الشاعر (كتابة) و (نداء) والنداء هنا نداء الحياة الذي يجب أن يكون عاريا ومعزولا عن الصوت: صوت الهاتف، صوت الراديو، وحتي صوت الحبيبة، إذ القهوة الأولي يفسدها الكلام بحسب محمود درويش .

كوب قهوة طويل

أما الكاتب الفرنسي “ديديه بلوند”، فيكتب عن القهوة وأماكن تناولها، والطقوس والحكايات حولها، في كتابه “حكايات من مقاهي باريس” ترجمةالروائي أحمد القرملاوي. 

وعن طقوس احتساءه لقهوته يقول “بلوند”: يوضع فنجان القهوة في وسط الطاولة. آخد وقتي أركز تفكيري، قبل أن أشرع في هذا الطقس غير المقدس. أدور الفنجان بأناملي، بنعومة وخفة، حتي تجد أذنه مكانها علي وجه الدقة، علي الجانب الفنجان، في محوره بالتحديد، فتضاعف استدارته وتصنع شكله النهائي. أضع جانبا مكعب السكر المغطي في غلافه الورقي، وأيضا ملعقة التقليب، إذ لا فائدة منها بدون سكر، لأختبر بعدها هذا العمل الفني سريع الزوال، طبيعة ساكنة أو سابقة التحضير، تتقشف قليلافي إبداء رزانتها، تتباسط بعض الشيئ . ليس الصواب أن أزعج هذه الخطوط الفنية بهوس الوصول إلي الكمال الهندسي. هذه الأشكال تبدو رقيقة، مستديرة، ناعمة، تشتعل من داخل طبق الفنجان، تتفتح مثل بتلات الزهور، فتمنح اللوحة اتزانها. إنها زهرة صلبة من البورسلين، تتعلق بها خيوط من النور. بالأبيض والأسود.

ويمضي “بلوند” مضيفا: السائل الساخن، الأسود، المر، الذي أحتسيه في حسوات صغيرة، مناسب جدا لإيقاظ ضميري.