رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إبراهيم صالح: أحب الكتابة التاريخية.. والـ«فيسبوك» صحيفة عالمية (حوار)

الروائي إبراهيم صالح
الروائي إبراهيم صالح

الكاتب إبراهيم صالح من مواليد بورسعيد عام 1963، وله أكثر من سبعة أعمال إبداعية ما بين القصة والرواية، كان آخرها روايته "تولون.. الإسكندرية، رحلة الأمير كمال الدين حسين"، والتي احتفت بها الأوساط الثقافية من خلال مناقشات عدة كان آخرها بقلم، وفي حضور الروائي الكبير فتحي إمبابي، والذي أشاد بعالم "صالح" الروائي واختلافه التاريخي والرمزي في سروده، وكان ذلك منذ شهور قصيرة مضت.

الكاتب إبراهيم صالح مع الناقد يوسف نوفل والروائية عزة بدر في أحد التكريمات

بعد صدور روايتك الأخيرة "تولون.. الإسكندرية" لماذا كان هذا المنحى التاريخي؟ ولماذا الإسكندرية وأنت المولود ببورسعيد؟

المنحى التاريخي هنا في الكتابة ليس جديدا بالنسبة لي، فهذه الرواية التاريخية سبقتها رواية تاريخية أخرى وهي رواية 919 هجرية، ترسم صورة عن المجتمع المصري آواخر العصر المملوكي، ونعم أجد بنفسي شغفا شديدا للكتابة التاريخية بشكل أو بآخر، ولكن فقط إذا وجدت الموضوع أو الفكرة التي تجعلني أنفعل بها وأتحمس لها، فهذا شرط أساسي أراه من وجهة نظري لكي أبدأ في كتابة مشروع الرواية، وبالنسبة لعنوان الرواية الأخيرة "تولون.. الإسكندرية" مرفق بعنوان تكميلي وتوضيحي للقارئ "رحلة الأمير كمال الين حسين" لكي أوضح أن الرواية تتكلم عن هذه الشخصية التاريخية تحديدا، ولمن لم يقرأ عنها، الأمير كمال الدين ابن السلطان حسين كامل، والذي تولى حكم مصر عام 1915، وحتى  توفي عام 1917 وأراد قبل وفاته أن يورث السلطنة لابنه الوحيد الأمير كمال الدين، ولكنه رفض بإصرار بخطاب رسمي يعتذر فيه عن الحكم وآل الأمر للأمير أحمد فؤاد.

والعمل تاريخي في المقام الأول ويتكلم عن رحلة أخيرة للأمير فوق الباخرة دارتينيان من ميناء تولون بجنوب شرق فرنسا حتى ميناء الإسكندرية.

الروائي إبراهيم صالح وتسلمه جائزة اتحاد الكتاب

حينما نكتب التاريخ نتحرك في إطاره المعلوماتي والشكلي لكي نلتزم بالمسارات التاريخية قدر الإمكان، ولكن المضمون الإنساني هو ما نتحرك فيه بمساحة كبيرة من الحرية في الكتابة والتعبير.

  • بعد سبعة عناوين ما بين القصة القصيرة والرواية ما هو المسار السردي الذي تجد نفسك فيه؟

الرواية بحرها عميق تسبح فيه وتغوص لتعبر عما يجيش بأغوار نفسك، وقادر من خلالها أن تسبر هذه الأغوار إلى حد ما، القصة القصيرة تلجأ في الكثير من الأحيان فيها إلى التركيز الشديد والرمزية لعدم وجود المساحة الكافية للتعبير من خلال السرد، الرواية قادرة أن تشدك إليها وتجذبك من نفسك ومن عاداتك لتدخلك في طقس يومي لكي تكتب وتراكم ما كتبته حتى تنجز مشروعها، الرواية اليوم تستحوذ على اهتمام معظم الكتاب حتى من يبدأ رحلة الكتابة والإبداع معظمهم أصبح يبدأ بكتابة الرواية وليس بكتابة القصة القصيرة لذا ستجد العديد من الأعمال الروائية والتي تصدرها المطابع على مدار العام جانب كبير منها  ليس على المستوى المطلوب من النضج والعمق الكافي بما يشبع ويرضي القارئ الواعي والمهتم بالكتابة الأدبية خصيصا.

غلاف رواية " تولون الاسكندرية آخر أعمال الروائي ابراهيم صالح
  • عن الواقع الثقافي في مدينة بورسعيد وتلك الفعاليات التي لا تنتهي فيما يخص الرواية والقصة والشعر.. كيف تقيم تلك الفعاليات أو الإبداعات وهل ما زلت مؤمنا بأن هناك كتابات مركزية وكتابات أخرى للأقاليم أم تم نسف هذه المقولة؟

تم نسف هذه المقولة منذ سنوات عديدة، وبصفة خاصة منذ انتشار "فيسبوك"، والذي أصبح عبارة عن صحيفة عالمية يوجد من خلالها كل الكتاب على مستوى ليس الدولة الواحدة، بل كل دول العالم، لم يعد هناك ما يسمى كتاب الأقاليم، فقد أصبح التواصل عابرا كل المسافات مهما بعدت، ولست مضطرا لحضور مؤتمرات الثقافة الجماهيرية، والتي كان الهدف منها التواصل والتلاقي بين الأدباء من شتى ومختلف المحافظات والأقاليم، الإنترنت حاليا أصبح بديلا للصحافة الورقية التي تلفظ أنفاسها، أو بالفعل قد انتهى عصرها، وها نحن نتواصل مع الجميع من خلال الفيس ومواقع الإنترنت الثقافية المختلفة كل حسب اهتمامه.

