رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: الموت حقيقة كونية ورحمة للإنسان

د. علي جمعة
د. علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: إن "حقيقة الموت هي حقيقة يحاول الناس أن يتجاوزوها وألا يذكروها، وأن يعدوا ذكرها من الأمور المخيفة أو من الأمور غير المرغوب فيها، الموت حقيقة نراها كل يوم".

وأضاف "جمعة"، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ولو جمعنا عدد الوفيات في كل يوم لوجدنا أنها تكاد تكون في كل دقيقة هناك وفاة، فالموت من الحقائق الكونية، وهي أيضًا من الحقائق الإلهية".

وتابع: "لماذا أفرق بين الحقائق الإلهية والحقائق الكونية؟ لأن بعض الناس بدأ فيما يسمى بـ"مقاومة الموت"، يريد أن ينفي الموت، وبدأ أناس كثيرون يشتغلون على هذا الأمر تحت عنوان "دراسة الخلية"، و"دراسة الشيخوخة"، والله سبحانه وتعالى حسمها وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} فأصبح ذلك حقيقة إلهية، أن الله سبحانه وتعالى حكم بهذا {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}، لكن الذي حدث أن بعضهم مثل "فروست Forst" بدأ في تجارب من أجل إنهاء الموت، صحيح أنها فكرة تكاد تكون فكرة مجنونة، لكنه بدأ بالمقارنة بين الإنسان باعتبار أن له عمودًا فقريًا، وبين كل ما له أعمدة فقرية من الحيوانات، وقاس ذلك وتوصل أن شباب الإنسانية ٢٤٠ سنة، يعنى عندما يبلغ الواحد إلى ٢٤٠ سنة يكون في عز شبابه، ولو كان الشباب المعتاد وقمة النضج كما أخبر الله سبحانه وتعالى {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}، ومن المعتاد أن يصل الإنسان إلى ١٠٠سنة مثلًا في العموم، فإن هذا معناه أن الـ٢٤٠ سنة ضعفهم يصير ٤٨٠، ونصف هذا الضعف يصير ٦٠٠ سنة.

وأوضح: "هذا يوصلنا إلى صدق الكتب المقدسة عندما تكلمت على نوح، وأنه دعا في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، ويجعل هذا أمرًا مقبولًا أو أمرًا لا اعتراض عليه، ولكن فى النهاية فإن هذه الأبحاث لم تصل في الحقيقة لشيء ولن تصل إلى شيء؛ لأن هذه ليست حقيقية كونية فقط يستطيع الإنسان أن يبحثها ويعلم أسبابها ثم يقضى عليها، بل إنها حقيقة إلهية".

ولفت إلى أن "الموت في الحقيقة رحمة لأن الإنسان كلما عمّر كلما تراجع في خلقته {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ}، ولذلك الكبير يحتاج إلى عناية فيكون ثقلًا على من حوله، كما قالوا: "اللهم لا تردني إلى أرذل العمر"؛ و"أرذل العمر" هو حالة الهرم والضعف فتحتاج فيه لغيرك خدمة وأداء، ولم تعد تنظر جيدًا فتضطر لمعين، ويبدأ الإنسان في عدم القدرة على حتى فعل الفرائض،... وهكذا، فيستثقل من حولك وجودك، فهذا يجعل الموت راحة ورحمة من تلك المعاناة التي قد لا يكون لها معنى سوى أنها تعطيك ثوابًا عند الله سبحانه وتعالى".