رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. هكذا تناولت دراما أسامة أنور عكاشة الشخصية المصرية

 أسامة أنور عكاشة
أسامة أنور عكاشة

81 عامًا مرت على ميلاد الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، الذي ولد في 27 يوليو 1941، فهو أحد أهم المؤلفين وكتابي السيناريو في الدراما المصرية والعربية، وتعتبر أعماله التليفزيونية الأهم والأكثر متابعة في مصر والعالم العربي مثل "ليالي الحلمية"، "الشهد والدموع"، "المصراوية"، "أرابيسك"، وغيرها.

وفي حوار له بجريدة "الأخبار" بعددها الصادر بتاريخ 30 مايو 1990 وردا على سؤال له عن شخصيات أعماله هل يختارها من رصيد قديم أم ما زال يتعرف على شخصيات جديدة توحى له، كشف عن أن أسوأ ما يتعرض له الكاتب هو العزلة، مستطردًا: لو ظل مبقيًا على خيط يصله بالواقع سيظل في منطقة الأمان، وأنا أحرص على أن أعيش وسط الناس أتابع دائما وبشكل مستمر، لأن الناس هي المادة الخاصة بي، والمخزون يتجدد مع تجدد الاتصال بالناس، ولا بد وأن يظل الكاتب مبقيًا على هذا الاتصال.

ففي الدارما المصرية "ليالي الحلمية" التي أخرجها إسماعيل عبدالحافظ، صورت التاريخ المصري الحديث من عصر الملك فاروق وحتى مطلع التسعينيات في عدة أجزاء كان آخرها عام 1995، وتحدث عكاشة في حوار سابق له عن شخصيات المسلسل قائلًا: ليس هناك خيال روائي بحت معلق في الهواء، فهذه الشخصيات تطوير لما يراه الكاتب في الواقع حوله، الواقعية مسألة ضرورية وحتمية، وكلما اقترب الكاتب من تصوير الواقع وأطلق لخياله العنان، كان الإبداع الفني والشخصيات التي قدمتها هي رصد واختزال شخصيات كثيرة رأيتهم، فالكاتب الموهوب يعتمد أساسا على قدرته على الرصد والملاحظة والتخزين ويفهم العلاقات بينها وتختزنها الذاكرة حتى إخراجها على الورق.

ومن أهم وأبرز شخصيات المسلسل كان الفنان يحيى الفخراني الذي لعب دور سليم باشا البدرية، فهو الشخصية الارستقراطية ابن الباشاوات والذي سافر من مصر بعد ثورة يوليو ثم عاد في مرحلة الانفتاح الاقتصادي ليتوسع ويترك إمبراطوريته لأبنائه، وكذلك الفنان صلاح السعدني الذي لعب دور العمدة سليمان غانم، وتوجه للقاهرة للأخذ بثأر والده من عائلة البدري ثم استقر وتزوج "نازك" التي قامت ببطولتها الفنانة صفية العمري لفترة ثم عاش في القاهرة ودخل عالم الأعمال مع مرحلة الانفتاح الاقتصادي.

وفي مسلسله الشهير أيضًا "ضمير أبلة حكمت" الذي أنتج عام 1991 وأخرجته إنعام محمد علي، قدم الشخصية المصرية بشكل مختلف تمامًا، إذ يدور حول "أبلة حكمت"، ناظرة إحدى المدارس الثانوية النموذجية بالإسكندرية، والمعوقات التي تصادفها لتحقيق رؤيتها الخاصة في العملية التعليمية، ولكن مساوئ الآخرين وضعت بعض النفوص تقف حائلا دون "أبلة حكمت" وتجعلها تبدد طاقاتها لإصلاح عيوب ومشاكل الآخرين.

وبحسب الكاتب والناقدة السينمائية ماجدة خيرالله في مقال لها نشر بجريدة "الوفد" بتاريخ 4 أبريل 1991 قالت إن "أبلة حكمت" هو النموذج الدرامي الأثير لدى أسامة أنور عكاشة، الذي يعشق تقديم الشخصيات "الدون كيشوتية" شديدة المثالية والنقاء، التي تقف أمام الفساد وتحاربه بشتى صوره، وهذا النموذج قدمه المؤلف في كثير من أعماله مثل "أبوالعلا البشري"، "الفارس الأخير"، و"عابر سبيل"، مستطردة: أما الموقف الذي يتكرر في معظم تلك الأعمال، بما فيها "ضمير أبلة حكمت" فهو الثروة المفاجئة التي تهبط على "البطل" أو "البطلة" في حالة ضمير أبلة حكمت.

أما في مسلسل "الشهد والدموع" الذي كتب على جزءين، وأخرجه إسماعيل عبدالحافظ، ولعب بطولته كل من يوسف شعبان وعفاف شعيب، وغيرهم من النجوم، وتدور أحداث المسلسل حول الظلم وما يولده من كراهية وانتقام في نفس المظلوم وهذا بدوره يؤدي لنظام اجتماعي غير مستقر؛ بداية هناك حافظ  "يوسف شعبان" الذي أخذ حق أخيه فمات من حسرته ولم يكتفي بهذا بل استمر في تكدير حياة أبناء أخيه، وعلي الجانب الآخر هناك زينب "عفاف شعيب" وأبناؤها الذين دائمًا في انتظار اللحظة المناسبة للانتقام من حافظ حتى ولو وقع هذا الانتقام علي ابنته.

أجاد الكاتب في رسم الشخصيات بعيدًا عن المثالية المفرطة والشر المفرط أيضًا، ولكن رسم شخصيات يغلب عليها الخير وأخرى يغلب عليها الشر وأجاد في تصوير هذا الصراع الداخلي بين الخير والشر وتقلب الإنسان بينهما على مدار الحياة.

ومن بين المسلسلات الشهيرة لأسامة أنور عكاشة أيضًا كان "أرابيسك" الذي أنتج وعرض عام 1994، وتدور أحداثه حول "حسن أرابيسك" وهو فنان الأرابيسك المصري- صلاح السعدني، الذي تعرض لبعض الأحداث أفقدته توازنه فأهمل عمله وورشته، إلا أنه في نفس الوقت كان محافظًا على فنه الذي أحبه وورث مهارته فيها من أجداده واتجه إلى المخدرات وصحبه السوء حتى جاءت له إحدى الفرص التي بدأت تخرجه من المتاهة وذلك عن طريق صديق له يعمل مهندس ديكورات وهي فرصه عمل لفيلا أستاذ أكاديمي في الطاقة النووية كان يعمل في أمريكا وعاد ليستقر في مصر وتحدث عدة مفارقات خلال أحداث العمل الدرامي.