رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بدأ بجبل المقطم ودق الطبول والصواريخ».. مراحل تطور رؤية هلال رمضان في مصر

رؤية هلال رمضان
رؤية هلال رمضان

احتفظت المصادر التاريخية بمعلومات تفصيلية عن تطور مظاهر الاحتفال برؤية هلال رمضان فى مصر التى تعد من بين الأقطار الإسلامية القليلة التى عرفت فى احتفالها بليلة رؤية هلال رمضان أطوارًا عدة نظرًا لتقلب الدول على حكامها الفاطميين والأمويين والعباسيين والعثمانيين والمماليك فكل من هؤلاء له عاداته وتقاليده، بحسب ما جاء في كتاب "رمضان زمان" للكاتب الدكتور أحمد الصاوي.

ويعد القاضي أبو عبد الرحمن عبدالله بن لهيعة الذى ولى قضاء مصر عام 155 هجريًا، أول قاضي يحضر لنظر الهلال فى شهر رمضان.

وأما فى العصر العباسي، فكان القضاة الذين جاءوا بعد أبو عبدالرحمن يخرجون مع الناس إلى جامع محمود بسفح جبل المقطم لرؤية الهلال في أشهر رجب وشعبان احتياطًا لشهر رمضان، من خلال دكة أعدت لهم على مكان مرتفع بالجبل عرفت بدكة القضاة واستمروا في ذلك حتى دخل عصر الفاطميين.

وفى عصر الفاطميين اختفت دكة القضاء، واستخدم الفاطميون الحسابات الفلكية فى تحديد بداية الأشهر الهجرية، ولم يمنعوا الاحتفال برؤية الهلال، فكانوا قبل بداية رمضان بثلاثة أيام يفرشون المساجد ويعملون إنارتها، وإصلاحها وتجديدها، وقد زالت دولة الفاطميين وعاد القضاة إلى رؤية الهلال من فوق المآذن.

وأما فى العصر المملوكى، فكانوا يستطلعون أهلة الأشهر الهجرية من خلال مئذنة المجموعة التي شيدها المنصور قلاوون المملوكى بالنحاسيين المرقب الرئيسي الذي كان القضاة في القاهرة يستطلعون من عليها هلال رمضان.

وكان من عادات الناس زمان أنهم يشاركون القضاة في رؤية هلال رمضان من التجار وأصحاب المهن والحرف، فإذا تحققوا من رؤيته أضيئت الأنوار على الدكاكين وخرج قاضي القضاة فى موكب تحف به الفوانيس بالشموع والمشاعل حتى يصل إلى داره ثم تتفرق الطوائف فى أحيائها معلنة شهر الصيام.

وكذلك فى العصر العثماني يحدث مثلما يحدث في العصور الأخرى من استقبال شهر رمضان عند ثبوت رؤيته.

وأما فى عهد محمد على وعلى مشارف القرن العشرين، استمرت حفلات طوائف الشعب تشارك فى رؤية هلال رمضان بعد انتقال إثبات الهلال إلى المحكمة الشرعية.

فيخرج الموكب من محافظة مصر إلى المحكمة الشرعية تتقدمه الموسيقى والجنود بطبولهم حتى إذا ثبتت رؤية الهلال تطلق الصواريخ والألعاب النارية وتطلق المدافع وتضاء المآذن ثم يمر موكب الرؤية فى أنحاء البلاد معلنًا الصيام.

وقد تحول الموكب إلى عمل رسمي يقوم به الجنود دون سواهم يعد قرار المحكمة فى بدايات هذا القرن بإلغاء التنظيمات النقابية لطوائف الحرف إذا انخرط عقد هؤلاء وابتلعتهم آلية الحياة الحديثة، وفقد الموكب أهم صفاته التقليدية.