رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من بينهم شقيق زوجة عبد الناصر و«حرامي».. حكاية «شلة العباسية» في حياة نجيب محفوظ (1)

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

تكونت أول "شلة" في حياة نجيب محفوظ في "العباسية"، وامتدت علاقته بأصدقائه حتى رحيله. 

لم تخل مرحلة من مراحل حياة أديب نوبل من "شلة" يجد معهم وعندهم التسلية والتجاوب، روى في مذكراته المنشورة بعنوان: "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" لرجاء النقاش: "في مرحلة الصبا كانت الصداقة تحكمها الانفعالات، فبين عشية وضحاها يمكن أن تتحول الصداقة إلى خصومة، وفي اليوم التالي تعود من جديد، وهكذا طبيعة الأطفال وتقلباتهم".

شهدت مقهى "عرابي" على لقاءات "شلة" العباسية التي امتدت لسنوات طويلة حتى باعدت الأيام بين بعضهم، خاصة من قرر الهجرة وهم مصطفى كاظم "شقيق زوجة الرئيس عبد الناصر" وأدهم رجب، الوحيد الذي استمرت علاقته بأديب نوبل.

ضمت "شلة" العباسية اثنين من عائلة "آل نويرة" فؤاد ومختار، بجانب الدكتور أدهم رجب وشقيقه إسماعيل طلعت "أسماء مركبة"، واستمرت علاقة أديب نوبل نجيب محفوظ بالدكتور "أدهم"، إذ كانا يلتقيا في المناسبات وفي الإسكندرية، وإذا لم تسمح الأحوال باللقاء كانا يتواصلا هاتفيًا. 

وصف نجيب محفوظ الدكتور أدهم رجب، بأنه كان من المهتمين بالثقافة والأدب ومكنه اختياره لدراسة الطب "غير الإكلينكي" من زيادة اطلاعه لاتساع وقته وفراغه، إذ لم يكن لديه عيادة تستنزف جهده ووقته بالإضافة إلى انتمائه لأسرة ثرية. 

حكى أديب نوبل، أن "أدهم رجب" عندما بلغ سن الرشد كان يصله إيراد شهري من العقارات والأراضي لا يقل عن خمسمائة جنيه مصري، وهو مبلغ هائلة في فترة منتصف الثلاثينات، لكنه لم يكن حريصا على الثراء إطلاقًا، لذا تراجعت قيمة الإيراد بمرور السنوات وصولًا لفترة الانفتاح التي وضعته ضمن فئة الفقراء.

وأكد "محفوظ" أن مصطفى كاظم شقيقة تحية كاظم زوجة الرئيس جمال عبد الناصر كان من ضمن أفراد "شلة" العباسية، بالإضافة إلى أحمد الحفناوي "موسيقار غير معروف"، والألفي مأمون، والمعلم كرشو. 

وضمت "شلة" العباسية نجيب الشويخي الذي كانوا يعتبروه رفيقهم "الشرير" إذ اعتدى في إحدى المرات بالضرب على  معظمهم، روى "محفوظ": "وقد اعتدى بالضرب على معظم أعضائها، حاملا تهديده الدائم لأي عضو يختلف معه، بألا يخرج من بيته حتى لا يتعرض للضرب".

كان "الشويخي" من عائلة "الشويخ" الشهيرة في العباسية، وكان من ضمن عائلته شخص ثري وتحول به الحال فمات فقيرًا، أما "الشويخي" فكان من هامش العائلة الفقير، ورغم أنه لم يكمل تعليمه لكن كان بإمكانه أن يحصل على أفضل عمل في أجود الأمكان لقدرته الدائمة على فعل أي شيء دون وازع أو ضمير، فمثلًا إذا طُلب منه أن يجلب عاهرات لرئيس عمله لن يتورع عن القيام بذلك، يعترف "محفوظ": "أعتقد أنني قدمت مثل هذه الشخصية في رواية المرايا". 

ورغم "شر" نجيب الشويخي لكنه كان لا يخلو من الظرفة والطرافة، وهو السبب الوحيد الذي دفع شلة "العباسية" إلى أن يعتبروه واحدًا منهم، خاصة بعدما فشلوا مرارًا وتكرارًا في طرده وإبعاده عنهم.

في إحدى الليالي تسلل نجيب الشويخي إلى بيت في العباسية ليسرق "تكعيبة" عنب، فقبضه صاحب البيت وسلمه للشرطة، وقُدم "الشويخي" للمحاكمة وحضر "محفوظ" و بقية "شلة" العباسية جلسات المحاكمة وكان برفقتهم حسن عاطف طيار الملك.

كان أفراد "شلة" العباسية على ثقة ويقين تام بأن "الشويخي" سينال عقابا رادعًا أو سينال عقابًا إلهيًا تخلص الناس من شروره، لكنهم فوجئوا أن القاضي يطلق سراحه بعدما وبّخه، خاصة وأنه كان لا يزال صغير السن، لذا خرجت "شلة" العباسية تجر أذيال الخيبة والإحباط، يقول "محفوظ": “كان حسن عاطف مذهولا يضرب كفا بكف ويردد: ”هذا ظلم".