رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الأزهر يسلط الضوء على خطاب الكراهية ضد المسلمين فى وسائل الإعلام الغربية

مرصد الازهر
مرصد الازهر

سلّط مرصد الأزهر، في تقرير له، الضوء على خطاب الكراهية ضد المسلمين في وسائل الإعلام الغربية، والذي استشرى بشكل واضح مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت عملية التواصل بشكل مباشر وفوري ودون رقابة. 

واتضح انتشار هذا الخطاب جليًّا في عدد من الحالات، كان من بينها الحالة المعاصرة الأكثر مأساوية، وهي المذابح المرتكبة بحق سكان الروهينجا في ميانمار، والتي تخللها الكثير من حملات الكراهية والتضليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

كما يلعب كثير من ساسة أوروبا المتطرفين دورًا محوريًّا في تنامي هذه الظاهرة، حيث يتأثر المتلقي، خاصة الشباب منهم، في أوروبا بخطاباتهم العنصرية ضد الأجانب بشكل عام، والمسلمين على وجه الخصوص الذين يتعرضون لأعمال عنف ممنهجة تصل إلى حد القتل.

وتابع المرصد أن تفاقم هذه الظاهرة وانتشارها في الأوساط المجتمعية يُشكل بطبيعة الحال تهديدًا خطيرًا على عملية التعايش والسلم المجتمعي.

وفي هذا الصدد تبين من خلال مجموعة من الدراسات الحديثة أن المسلمين يتم تشويههم "بشكل منهجي" أكثر من غيرهم في الصحافة الغربية، ما يؤدي بدوره إلى تأجيج مشاعر العداء ضد المسلمين، وهو ما يؤثر سلبًا على أوضاع المسلمين في الدول الغربية.

وفي هذا السياق، أقدم باحثان في العلوم السياسية، "إريك بليش" و"موريتس فان دير فين"، على إعداد دراسة تفصيلية أظهرت الانتهاكات الصارخة التي تُنشر في وسائل الإعلام الغربية ضد المسلمين، وأكدا من خلالها "بشكل قاطع" التناول السلبي "بشكل ساحق" للمسلمين مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى بعد تحليل أكثر من ‏784 ألف مقالة صحفية‏ على مدار 20 عامًا، من بينها 256 ألف مقال من الولايات المتحدة، و528 ألفا من بريطانيا وكندا وأستراليا، بين عامي 1996م و2016م. 

ومن خلال تحليل البيانات، تبين أن متوسط المقالات التي تتناول المسلمين أو الإسلام في الولايات المتحدة بشكل سلبي تُقدر بحوالي 84%، حيث تتناول المسلمين بشكل سلبي كبير مقارنة بالمقالات التي تتناول الكاثوليك، أو اليهود، أو الهندوس، أو أية مجموعة أخرى؛ حيث إن نسبة المقالات الخاصة بتلك المعتقدات الإيجابية إلى السلبية قريبة للغاية، حيث تقدر بـ50 إلى 50، وعلى النقيض من ذلك فإن 80% من جميع المقالات المتعلقة بالمسلمين كانت سلبية.

وقد فوجئ الكاتبان بالطريقة السلبية التي تُصور بها وسائل الإعلام الرئيسية المسلمين مقارنة بالأديان الأخرى، وأوضحا أن وسائل الإعلام الغربية لا تتعامل بحيادية، فغالبًا لا تنشر قصصًا سلبية عندما يتعلق الأمر بأصحاب الديانات الأخرى، في حين أنها تفعل ذلك عندما تكتب عن المسلمين.

وبعد الولايات المتحدة، قارن الكاتبان المقالات الصحفية المنشورة في دول أنجلو سكسونية غربية أخرى، مثل: «أستراليا وكندا والمملكة المتحدة»، وحللا 528,444 مقالة، ووجدا أن نسبة المقالات السلبية إلى الإيجابية في هذه البلدان كانت هي نفسها تقريبًا كما في الولايات المتحدة. 

ووجدا أن النسبة المئوية للمقالات الصحفية التي تذكر الإسلام، والتي هي سلبية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا هي نفسها تقريبًا بواقع 80% و79% و79% و77% على التوالي.

 وبشكل عام، تبين أن تناول وسائل الإعلام السلبي للغاية للمسلمين يقع في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا. 

كما أثبتت الدراسة وجود صلة بين التغطية السلبية والضرر الذي يلحق بالمسلمين، مشيرة إلى نتائج الدراسات السابقة، حيث اتضح أن دراسات أخرى تناولت مدى تأثير المعلومات السلبية على المسلمين، ووجدت أيضًا زيادة في ظهور سياسات أضرت بالمسلمين، مثل المراقبة السرية للمسلمين أو استخدام هجمات الطائرات دون طيار في البلدان الإسلامية. 

ويعتقد الكاتبان أن الاعتراف بـ"السلبية المنهجية" للتغطية الإعلامية للمسلمين والإسلام، ومن ثم معالجتها، أمر "حيوي" لمكافحة هذه الظاهرة.

 كما دعت الدراسة إلى إيجاد سياسات عادلة للجميع وأكثر إنسانية، بغض النظر عن المعتقد؛ لأن المسار الواضح للاتجاه المعادي للإسلام يثير المزيد من التشهير والعنف ضد المسلمين الذين يعيشون في الغرب.

من جانبه، يجدد مرصد الأزهر تأكيده أن بث رسائل الكراهية والتحريض على العنف ضد فئات معينة داخل المجتمع أمر مرفوض تمامًا من المنظور الديني والاجتماعي، لتنافيه مع تعاليم جميع الأديان التي تحث على التسامح والسلام.

لذا فإن المرصد يدعو إلى ضرورة وضع مزيد من الإجراءات الصارمة، وكذلك وضع سياسات من قبل إدارات منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لتقويض انتشار الأفكار المتطرفة، والرسائل التي تحض على الكراهية وتخرب عقول الشباب وتهدد سلم المجتمعات واستقرارها، كما يثمن مرصد الأزهر كل المساعي الرامية إلى إرساء مبدأ المساواة بين الجميع، بغض النظر عن العرق أو المعتقد، ويُشيد المرصد بمثل هذه الدراسات التي تُوضح ما يتعرض له المسلمون من انتهاكات ممنهجة عبر وسائل الإعلام الغربية، ويؤكد المرصد ضرورة إعادة النظر في سياسات وأيديولوجيات وسائل الإعلام المعادية للإسلام والمسلمين التي تؤجج مشاعر الكراهية وتثير الفتن بين أفراد المجتمع الواحد، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات صارمة وسن قوانين تُجرم المساس بالجاليات الإسلامية في وسائل الإعلام الغربية.