رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشاعر صالح الغازى: ثقافة الإنترنت السهلة ساهمت فى الترويج لأفكار غير مستقيمة

الشاعر صالح الغازي
الشاعر صالح الغازي

مازالت أصداء محاولة اغتيال الكاتب سلمان رشدي تتردد، وتتوالى ردود الفعل عليها، وظهرت من جديد قضية تواري دور الأدب والفن مقابل توغل وتغول الخطاب التكفيري المتشدد.

وحول هذا الأمر، قال الشاعر صالح غازي، في تصريحات خاصة لــ«الدستور»: «قبل سنوات قررت أن أقرأ "آيات شيطانية" لسلمان رشدي، تلك الرواية التي شغلت الرأي العام الإسلامي لسنوات، وكنت أعرف الملابسات من محاولات قتل وتكفير من هنا وحماية ورعاية من هناك».

«آيات شيطانية» رواية فانتازيا

وأضاف: «وجدت آيات شيطانية، طويلة جدًا قرابة 600 صفحة، عن هنديين عائدين من الهند إلى إنجلترا في طائرة، أحدهما هاجر لإنجلترا وينتصر للثقافة الغربية والآخر ممثل يائس له، موقف ملتبس من الثقافة الهندية ومن الحياة، تنفجر الطائرة بهما ويطير المقعد لتتحول الرواية إلى فانتازيا، لم تجذبني الرواية فقد وجدت التناول ضعيفًا وحتى الإسقاطات فيها لم تجذبني كعمل روائي فني، رأيته غير مؤثر، لم أستطع إكمالها بالفعل.. لكنني فهمت التالي:

أولًا: أنها تنطلق من وجهتين، وجهة تنتصر للثقافة الغربية وبوتقة الفلسفات الأوروبية المعاصرة، والوجهة الثانية الضيق والنقد والتفنيد للمعتقدات الشرقية الهندية الإسلامية.

ثانيًا: صادف أن تقوم إحدى المرجعيات الدينية بفتوى إهدار دم وتكفير، أعتقد لو قرأ صاحب الفتوى الكتاب لما فعل كل هذا! فيما أظن أنها فتاوى سياسية لكن جاءت بالعكس لأن رد الفعل الغربي جاء مساندًا وداعمًا لسلمان!، أو قد تكون الفتوى على طريق المغازلة للعامة وحققت من هذه الوجهة بعض المكاسب، حيث وضعت المرجعية في مكانة حامي الدين والتف حوله وهلل له الكثير من العامة!.

ثالثًا: استطاع سلمان الحفاظ على مظهر المظلوم نتيجة اضطهاد عرقي، لكن لم تظهر أفكاره كأفكار خطيرة أبدًا.. ولا حتى روايته كروايات جذابة ومؤثرة».

وتابع صالح الغازي: «لكن الأفكار المتشددة التي تسببت في طعن الكاتب في رأيي استولت على بعض العقول لأسباب واضحة، وهي نفس أسباب تواري الأدب والفن في منطقتنا، منها: عدم وجود الموضوعية في أحكامنا ومعرفتنا، فهل قرأت الرواية؟ الثقافة السهلة عن طريق الإنترنت ساهمت في الترويج لأفكار غير مستقيمة، حيث يفكر مستخدم الإنترنت بفكرة ويمشي باتجاهها فقط ويجد ملايين الرؤى الداعمة دون بحث عن حقيقة، بالإضافة إلى خلل في ثقافة التعبير عن الرأي وكيفية الاعتراض وكيفية تنفيذ الحكم على الآخر، فهل لفرد سلطة الحكم على قتل الآخر وتنفيذ الحكم؟

ماذا لو كتب أحدهم كلمات ناقدة لاذعة لماذا لا نرد عليها بكلمات؟ لماذا لا ننقدها ونفندها؟ وحتى إن مست شخصية مقدسة.. هل يمكن أن يأخذ شخص قرار قتل شخص بسبب رأيه؟ نعم إن هناك قصورًا كبيرًا في فهم الأدب ودوره».

وأكد «الغازي» على أنه: «لا يمكنني قبول مقارنة نجيب محفوظ بسلمان رشدي؛ لأن محفوظ له قدرات فنية عظيمة ورؤى فلسفية مدروسة وحتى الرمز متعدد الدلالة يغوص في عمق الثقافة العربية الإسلامية بوعي، بينما سلمان فكرته أحادية، تعبر عن وجهة وظروف وحالة (سلمان)، وحتمًا لا يمكن تقبل قتل أي كاتب بسبب عمل فني أو بسبب كتاباته، هذه إساءة للكلمة».