رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عيال المهاجرين».. «قصور الثقافة» تُصدر ديوانًا جديدًا للشاعر الراحل عبده العباسى

بورتريه للشاعر عبده
بورتريه للشاعر عبده العباسي

 

غلاف ديوان الشاعر الراحل عبده العباسي

طرحت الهيئة العامة لقصور الثقافة، اليوم الإثنين، ديوان "عيال المهاجرين" للشاعر عبده العباسي الفائز بالنشر الإقليمي للهيئة لعام 2021/2022، ويعد الديوان خامس إصدارات الشاعر الراحل عبده العباسي.

وصدر لـ"عبده العباسي" من قبل "النزع الأخير من السفر" و"ناعسة والريح الجاية " و"بعض الدموع قد تجلى العيون " و"آخر مسافات الرحيل".

ويقول الأديب أسامة عبدالعزيز رئيس نادي أدب بورسعيد ورئيس نادي الأدب المركزي، في تصريح خاص لـ"الدستور": "حين تقرأ الديوان تشم بين السطور رائحة اليود وتعلق بأنفك رائحة خيرات البحر وتنعكس على عيناك لمعة الأسماك والمياه المتساقطة من شباك الصيادين تحدّثك الرمال عن تاريخ المكان وتحدثك السطور عن جغرافيا الديوان ففي الكثير من الأعمال الأدبية يلجأ الأديب لأن يتقمص دور المؤرخ الشاهد على العصر الموثق للأحداث المرئية والمسموعة مما يجعل بعضها مرجعًا رئيسيًّا للعودة بالزمن للخلف كما حدث في بعض روايات نجيب محفوظ من حيث وصفه لأماكن طمست معالمها وعادات وطباع بشرية إندثرت مع الوقت بفعل الزمن ودهست بعجلات قطار التكنولوجيا تحت مسمى التطور وهذا ما فعله الشاعر عبده العباسي في ديوان "عيال المهاجرين" الذي جاء في ما يقرب من مائة وعشرين صفحة وثّق فيهم حقبة زمنية وتاريخ نضالي لمدينة تقع في ناصية العالم بين قارتين ويبدو كونه باحثًا في علم الإنثروبولوجيا أفاده كثيرًا في كتابة العمل".

وتابع: "أجاد الشاعر في استخدام ذاكرته للحكي بإسهاب بدقة متناهية كما استخدم عينة للوصف فكانت بمثابة كاميرا تصور الأحداث بحرفية عالية ولو بدأنا بالعنوان "عيال المهاجرين" والإهداء أيضًا، فإنهما يُشيران إلى رؤية الشاعر وهي إلقاء الضوء على الأبناء وليس الآباء وما ترتب عليه في نفوسهم وتكوينهم النفسي والثقافي جرّاء تلك التجربة القاسية فقد كانت الهجرة بمثابة "العبور الأول"، حيث كانت عن طريق بحيرة المنزلة تحت القصف الغاشم مما تسبب في إغراق بعض"اللنشات" وقتل عدد من المهاجرين واستخدم الشاعر مفردات ودلالات خاصة جدًا ببيئة وزمن النص".

ويكمل: "كما استخدم الشاعر أسلوب الراوي والمروى عنه في بعض القصائد وهي تقنية وأسلوب أنا وأنا الآخر وجاء بمفردات أضافت واقعية سحرية للنصوص قد تدعو للاستغراب لفظًا لكنها أضافت قوة للمعنى مثل "بلبوص، الجحش، النملية، أيّالة، أوتومبيل، خلول، سمنية، كسكسية" وغيرها الكثير من المفردات التى بدأت في الاختفاء من قاموسنا اللغوي، مما يدعو الأجيال التى لم تعاصرها للسؤال عنها وأثمن ذلك للشاعر، حيث قد يساعد ذلك على الحفاظ على الهوية وأحياء لبعض العادات التى انقرضت منذ زمن بعيد وبعين الراوي العليم نجده ينتقل من حدث لآخر بلغة رشيقة يطغى عليها البساطة بمنتهي العمق كما في ظهر الغلاف يقول الشاعر أتولدت على رمل شط فارد ملامحه للسما من غير جراح ولّا دما شُفت الحياة معلّمة علمتني حرفين كتابة حرف لبداية حياة وحرف تاني للحرية علّمتني أكتب ألف أغنية هذا هو العمق بمنتهى البساطة".

وأكمل: "تضمّن الديوان العديد من الصور الشعرية المدهشة كمثل "وخرجنا من جسم المدينة الحزينة " بصرف النظر عن الأنسنة فهي تقنية متبعة ولكني أزعم أن الشاعر في هذه الصورة أراد بقصد أو بدون أن يؤكد أهمية المهاجرين لحياة المدينة وأهمية المدينة لحياة المهاجرين وكأنهما جسد واحد وبانفصالهما عن بعضهما فقد كل منهما الحياة ثم يدهشنا بقوله "سكّة النّصر اللي كان معقود على لسان ربّنا" ويعاود الدهشة "الشمس لمّت شعرها في الليل " والكثير من الصور البلاغية والتراكيب التي لا يسعني الوقت لذكرها كما استخدم المشهدية في مواضع كثيرة.

واختتم «عبدالعزيز» تصريحاته، قائلًا: في المجمل ديوان "عيال المهاجرين" تجربة تستحق الدراسة باستفاضة كي يتسنى لنا فك رموزه ودلالاته والغوص أكثر في المعنى المختبى في النصوص، حيث إنه في بعض الأحيان يكون النص أذكى من الكاتب فيحيلنا لرؤى لم يقصدها أو ربما لم يعيها.