رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا تظهر حالات جدرى القرود فجأة فى جميع أنحاء العالم.. وهل يمكن أن يتحور الفيروس؟

جدري القرود
جدري القرود

أثار الظهور المفاجئ لجدري القرود في العديد من البلدان تساؤلات حول كيفية انتشار الفيروس، وهو الأكثر شيوعًا في وسط وغرب إفريقيا، وقال العديد من خبراء الصحة إن حالات جدري القرود في 12 دولة ليست سببًا للذعر، نظرًا لأن الفيروس أقل عدوى بكثير من أمراض مثل كوفيد ونادرًا ما يكون قاتلًا، لكنه نادر للغاية، وتم التعرف على حالات جدري القرود لأول مرة في عام 1970، وعادة ما تحدث فقط خارج وسط وغرب إفريقيا عندما يصاب المسافر هناك ويعود إلى بلده بعد ذلك. وعادة لا تؤدي هذه الحالات إلى تفشي المرض على نطاق أوسع، وفي حالات نادرة أخرى، يُصاب أصحاب الحيوانات الأليفة المستوردة بالعدوى، ويُعتقد أن الحيوانات مثل القوارض هي مصادر انتقال العدوى.

لكن منظمة الصحة العالمية قالت إن الحالات آخذة في الارتفاع في البلدان غير الموبوءة، مع عدم وجود صلة بالسفر أو الحيوانات التي تم تحديدها في معظم هذه الحالات، إذن ما هي النظريات الرئيسية حول سبب ظهور الحالات فجأة هذه المرة؟

قالت البروفيسور راينا ماكنتاير، التي ترأس برنامج الأمن الحيوي في معهد كيربي، للمجلة الطبية الأسترالية أن "ضعف المناعة من التطعيم ضد الجدري قد يسهم في زيادة تفشي مرض جدري القردة"، وأضافت في تصريحاتها لجريدة الجارديان البريطانية "لقد مر أكثر من 40-50 عامًا منذ توقف التطعيم الشامل".

قدم لقاح الجدري ميزة إضافية تتمثل في الحماية القوية ضد جدرى القرود. دراسة نشرت في مجلة PLOS Neglected Tropical Diseases في فبراير وحذرت من ارتفاع حالات جدري القرود، وعزت ذلك أيضًا إلى توقف التطعيم ضد الجدري على نطاق واسع، نظرًا لإعلان منظمة الصحة العالمية القضاء على الفيروس، ولكن في بعض البلدان التي تم فيها اكتشاف الفيروس، مثل أستراليا، لم يتم التطعيم الجماعي ضد الجدري مطلقًا.

كما لاحظ علماء الأوبئة تزايد أعداد الحالات قبل إصدار منظمة الصحة العالمية تحذيرها في وقت سابق من شهر مايو. كانت هناك دعوات لتحسين المراقبة على مستوى العالم واكتشاف حالات جدري القرود قبل الفاشيات الحالية بسبب البيانات التي تشير إلى عودة ظهور المرض، وبين عامي 2010 و 2019، عادت الحالات إلى الظهور في ليبيريا وسيراليون بعد غياب دام أربعة عقود، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى بعد ثلاثة عقود، وفقًا لبحث نُشر في فبراير بقيادة شركة Pallas Health Research and Consultancy في هولندا.

أصبح الباحثون والعاملون الصحيون في جميع أنحاء العالم منذ أن بدأ جائحة Covid-19،  أكثر يقظة لأعراض الفيروسات وأصبحوا أسرع في الإبلاغ عن أي شيء غير عادي، مما يساعد على اكتشاف الحالات، ولكن هل يمكن أن يتحور الفيروس؟

ليس من السهل انتشار مرض جدري القردة من إنسان إلى آخر؛ وجدت إحدى الدراسات أن 3٪ من المخالطين القريبين لشخص مصاب بجدري القرود سيصابون بالعدوى، ولكن الارتفاع الغريب في عدد الحالات زاد من احتمال تحور الفيروس بطريقة تزيد من احتمالية انتقاله من شخص لآخر، جعل هناك حاجة إلى مزيد من البيانات والتحليلات المختبرية لتأكيد ذلك، ومع ذلك، فهي مجرد نظرية في الوقت الحالي. يحدث تسلسل للفيروس في المختبرات، ويجب أن نعرف في غضون أيام ما إذا كان الفيروس قد تغير.

على الرغم من وجود جدري القرود منذ عقود، إلا أنه يعتبر مرضًا نادرًا، مما يعني أن هناك دائمًا المزيد لنتعلمه عنه، فربما يكون الفيروس قد استغل الوضع المثالي للانتشار بين البشر، يكون ذلك من خلال الاتصال الجسدي الوثيق مع شخص ظهرت عليه الأعراض. يمكن أن يؤدي جدري القرود إلى ظهور آفات مليئة بالصديد على الجلد، ويمكن أن يؤدي التلامس مع السوائل من هذا الطفح الجلدي - بما في ذلك ملامسة الملابس والفراش الملوثة - إلى انتشار الفيروس، ويمكن أن تكون القروح في الفم معدية أيضًا.

ويمكن أن يكون سبب ذلك هو اتصال مجموعات من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، وهو ما لم يكن عليه الحال من قبل. لكن الخبراء حذروا من إعلانه مرضًا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، أو عزو انتشاره إلى مجتمعات معينة. من المرجح أن يكون الاتصال الوثيق الذي يحدث أثناء ممارسة الجنس مسؤولاً عن الانتشار، بدلاً من انتقال المرض عن طريق الاتصال الجنسي، ولكن منظمة الصحة العالمية حثت الناس على عدم وصم أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بالفيروس، حيث قالت المنظمة في بيان "لقد رأينا رسائل توصم مجموعات معينة من الناس حول تفشي مرض جدري القردة هذا".

وأضافت في بيانها: "نريد أن نوضح أن هذا ليس صحيحًا. بادئ ذي بدء، فإن أي شخص لديه اتصال جسدي وثيق من أي نوع مع شخص مصاب بجدري القرود معرض للخطر، بغض النظر عن هويته أو ما يفعله أو من يختار ممارسة الجنس معه أو أي عامل آخر ".