رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا رفضت الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا تقييم الكتب كناقدة محترفة؟

فيسوافا شيمبورسكا
فيسوافا شيمبورسكا

فيسوافا شيمبورسكا شاعرة وباحثة ومترجمة بولندية، ولدت في مثل هذا اليوم من العام 1923، وحصلت على جائزة نوبل في الأداب للعام 1996. عاشت حياتها كلها في “كراكوف”، درست الأدب البولندي وعلم الاجتماع، ويطلق عليها في بولندا لقب “موتسارت الشعر”.

بدأت فيسوافا شيمبورسكا مسيرتها الشعرية عام 1945 عندما نشرت أولي قصائدها المعنونة بـ“أبحث عن العالم”، وهي شاعرة التفاصيل والتناقضات بلا منازع، أصدرت 14 مجموعة شعرية من بينها: أسئلة نسألها، لهذا نحيا، الملح، مناداة بيتي، كل احتمال، هزل بلا حدود، العدد الكبير، ناس فوق الجسر، لحظة، النهاية والبداية، صمت النبات، نقطتان، ها هنا، ولا شيئ يحدث مرتين. ونشرت أكثر من 350 قصيدة شعرية.

حصلت فيسوافا شيمبورسكا، على جائزة جوته عام 1991، وجائزة هيردل عام 1995، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية في الآداب 1995، وجائزة الفرع البولندي من نادي القلم الدولي في نفس العام.

كانت فيسوافا شيمبورسكا من أهم شاعرات عصرها في أوروبا، حيث نافست أعمالها في بولندا أهم الأدباء والشعراء في عصرها، وتناولت أعمالها موضوعين أساسين، هما الحرب والإرهاب، واستطاع شعرها أن يصور بدقة متناهية أن يجسد الحقائق الشخصية والتاريخية في صورة تشرذمات بشرية.

تستخدم فيسوافا شيمبورسكا أساليب أدبية كالطباق والسخرية والتصريح المقتضب، لإلقاء الضوء علي الوساوس والمواضيع الفلسفية، وهو ما يتضح جليا في كلمتها التي ألقتها في حفل تسلمها جائزة نوبل للآداب في العام 1996، حيث تستهل كلمتها مشيرة إلي طبيعة الشاعر والشعر في أيامنا المعاصرة، وتقول: "يُقال إن الجملةَ الأولى في الكلمة هي دائما أكثر صعوبة. إذن فهي الآن ورائي.. لكنني أشعر أن الجُملَ التالية ستكون صعبة: الثالثة، فالسادسة، فالعاشرة حتى الأخيرة، لأن عليّ أن أتكلم عن الشعر. قلما تكلّمتُ حول هذا الموضوع – تقريبا لا شيء. لكنه دائما كان يرافقني اعتقاد بأنني لا أعمل ذلك على الوجه الأكمل. لهذا فمحاضرتي لن تكون طويلة. كلّ نقص هو أخفّ على التحمّل فيما لو قُدّمَ بجرعات صغيرة. الشاعر اليوم شكاك ومرتاب – بل ربما قبل كلّ شيء- حتى إزاءَ نفسه.

فهو، بدون رغبة، يعلن على الملأ أنه شاعر- كما لو أنه يخجل من ذلك قليلا. لكنْ في عصرنا الصاخب، من السهل جدا، أن يُعتَرَفَ بالعيوب الخاصة حينما تُعْرَضُ بإثارة، على أن يُعْتَرفَ بالمزايا الدفينة التي لا يؤمن المرءُ بها حتى النهاية.. حينما يكون ضروريا للشاعر أن يفصحَ عن طبيعة عمله، في استطلاعات أو أحاديث مختلفة مع أناس عرَضِيّين، تراه يعلن بعمومية” أديب” أو يذكر اسم العمل المنجز إضافيا.

ــ “قراءة حرة” مقالات عن الكتب لــ فيسوافا شيمبورسكا

وبعيدا عن الشعر، أصدرت فيسوافا شيمبورسكا، كتابا بعنوان “قراءة حرة”، والذي يتضمن المقالات الصحفية التي تناولت فيها الكتب بطريقة نقدية غير معتادة عن تلك الشائعة، وتشير في مقدمتها للكتاب إلي تفاصيل وكواليس بدأها في كتابة عمود صحفي خاص بنقد الكتب التي تصل إلي الصحيفة.

حاولت فيسوافا شيمبورسكا في البداية أن تقيم تلك الكتب بالشكل المعتاد، وأن تكتب تقييم حقيقي لكل كتاب يصلها وتقرأه، بمعني أن تذكر الفئة الأدبية التي ينتمي إليها كل كتاب، والتفاصيل التي تجعل من الكتاب أفضل أو أسوأ من كتب أخري غيرها. لكنها سرعان ما وجدت نفسها عاجزة عن كتابة تقييم حقيقي وغير راغبة في ذلك أيضا، لأنها تود وتفضل أن تظل دائما قارئة هاوية، معجبة، وغير مثقلة بتاتا بمهمة التقييم لكل شاردة وواردة في الكتاب، وبمعني أخر تود أن تكون قارئة عادية وليست ناقدة. وبالفعل هذا ما قامت به في عمودها الصحفي.