رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بسبب حرب أوكرانيا.. خطر يهدد الملايين فى جنوب السودان

جريدة الدستور

ستؤدي التخفيضات الصارمة في مساعدات برنامج الغذاء العالمي إلى جعل الكثير من مواطني جنوب السودان "ينظرون إلى وجه الموت"، ما لم يقدم المانحون الدوليون الدعم.

 برنامج الغذاء العالمي قال إنه يعلق المساعدات الغذائية لـ1.7 مليون شخص في جنوب السودان، حيث تمتص الحرب في أوكرانيا التمويل من أصغر دولة تعاني من أزمة في العالم، وهذا سيتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

فيما أشارت وكالة المساعدة الغذائية الطارئة التابعة للأمم المتحدة إلى أنها ستستمر في تقديم مساعدات لأكثر من 6 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جنوب السودان هذا العام، كما فعلت في العام الماضي ولكن بحصص غذائية أقل.

ووصف المتحدث الرسمي لبرنامج الأغذية العالمي ما يحدث، بأنه شكل من أشكال الفرز الإنساني، حيث قال برنامج الأغذية العالمي إنه سيتعين عليه الآن إعطاء الأولوية لـ4.5 مليون من الأشخاص، وهم  الأكثر ضعفًا من أجل منعهم من الموت جوعًا خلال موسم العجاف، بين أبريل ويوليو، حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وأضاف أن "هذا التخفيض الجذري جاء بسبب أن ثلث العالم يحتاج إلى مساعدة غذائية، ولكن كان علينا القيام بنوع من الفرز، إذا رغبنا في توفر الغذاء لكل الشريحة المحتاجة".

وقالت مروة عوض، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في جوبا، عاصمة جنوب السودان: "كان علينا أن نقرر من نستمر في مساعدته ومن يمكننا تحمل تعليق المساعدة"، وأكملت: "ليس لأنهم ليسوا في حاجة مميتة، ولكن لأن بعضهم يقدر على البقاء أحياء بعد تخفيض الحصص".

وتابعت "عوض": "الآن قلقة للغاية بشأن انقطاع الدعم عن 1.7 مليون شخص، إنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وإذا لم يتم تقديم المساعدة لدعمهم، فسوف ينزلقون أكثر على مقياس الجوع ويصلون إلى مستوى المجاعة. إذا لم يتغذَ الناس ولم يتم الوصول إليهم بانتظام، فسوف يزدادون سوءًا وينضمون إلى صفوف إخوانهم الذين يموتون الآن بالفعل".

وتشمل التخفيضات وجبات مدرسية مجانية لـ178000 من أفقر الأطفال، وقالت "عوض" إنها سمعت بالفعل من خلال زملائها يوم الثلاثاء أن الآباء يخططون لإخراج أطفالهم من المدرسة وتشغيلهم نتيجة للتعليق. وأضافت أنه تم الإبلاغ أيضًا عن حالة زواج أطفال- نتيجة ثانوية شائعة للأزمات الإنسانية.

جنوب السودان، الذي حصل على استقلاله في عام 2011 فقط، دخل في حرب أهلية طويلة ودموية بعد فترة وجيزة من الحدث، ولا يزال يشهد نوبات متكررة من الصراع، فضلًا عن الصدمات المناخية مثل الفيضانات الشديدة والجفاف المحلي.

وأدى الغزو الروسي إلى تصعيد الضغط بعدة طرق، بشكل رئيسي، يتضاءل التمويل مع تسابق البلدان لتخصيص ميزانيات كبيرة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة لأوكرانيا، ولفتت عوض إلى أنه: "لم يعد المانحون يدعمون جنوب السودان بنشاط باعتباره تخطى الأزمة".

ومما زاد من تفاقم هذا النقص في الأموال الضغط الناجم عن ارتفاع تكاليف السلع الأساسية مثل القمح وزيت عباد الشمس، والتي كان يُنتج معظمها في أوكرانيا، ومن الآثار غير المباشرة لارتفاع سعر القمح أنه أدى بدوره إلى تضخيم تكلفة البدائل مثل الذرة الرفيعة والذرة، والتي قالت "عوض" إنها ارتفعت بنسبة تصل إلى 59٪ في جنوب السودان.

وتابعت: رأيت في السوق عائلات تنتقل من متجر إلى آخر لطلب الذرة الرفيعة، وعندما اكتشفوا أن السعر مرتفع للغاية، فإنهم غير قادرين على شرائه، يعودون إلى منازلهم جائعين.

وأكملت أن ارتفاع أسعار الوقود زاد من الضغط على عمليات برنامج الأغذية العالمي في البلاد، وقد حسبت الوكالة أنها تحتاج إلى 2.8 مليون دولار إضافية فقط لتغطية تكاليف نقل الطعام.

بشكل عام، يقول برنامج الأغذية العالمي إنه يحتاج إلى مبلغ إضافي قدره 426 مليون دولار أمريكي لإعادة برنامجه الكامل المخصص للمساعدة الغذائية للأشهر الستة المقبلة، موضحة عوض: "برنامج الغذاء العالمي موطئ قدم في المناطق التي يصعب الوصول إليها، لذلك يمكننا إحداث فرق بهذا التمويل، لكننا نحتاج إلى المانحين ليكونوا كرماء مرة أخرى وأن يدعموا الناس هنا".

وحذر أحدث تقييم لمراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) من أن 7.74 مليون شخص في جنوب السودان سيواجهون جوعًا شديد الحدة خلال موسم الجفاف، بينما سيعاني 1.3 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.

وذكرت أن 4.5 مليون شخص الذين سيستمرون في تلقي الحصص الغذائية من برنامج الأغذية العالمي هذا العام يشملون 87000 شخص يعانون بالفعل من الجوع الكارثي، ويعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة.