رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أخلاق الحبيب المصطفى».. خطبة الجمعة القادمة

وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف

تزايد البحث عقب صلاة الجمعة اليوم عن موضوع خطبة الجمعة المقبلة، التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف تحت عنوان “أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)”.

ونشرت وزارة الأوقاف موضوعات  خطب شهر يوليو وهي كالآتي:

الجمعة الأولى: 1 يوليو 2022م - أعمال وفضائل العشر الأول من ذي الحجة.

الجمعة الثانية: 8 يوليو 2022م - الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع.

9 يوليو 2022م: خطبة عيد الأضحى المبارك.

الجمعة الثالثة: 15 يوليو 2022م - فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها.

الجمعة الرابعة: 22 يوليو 2022م - الجار مفهومه وحقوقه.

الجمعة الخامسة: 29 يوليو 2022م - شهادة الزمان والمكان والجوارح على الخلق
 

أما عن الجمعة المقبلة “أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)” الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
وبعد:
 فقد كان الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) نعم القدوة والأسوة للبشرية جمعاء، فهو أحسن الناس خَلْقًا وخُلقًا، وأصفاهم نفسًا، وأطهرهم قلبًا، وأكرمهم معاملةً، وكانت حياته (صلى الله عليه وسلم) ترجمة حقيقية لأخلاق وقيم القرآن الكريم، حيث تقول السيدة عائشة (رضي الله عنها) حين سئلت عن أخلاقه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ).
 والمتأمل في سيرة نبينا (صلى الله عليه وسلم) يجد أنه (صلى الله عليه وسلم) نبي الرحمة، وسيد الرحماء وإمامهم، أرسله ربه (عز وجل) رحمةً للعالمين، حيث يقول الحق سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، ويقول سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ}، وقد شملت رحمته (صلى الله عليه وسلم) الإنس والجن، الشجر والحجر، الحيوان والجماد، فعندما رأى (صلى الله عليه وسلم) حُمَّرة (طائر صغير يشبه العصفور)، نُزع عنها فراخها، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ فجعَ هذهِ بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها).
ولم تقف رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) عند حدود الإنسان أو الحيوان، بل تعدت ذلك إلى الجماد، فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: (أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ).
ومن أهم الأخلاق التي عُرف بها نبينا (صلى الله عليه وسلم) الصدق والأمانة، فقد اتصف (صلى الله عليه وسلم) بهما قبل البعثة وبعدها، فكان قومه يلقبونه بالصادق الأمين، وكانوا يقولون له: (مَا جرَّبنا عليكَ كَذِبًا قَطُّ)، وحينما أرادت السيد خديجة (رضي الله عنها) أن تطمئن قلب نبينا (صلى الله عليه وسلم) بعد نزول الوحي عليه خاطبته قائلةً: فَوَ اللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ.
وقد وصف ربنا (عز وجل) نبيه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بالصدق، حيث يقول سبحانه: {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون}، ويقول تعالى: {بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِين}، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول عن نفسه: (وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا).
 ويُعَدُّ خُلُق الأمانة من أعظم أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وتُعتَبَر أمانةُ الرسالة الإلهية أعظمَ الأمانات التي تحملها وأداها نبينا (صلى الله عليه وسلم) على أكمل وجه، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ)، كما كان يعُرف (صلى الله عليه وسلم) بين قومه بالأمين، حتى كانوا إذا رأوه قالوا: "هذا الأمين".
وكان (صلى الله عليه وسلم) أحفظ الناس للعهود، وأوفاهم بالمواثيق، وأكثرهم أداء للأمانات، ولذلك أبقى سيدَنا عليًّا (رضي الله عنه) ليلة الهجرة في مكة ليؤدي الأمانات لأصحابها، وهم الذين آذوه، وأخرجوه، وحاولوا قتله، ولكن لم يقابل (صلى الله عليه وسلم) السيئة إلا بالتي هي أحسن.
**
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
   إن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) كما كان نعم القدوة والمثل في الرحمة والصدق والأمانة، كان (صلى الله عليه وسلم) نعم القدوة في الوفاء وسائر مكارم الأخلاق، حيث كان (عليه الصلاة والسلام) شديد الوفاء لأهله، يذبح الشاة، فيتتبع بها صديقات السيدة خديجة (رضي الله عنها)، فيهديها لهنَّ؛ وفاءً لزوجه الكريمة بعد موتها، وتأتيه العجوز من صديقات السيدة خديجة (رضي الله عنها)، فيقبل عليها، ويحسن إليها، ثم يقول: (إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ، وإنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ).
 كما كان (صلى الله عليه وسلم) أوفى الناس لأصحابه، حيث يقول في صديقه أبي بكر الصديق (رضي الله عنه): (إِنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَلِيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (إنِّي قُلتُ: يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي رَسولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلتُمْ: كَذَبْتَ، وقالَ أبو بَكْرٍ: صَدَقْتَ).
    ولم يقف وفاء الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عند ذلك الحد، بل تعداه إلى الوفاء مع غير المسلمين، فقد حفظ نبيُّنا (صلى الله عليه وسلم) الجميلَ لمطعم بن عدي حينما أجاره (صلى الله عليه وسلم) بعد عودته من الطائف، وظل وفيًّا له حتى بعد موته على غير ملة الإسلام، فقد قال (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر: (لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاءِ [أي: الأسرى من المشركين ليعفو عنهم صلى الله عليه وسلم] لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ).
فما أحوجنا إلى التأسي بأخلاق نبينا الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)؛ حتى نحمل رسالة المحبة والسلام إلى العالمين.
اللهم احفظ بلادنا مصر وسائر بلاد العالمين.