رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خالد إسماعيل: فى العشرينيات تم تكفير طه حسين لكن لم يفكر أحد بقتله

خالد إسماعيل
خالد إسماعيل

سلمان رشدي قد يفقد إحدي عينيه، جراء الهجوم الذي تعرض إليه بمدينة نيويورك أمس الأول الجمعة، خلال إلقائه لإحدى المحاضرات الأدبية. حادثة طعن سلمان رشدي في رقبته أعادت إلى الأذهان واقعة تعرض الروائي المصري نجيب محفوظ للطعن في عنقه خلال تسعينيات القرن العشرين.

 

هذه الحوادث وغيرها من تعرض الأدباء للتكفير وفتاوي القتل وإهدار الدم، بالإضافة إلى دعاوى الحسبة وازدراء الأديان وخدش الحياء العام، تطرح السؤال حول دور الثقافة في الوعي العام، ولماذا يتصدر المشهد دعاة التشدد والتكفير دون الأدباء والمبدعين، بمعنى أدق، لماذا استحوذ دعاة التكفير على الذهنية العامة دون الأدب والفن؟.

 

في هذا الصدد قال الكاتب خالد إسماعيل في تصريحات خاصة لــ "الدستور": "من المهم الربط بين طعن نجيب محفوظ وطعن سلمان رشدى والحركة السياسية الإسلامية بشقيها السنى والشيعى، فالفتوى التى كفرت محفوظ صدرت عن شيخ سنى المذهب، والفتوى التى أهدرت دم سلمان رشدى صدرت عن الخمينى المرجع الشيعى الأعلى وقائد الثورة الشيعية الكبرى فى إيران، والطرف الغائب ـ المخرج ـ الحاضر، هو "المخابرات الأمريكية الأمريكية" التى أطلقت الحرب الدينية لتقطع الطريق على الاتحاد السوفيتي الشيوعى فلا يصل للمياه الدافئة ومنابع البترول فى الشرق الأوسط، ولهذا كان من الممكن فى غير هذا الزمن الأمريكى أن تحسم المسألة بكلمات فى كتاب أو فى صحيفة، ولا يراق الدم، وإذا كان طاعن "نجيب محفوظ" رأى فيه كافرًا تعدى على قدسية الدين، وطاعن سلمان رأى فيه كافرًا انتهك قدسية الدين، فالمسئول هنا عن هذا العنف من أباح اللعب بورقة الدين لتحقيق مكاسب سياسية.

 

وتابع صاحب "درب النصاري": ففى عشرينيات القرن الماضى تعرض طه حسين لموقف مشابه واتهمه البعض بالكفر، لكن أحدًا لم يفكر فى قتله، ناقش البرلمان القضية وكتبت الصحف وتراجع طه حسين عما كتب، وانتهى الأمر، وبعدها تعرض الشيخ على عبدالرازق لقضية الخلافة الإسلامية وفصل من لجنة كبار العلماء وخرج وزيران من الحكومة، ولم يقتل، لأنه لم تكن فى مصر جماعة الإخوان، ولم تكن هناك لعبة سياسية تستخدم الدين للحفاظ على منابع البترول والتصدى لعقيدة سياسية مضادة.

 

واختتم إسماعيل مشددًا على: باختصار، أقول إن الزمن الأمريكى هو المسئول وإن الأمريكان هم مصدرهذا البلاء، ومن مصادفات التاريخ أن يتم طعن سلمان رشدى فى قلب أمريكا، فى ظل استقطاب سياسى تظهر فيه ايران فى مشهد قريب من مشهد انتصار الثورة الإسلامية فيها، ولكن هذه المرة سيقول الناس "الخمينى" هو طاعن سلمان رشدى، والحقيقة هى أن الفن والأدب تم قتلهما وطعنهما بأيدى الأمريكان الذين أطلقوا وحش الإسلام السياسى فى زمن الحرب الباردة وها نحن ندفع ثمن الخطيئة الأمريكية.