رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأدب مبيأكلش عيش».. تفاصيل مقابلة استمرت لساعتين بين المخزنجي و أديب نوبل

المخزنجي
المخزنجي

قبل سنوات بعيدة، وداخل أحد مكاتب مؤسسة الأهرام الصحفية، استقبل الأديب نجيب محفوظ، الدكتور محمد المخزنجي، والذي طلب مقابلة “محفوظ” بعد أن كتب عنه مقالًا في عدد مجلة “عالم الكتاب”.

المخزنجي اعتقد أن المقابلة ستكون سريعًة ولن تتخطى مدة الـ5 دقائق، إلا أنه فوجئ بها تتجاوز الساعتين في حضرة أديب نوبل “نجيب محفوظ”.

المخزنجي روى تفاصيل لقائه بـ"محفوظ" لـ “الدستور”، قائلًا إن “محفوظ” كتب عنه وبشر به وبكتاباته، وهنا قرر زيارة نجيب محفوظ  في مكتبه بالأهرام، وكان يعلم أنه رفيق توفيق الحكيم في مكتبه، ومن هنا فكان يعتقد أن الجلسة لن تتجاوز مدتها الخمس دقائق وسيعرب فيها عن امتنانه ويرحل، لكن “الحكيم” لم يكن موجودا، ورحب أديب نوبل بالمخزنجي وأصبحت الخمس دقائق ساعتين كاملتين تحدثا فيهما عن الكثر.

ويقول المخزنجي:" في البداية وحين جلست إليه شكرته، فقال كلامًا طيبًا فيما أكتب ثم رفع رأسه قائلًا:" أنت صغير"، فقد كنت حينها في الثامنة والعشرين من عمري ولكني كنت أبدو كما لو أنني أصغر بعشر سنوات كاملة، فقلت له "عندي 28 سنة"، وراح يتحدث معي.

وتابع:" سألني ضمن الدردشة، ماذا عن الجمع بين الطب والأدب؟، لأن هناك الكثيرين لم يستطيعوا ذلك الجمع إلا القليل ومنهم الجراح العظيم صاحب رواية "قرية ظالمة" الدكتور محمد كامل حسين، والشاعر أحمد زكي أبو شادي وهو أحد أعمدة جماعة "أبوللو" ومؤسسها، ومعظم الأطباء الذين اتجهوا للأدب لم يستطعيوا ذلك الجمع بين الأدب والطب، منهم من اتجه للطب كلية وترك الأدب، ومنهم من ترك الطب واتجه للأدب، فقلت له ضاحكًا" إنني مثل المتزوج من اثنتين، أذهب للأولى فتغضب الثانية، وأذهب للثانية فتغضب الأولى"، فدوَّت ضحكات نجيب محفوظ، والتي لاتزال أصداؤها تتردد في مسامعي. 

وواصل:" ثم سألني، هل أنت من أسرة ثرية؟، فقلت له "أنني من أسرة بسيطة لم أرث عن أبي سوى سيرتة الطيبة"، وهنا أوضح لي نجيب محفوظ صعوبة الطريق بشكل غير مباشر فقال:" أنا حرصت على أن أظل موظفًا حتى الإحالة للمعاش لأن الأدب بحسب تعبيره "ما بيأكلش عيش"، وأضاف أن بعض الوفرة كانت تأتي من كتابة السيناريو، لكنه لم يكن يكتب السيناريو إلا عندما يتفرغ من كتاباته الأدبية، وحين يكتب الأدب لايكتب السيناريو، أي أن الأولوية عنده كانت للأدب، أعتقد الآن أن ذلك كان أهم ما في حياته. 

ويكمل:" وعن قوله إن الأدب " ما بيأكلش عيش" نبوءة صحيحة باستثناءات، لان الأدب الجاد جمهوره محدود، ونجيب محفوظ لم يزد حجم توزيع أعماله بشكل واسع إلا بعد نوبل، أي بعد أن أصبح أيقونة تستثير الفضول للاقتراب منها بالقراءة، وبعد القراءة يكون الاكتشاف، ومن ثم الارتباط بالكاتب، ويتحول مجرد اسمه على غلاف كتاب له كفيلا بالترحيب. أعتقد أن طفرة هائلة تحققت في اكتشاف ملايين لنجيب محفوظ بعد نوبل، ومن ثم تضاعفت أعداد قرائه.