رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوضع آمن.. محللون وخبراء يُطمئنون المصريين: الاقتصاد الوطنى بخير.. ولا داعى للقلق

الاقتصاد
الاقتصاد

«الأوضاع آمنة ولا تستدعى القلق».. رسالة واضحة وجهها عدد من الخبراء الاقتصاديين للمواطن المصرى، فعلى الرغم مما تمر به دول العالم أجمع من أزمة اقتصادية طاحنة وتوقعات باتجاهها إلى الأسوأ فى الشتاء المقبل، يبدو الاقتصاد الوطنى صلبًا فى مواجهة هذه التحديات، مدعومًا بما حققه من أرقام ومعدلات إيجابية طوال السنوات الماضية، وسابقة تعامل الدولة مع أزمات مماثلة قريبة، ونجاحها فى العبور منها إلى بر الأمان.

وشدد الخبراء، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، على أن مصر نجحت فى إدارة أزمات خطيرة سابقة، على رأسها جائحة فيروس «كورونا» ثم الحرب الروسية- الأوكرانية، وذلك باحترافية شديدة وسياسة قائمة على مبدأ تخفيف آثارها السلبية على المواطن إلى الحد الأدنى، على الرغم من ارتفاع الأسعار غير المسبوق على المستوى العالمى، معتبرين أن الدولة قادرة على استمرار مسيرة النجاح تلك وتخطى الأزمة الحالية.

واستدل الخبراء بأن بعض الدول المحيطة، مثل تركيا، قفز فيها معدل التضخم إلى نحو ٨٠٪، مقارنة بـ١٤٪ أو ١٥٪ فقط فى مصر خلال الفترة نفسها، مستعرضين فى الوقت ذاته مجموعة من الشواهد والأرقام التى تؤكد أن الأوضاع فى مصر بخير ومطمئنة.

معتصم الشهيدى: الدولة فى طريقها للسيطرة على العجز 

قال الدكتور معتصم الشهيدى، الخبير الاقتصادى، إن الدولة المصرية تعاملت مع الأزمات السابقة من منطلق العمل على خفض التأثير السلبى لهذه الأزمات على المواطنين إلى الحد الأدنى، وهو ما دفعها إلى تحميل الموازنة العامة للدولة مبالغ باهظة لتحقيق هذا الهدف.

وأوضح «الشهيدى» أنه بالنظر إلى تعامل الحكومات فى دول محيطة، سنكتشف أن الحكومة المصرية عملت على الحد من التأثير السلبى لأزمة ارتفاع الأسعار على المواطن، وتحملت الموازنة العامة للدولة الجزء الأكبر من هذه التأثيرات. واستدل على ذلك بعدم تحريك أسعار البنزين والسولار بشكل كبير، والاكتفاء بزيادات طفيفة، بالإضافة إلى تأجيل رفع أسعار الكهرباء، وذلك مقارنة بكل دول العالم تقريبًا التى شهدت قفزات جنونية فى أسعار كل مصادر الطاقة، علاوة على توريد القمح للمطاحن العامة والخاصة بأسعار أقل من الأسعار العالمية. وأضاف: «كل ذلك تسبب فى ضغوط كبيرة على الاحتياطى الدولارى لمصر، نتيجة ارتفاع تكلفة الفاتورة الاستيرادية، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الأخيرة لترشيد الاستيراد وتعظيم الصادرات، بعدما وصل العجز إلى نحو ٤٠٠ مليون دولار». وشدد على أن مصر فى طريقها للسيطرة على حالة «انفلات العجز»، مدعومة بمجموعة من العوامل الدولية لمزيد من السيطرة خلال المرحلة المقبلة، منها تراجع أسعار القمح إلى ما قبل الأزمة الروسية- الأوكرانية، بعد الاتفاق الذى رعته الأمم المتحدة لاستئناف عمليات تصدير هذه السلعة الاستراتيجية. كما أن أسعار البترول تراجعت من ١٣٠ إلى ١٠٠ دولار للبرميل، إلى جانب تراجع أسعار معظم المعادن والسلع إلى ما قبل الأزمة الروسية- الأوكرانية، فيما عدا الغاز الذى تعد مصر من أهم الدول المنتجة والمصدرة له، وفق «الشهيدى»، متوقعًا أن تكون مصر هى المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار الغاز، خاصة بعد تحولها إلى مورد رئيسى للغاز المسال إلى الدول الأوروبية. وقدم الخبير الاقتصادى عددًا من الحلول الواجب اتخاذها فى الفترة الحالية، أهمها وقف الاستثمار فى «الأموال الساخنة» التى تدخل مصر للمضاربة على أدوات الدين «أذون الخزانة والسندات»، وقبول أى استثمارات مباشرة ودائمة لا تخرج من البلاد مع ظهور بوادر أى أزمة، مع العمل على زيادة التصنيع المحلى والإنتاج الداخلى بهدف بناء قاعدة إنتاجية وتصديرية قوية، من شأنها دعم الصادرات وترشيد الواردات واستبدالها بالمنتجات المحلية.

