رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من حكايات نجيب محفوظ في وزارة الأوقاف وعمله في مشروع القرض الحسن

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

نجيب محفوظ، أديب نوبل العالمي، والذي يشهد شهر أغسطس ذكرى رحيله في العام 2006، كان من أبرز سماته الدقة والتنظيم في حياته العملية. حضرة المحترم الذي ظل محتفظا بعمله كموظف ورفض التفرغ للعمل بالصحافة.

يحكي “محفوظ” للروائي جمال الغيطاني ملامح من محطات سيرته الذاتية، والتي سجلها الأخير في كتابه “المجالس المحفوظية”، كيف أنه دخل الوظيفة الحكومية عام 1934 وبقي فيها حتى بلوغه السن القانونية.

يقول محفوظ: كان الأدب ممكنا أن يفي بحاجاتي المادية ولكن بعد انتشار ظاهرة تزوير الكتب في الخارج أصبح ذلك مستحيلا، رفضت داذما أن أتفرغ للعمل في الصحافة خوفا من الضياع، لأنه مجال مختلف عني ولم أعد نفسي له، لم تكن الوظيفة مملة، كنت أتعامل يوميا مع العديد من الناس، ونماذج لا حصر لها، من أخصب فترات الوظيفة المرحلة التي عملت خلالها في وزارة الأوقاف.

ــ الأوقاف عدة وزارات في بعض

ويلفت محفوظ إلى: في وزارة الأوقاف عدة وزارات في بعض، صحة، زراعة، دين، كنت ترى المستحقين، ونوعيات مختلفة بدءا من حفيد السلطان عبد الحميد إلى فلاح فقير له حصة في وقف، كان فيها حاجات عجيبة، عاصرت الوظيفة في أطوار مختلفة، لم تكن هناك قوانين تحمي الموظف، أول قانون عمله أمين عثمان في وزارة النحاس سنة 1942، عدا ذلك لم يكن يتقدم في الحكومة إلا أوباشها، كان هناك من يبيعون أعراضهم، كنا نعرف أن مدير مكتب أحد الوزراء أعد شقة خاصة للوزير، أضف إلي ذلك انتشار الشواذ، يعني نموذج محجوب عبد الدايم، ورضوان بن ياسين في الثلاثية كان منتشرا جدا، كانت أياما شبيهة بأيام المماليك، جهاز إداري فاسد، لكن بالنسبة لمسألة الرشاوي كان الحال أفضل من الآن، كان فيه انضباط وإدارة قوية، في إدارة الجامعة مثلا كان فيه موظف واحد مرتشي، وكان معروفا، طبعا مصادر الرشوة كانت اختصار الإجراءات، نفي الإجراءات يمكن أن تستغرق شهرا أو تستغرق يوما، والسبب صياغة معينة في المذكرة، مثل “أفيدونا عن الشذ الفلاني”.. ألخ.

ــ طوال النهار أتحدث وأرغي مع النساء

 ويضيف “محفوظ” في “المجالس المحفوظية”: تعاقب الوزارات المختلفة كان يصبح له انعكاس على الوزارات، الكبار يذهبون، عامة الموظفين متفرجون، كان هناك ترحيب دائم بوزارات الوفد، لأن جرت العادة على أن ينال صغار العاملين بعض الفائدة، عندما نقلت إلى مكتبة الغوري كان ذلك بسبب تغيير وزاري، كنت على صلة بأحد الوزراء، لم تكن صلة عميقة، وعندما حدث تغيير طلبوا مني أن اختار مكانا آخر، طلبت النقل إلى قبة الغوري، ظنوا أنني أحتج، ولكنني قلت لهم أنني سأكون سعيدا جدا، طبعا أنت تعرف أن القبة تضم مكتبة ضخمة، في هذه الفترة قرأت مارسيل بروست، عملت أيضا فترة في مشروع القرض الحسن، فترة ممتعة، كانت النساء يجئن ليرهن الحلي والمصاغ، طوال النهار أتحدث وأرغي مع النساء القادمات من الحواري، والأحياء الشعبية.