  • انتهت منذ أيام فعاليات المعرض الخامس للكتاب ببورسعيد.. فما هو تقييمك لتلك الفعاليات وكيف ترى علاقة كتاب بورسعيد بماهيات السرد في كل صوره.
حظر تجوال غلاف أحد أعمال الكاتب إبراهيم صالح

المشهد الإبداعي ببورسعيد به زخم وحراك ملحوظان، وبه العديد من الفعاليات على مستوى نادي الأدب أو الصالونات الأدبية خارج قصر الثقافة، لم يعد النشاط قاصرا على دور الثقافة الجماهيرية كدور أساسي ووحيد، هناك حاليا صالون أمواج بمقر حزب العمل، وهناك صالون الأربعاء بنادي التوكيلات الملاحية ومنتدى الشرق بمقر حزب التجمع والعديد من الندوات تحتضنها تلك الفعاليات التي تضيف للمشهد الثقافي زخما وثراء وبالنسبة لمعرض الكتاب، والذي انعقد للعام الخامس فإنه يضفي بالطبع على هذا الحراك ويدعم مسيرته، حيث يقام به العديد من الندوات، وإن كان هذا العام أقل في فعالياته من وجهة نظري من الأعوام السابقة ربما بسبب عدم تغطية ندواته لمناقشة العديد من الأعمال السردية لمبدعي مدينة بورسعيد، والتي صدرت خلال نفس العام الذي يقام به المعرض، أقصد عام 2022، وهو ما نرجو أن يتم تداركه خلال الدورات المقبلة، المعرض يجب أن يكون مرآة للإبداع والمبدعين ويتابع الحركة الإبداعية في أحدث صورها ويحتفي بالمبدعين وبإصداراتهم.

  • هناك الكثير من الأسماء كان لها السطوة والتأثير في كتابات أبناء جيلك، فهل هناك مثال آخر أو رمز ما فيما يخص الرواية أو القصة تأثر به الكاتب إبراهيم صالح سواء كان مصريا أو عربيا أو عالميا؟

تتراكم إبداعات الأجيال وتصبح نبعا كبيرا يستقي منه أي كاتب أفكاره ويطور من خلال هذا النبع الكبير موهبته، وباعتباري أنتمي لجيل التسعينيات، حيث بدأت الكتابات الأولى لي في الظهور فإنني أدين بالفضل لكل الأجيال التي سبقتني من الكتاب والمبدعين، ولن أفضل اسم مبدع على آخر، فكل من سبقوني لهم الفضل في تنمية وتطوير موهبتي في الكتابة السردية، واحب أن أنوه هنا بأن هناك العديد من الكتاب والمبدعين لم يكتسبوا شهرة ولكن أعمالهم تبقى لكل باحث وراغب في الاضطلاع على السرد والإبداع بصرف النظر عن شهرة صاحبه، لكل إبداع ناحية جمالية خاصة به فهو بالنهاية يعبر عن تجربة شخصية وحياتية لصاحبه نخرج منها بقيمة وبحكمة وبخلاصة لتلك التجربة، على سبيل المثال لا الحصر أعجبت بكتابات سعد حامد، فهو رغم أعماله الأدبية القليلة وعدم معرفة الكثيرين به ككاتب عال في قيمته الإنسانية، والتي عبرت عنها كتاباته، وهكذا ستجد مثله كتاب كثر لم يحوزوا شهرة، وانتهت حياتهم وتراكم إبداعهم على رفوف المكتبات لكل من يبحث ويجد في القراءة.

  • في هذه الأيام تحل الذكرى السادسة عشرة لرحيل أديب نوبل نجيب محفوظ، فما وجهة نظرك ككاتب روائي وقاص تم الاحتفاء به من قبل من خلال أكثر من كاتب آخرهم الروائي الكبير فتحي إمبابي.. ترى ماذا سيتبقى من أعمال نجيب محفوظ؟

مثلما تبقت أعمال كل من ديستويفسكي وتولستوي وتورجنيف وفيكتور هوجو وتشارلز ديكنز وغيرهم من المبدعين الكبار وعبرت كتاباتهم الإبداعية جغرافية المكان وتخطت حاجز الزمن، هكذا ستبقى كتابات نجيب محفوظ أعمالا إبداعية خالدة، حينما كنا نقرأ لهؤلاء الكتاب العالميين ما كنا نهتم بجغرافية الكاتب أو زمن ولادته، ولكننا فقط كنا نهتم بالعمل الإبداعي الخالد الذي نقرأه، وهذا ما سيصبح مصير إبداع الكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي خرج منذ زمن إلى العالمية بامتياز.