محمد كمال: توقعات بزيادة السياحة القادمة لـ«مصر الدافئة»

شدد محمد كمال، الخبير الاقتصادى، على ضرورة زيادة الاهتمام بقطاع السياحة، على أن يكون ذلك بشكل عاجل فى أسرع وقت، خاصة أن أزمة الطاقة المتوقعة فى الشتاء المقبل ستدفع الكثير من السياح للجوء إلى الدول الدافئة، وعلى رأسها مصر. وقال «كمال»: «أزمة نقص الغاز فى أوروبا وتأثيرها السلبى على الأوروبيين فى الشتاء المقبل ستدفع الكثير منهم إلى الإقامة لفترات طويلة خارج بلادهم، ما يعكس أهمية الاستعداد للموسم السياحى الشتوى المقبل فى مصر، بهدف جذب أكبر عدد من هؤلاء السائحين؛ لتعويض النقص فى السياحة الروسية والأوكرانية التى تأثرت بسبب الحرب». واختتم: «حملة الترويج للسياحة المصرية هى الأهم خلال المرحلة المقبلة، حتى تكون البلاد هى الخيار الأول للسياح الهاربين من أزمة الطاقة فى الشتاء المقبل».

مجدى عبدالفتاح: قادرون على تدبير احتياجات مجتمع الأعمال

استعرض مجدى عبدالفتاح، الخبير المصرفى، تفاصيل المشهد الاقتصادى العالمى فى الوقت الحالى، واصفًا إياه بأنه مضطرب بشدة بسبب تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، وقبلها جائحة فيروس «كورونا» وتأثيراتها السلبية على اقتصاديات العالم، ما أدى إلى تغلغل التضخم فى أعماق السلع والخدمات بمختلف أنواعها، وهو ما يدفع ثمنه جمهور المستهلكين. وقال «عبدالفتاح»: «من الواضح أن القطاع المصرفى عليه أعباء ضخمة فى تسيير عمليات الاستيراد والتصدير، عن طريق فتح الاعتمادات المستندية، وعمليات مستندات التحصيل، لكن لا شك فى أن هذا القطاع قوى وقادر على المواجهة وتدبير وتلبية احتياجات ومتطلبات مجتمع الأعمال».

محمد شادى: الارتفاعات العالمية قللت تدفق العملة

أكد الدكتور محمد شادى، الباحث الاقتصادى بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الاقتصاد المصرى فى مستوى آمن، رغم ما يتعرض له من ضغوط ناتجة عن وضع عالمى وليس داخليًا. وأشار إلى أن هناك ارتفاعًا فى الأسعار، سواء فى المواد الخام أو المعادن أو الطاقة أو الغذاء، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفائدة، وكل هذا أثر على تدفق العملة للخارج، فى ظل زيادة حجم الإنفاق، خاصة أن مصر تعد أكبر مستورد للمواد الخام ومصادر الطاقة. وقال إن هذه الارتفاعات ضغطت بشكل كبير على الميزان التجارى المصرى، ما نتج عنه بالتوازى تراخٍ فى معدلات تدفق العملات الأجنبية للداخل. وذكر أن الاحتياطى النقدى المصرى يعانى ضغوطًا بسبب تداعيات الأزمة، ورغم ذلك تحرص الدولة بقيادتها السياسية على استكمال برامجها لتحقيق النمو الاقتصادى، سواء على المستوى الكلى أو الجزئى، فضلًا عن استمرارية المشروعات القومية، مضيفًا أن الضغوط الحالية ستتغير لأنها مرتبطة بأحداث عالمية، وليست ناتجة عن تقصير فى سياسة وإدارة الاقتصاد المصرى. ولفت إلى أنه من المتوقع استمرار تدفق عوائد السياحة خلال الفترة المقبلة، وزيادة تحويلات المصريين من الخارج، والتوسع بشكل واضح فى تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة من دول الخليج إلى مصر. وتابع: «القرض المنتظر من صندوق النقد الدولى سيسهم فى تقليل حدة تلك الضغوط، وتحقيق مؤشرات آمنة للاقتصاد المصرى»، مضيفًا أن معدلات الدين فى مصر منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، وما زال الدين بالنسبة للناتج المحلى أقل من ١٠٠٪. وبيّن أن التوترات وموجة الشائعات ناتجة من عدم وجود موعد محدد لانتهاء الأزمة، مشيرًا إلى أن منظمات التمويل العالمية توقعت للاقتصاد المصرى معدل نمو ٥.٢٪، ولكن تخطته مصر ليصبح ٦.٦٪، وهو رقم أعلى من توقعات أكبر الجهات التمويلية على مستوى العالم.

وليد جاب الله: القطاع المصرفى لا يواجه مخاطر.. ولم نتخلف عن سداد المستحقات

قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن الاقتصاد المصرى لا يعانى أضرارًا كثيرة حاليًا، لافتًا إلى أن المؤشرات واضحة وتتسم بالشفافية.

وأضاف أن التحديات التى تواجهها مصر ليس سببها السياسات الاقتصادية أو طريقة التعامل مع مؤشرات النمو، ولكن ضعف الإمدادات بالمواد الخام وارتفاع تكلفة الطاقة.

ولفت إلى أن مصر تواجه تحديات تتمثل فى الفجوة التمويلية نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات من الخارج بعد ارتفاع الأسعار عالميًا.

وقال إن حالة التضخم تضرب الاقتصاد العالمى، وبالتالى جميع الدول تواجه تحديات وليس مصر وحدها، موضحًا أن المشكلات الموجودة فى مصر أقل بكثير من التى تعانى منها اقتصاديات دول عظمى، ضاربًا المثل بالولايات المتحدة الأمريكية التى رفعت سقف الدين لديها إلى ٣٠ تريليون دولار.

وذكر أن الحكومة تتعامل بعدد متنوع من الإجراءات لسد الفجوة التمويلية على المدى القصير، حتى تهدأ الأوضاع وتعود مؤشرات الاقتصاد العالمى إلى معدلاتها الطبيعية.

وأشار إلى أن القطاع المصرفى من أقوى قطاعات الاقتصاد المصرى ولا يعانى من أى مخاطر، كما أنه مصنف بتصنيفات جيدة وحصل على العديد من الجوائز، ولا يعانى أى مشكلات، فضلًا عن أن ملف الدين ما زال تحت السيطرة وفى نطاق المعدلات العالمية، قائلًا إن مصر لم تتخلف يومًا عن سداد مستحقات أو ديون، ولكن هناك خطة موضوعة للنزول بمعدل الدين المصرى إلى مستويات أقل، على أن تتخذ مسارًا تنازليًا لتحقيق فائض أوّلى فى الموازنة، لأنه الدعامة الأساسية.

عزالدين حسنين: 90% من الدين الخارجى طويل الأجل حتى 40 عامًا

اعتبر عزالدين حسنين، الخبير المصرفى، أن مؤشرات غالبية قطاعات الاقتصاد المصرى جيدة، ومن المتوقع أن تظل كذلك حتى نهاية العام الجارى، مدعومة بمعدل نمو إيجابى قدره ٣.٢٪ خلال الربع الأخير من العام ٢٠٢٠/٢٠٢١، ومتوسط معدل نمو إجمالى فى حدود ٦٪ تقريبًا، وهو من الأعلى فى دول المنطقة. وأضاف «حسنين»: «قطاع الصناعات التحويلية كان من أهم محركات النمو، يليه التجارة والزراعة والخدمات، كما أن معدل البطالة استقر عند ٧.٢٪ فى الربع الأخير من العام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢». وأشار إلى التقدم الذى حققه أداء الميزان التجارى خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالى ٢٠٢١/٢٠٢٢ «يوليو- مارس»، مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق عليه ٢٠٢٠/٢٠٢١، خاصة ما يتعلق بنمو الصادرات المصرية غير البترولية بنسبة ٥٧.٨٪، والصادرات البترولية بنسبة ١٢٢٪. ورأى أنه «لا داعى للقلق بخصوص الدين الخارجى، فى ظل أن أكثر من ٩٠٪ منه دين طويل الأجل يصل إلى ٤٠ عامًا فى بعض آجال الاستحقاق، كما أن الدولة أوشكت على التوصل إلى اتفاق بشأن مفاوضات صندوق النقد الدولى». وبيّن أن «هذا القرض مهم جدًا فى الفترة الحالية، ليس بسبب قيمته فقط، بل لأنه يمثل شهادة ثقة فى الاقتصاد الوطنى، تسهم فى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب ودفعهم لضخ المزيد من أموالهم داخل مصر». واختتم بالحديث عن القطاع المصرفى، واصفًا إياه بأنه من أقوى القطاعات الاقتصادية فى مصر، ولديه ملاءة مالية مرتفعة، ويستطيع الصمود أمام التحديات العالمية الحالية والمستقبلية.