رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طارق أبوالسعد الباحث والمفكر فى الجماعات الإسلامية

من دفتر أحوال الإسلام السياسى.. «أمان» يرصد واقع ومستقبل الإرهاب مع باحثى الملف (حوار 3)

مستقبل الإرهاب
مستقبل الإرهاب

على الرغم من اختلاف التفسيرات حول المعنى الحقيقى لمصطلح «الإسلام السياسي» وبدايته الفعلية، إلا أن المعروف عنه أنه يعبّر عن جميع التيارات الأيديولوجية والسياسية التى تهدف إلى إقامة ما يسمى «دولة الخلافة» تقوم على مبادئ الإسلام، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المجتمع.

لكن يبدو أن «الإسلام السياسي» مؤخرًا يستعمل للتعبير عن الراديكالية الدينية والعنف الإرهابي، فيما أشار بعض المراجع إلى أن الإسلام السياسى هو مفهوم نشأ فى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين لتوصيف ظاهرة عودة الدين إلى المجال السياسي، كرد فعل على الأنظمة العلمانية بالدعوة إلى العودة للشريعة وإقامة دولة إسلامية.

وهناك باحثون كثيرون فى مجال الإسلام السياسى وجماعاته الإرهابية كالإخوان وطالبان وداعش وتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات، لكن ما هى المخاطر وراء العمل كباحث فى شئون الإسلام السياسي؟ وما هى توقعات الباحثين فيما يخص مستقبل تلك الجماعات المتطرفة؟

«أمان» ينشر فى هذه السلسلة عددًا من الحوارات مع باحثى ملف الإسلام السياسى والمتخصصين فيه، وإليكم الحوار الثالث مع القيادى السابق بجماعة الإخوان والمنشق عنها حاليا، طارق أبوالسعد، الباحث والمفكر فى الجماعات الإسلامية، عن جماعات الإسلام السياسي؟ وما بدايته فى هذا المجال؟ وكيف يرى واقع الجماعات الإسلامية الآن؟.. وإلى نص الحوار.

• متى بدأت رحلتك المتعلقة فى البحث فى شئون الإسلام السياسي؟
البداية عندما قررت عمل مراجعات فكرية ذاتية لأفكار وأحداث وأشخاص الإخوان المسلمين، ومن خلال القراءة المتعمقة والنقدية لأدبيات الإخوان الرسمية وعقد مقارنة مع الوقائع ومع تعليمات الإخوان الشفهية؛ أصبحت لدى حصيلة جيدة.
ولفهم الحالة الإسلاموية، انتقلت لقراءة جماعة الإخوان وعلاقتها الفكرية مع تنظيمات إسلامية خرجت منها أو تأثرت بها، وخرجت بنظرية قديمة جديدة وهى أن الاختلافات التنظيمية والفروق موجودة بالفعل لكن الجميع تحت مظلة واحدة ومسار واحد ينتهى دائمًا بإعاقة الدولة والمجتمع عن التقدم ويحجب الرؤية الصحيحة.

• ما هى خطورة العمل كباحث فى شئون الإسلام السياسي؟
ليس هناك خطورة على الحياة بشكل مباشر، إلا إذا كنت تمتلك أسرارا خطيرة يريد الطرف الآخر عدم إذاعتها، وهى ليست متوافرة بشدة مع كثير من الباحثين سواء الأكاديميين أو المعملين، لكن هناك هجوم معنوى على أى شخص باحث فى الإسلام السياسى بهدف إعاقته عن تقديم رؤيته؛ لأنها فى النهاية تهدم جزءًا من البنيان الإسلاموي، وعلى وجه الخصوص الباحثون أصحاب الانتماء السابق لجماعات إسلامية يملكون تجربة وخبرة ورؤية من الداخل، وحديثهم واقعى وحيوى مقرب للجماهير، مما يجعلهم مسموعين بدرجة ما وهذا ما لا يريده عناصر الجماعات على اختلافهم، وبالتالى يحاولون منعهم من الحوار، أو على الأقل منع الناس من الاستماع لهم ومنع صفهم من الاستماع لهم؛ مخافة من التأثر بأفكارهم ونقدهم الموضوعي، لهذا حملات التشوية مستمرة ولا تنتهي.

• ما هى إيجابيات العمل كباحث فى شئون الإسلام السياسي؟
إيجابيات كثيرة على وجه الخصوص لأصحاب التجربة، منها أنهم يمكنهم تكوين رؤية جديدة لتفكيك التنظيمات من الداخل؛ حسب التجربة التى مروا بها، ومن مجموع التجارب يمكن وضع استراتيجية ممتازة لتفكيك واجتثاث أفكارهم من المجتمع.

• ما الذى دفعك للبدء فى اختصاص الباحث فى الإسلام السياسي؟
الدافع فى البداية هو عقد مراجعة لأفكارى التى آمنت بها عندما كنت منتميًا لتنظيم الإخوان، وهى محاولة فردية ذاتية فى المقام الأول.

• ما هى النقاط التى إذا اختفت فى جماعات الإسلام السياسى تجعلهم يتحولون من جماعات مرفوضة دوليا إلى مقبولة دوليا؟
الجماعات الإسلامية هى بوضعها هذا وبطريقتها تلك وبأفكارها التى تؤمن بها، هو ما يريده منها صانعها الأول وموظفها الحالي؛ فهى بمكوناتها هذه مناسبة للقيام بالأدوار المطلوبة منها، فلا تتوقع أن تتغير مهما طالبها المجتمع الدولى بذلك؛ فالجهة التى تستخدمها لا تريدها جماعة دعوية طيبة «كويسة» تنويرية ديمقراطية، فمثلها الكثير، لكنها تريدها لتحقيق مطالب فى المنطقة، ولا يمكن أن تكون إلا كما صنعوها فى البداية.

• كيف ترى وضع جماعات الإسلام السياسى حاليًا؟
وضع جماعات الإسلام السياسى متأخر قليلًا عن وضعها قبيل 25 يناير 2011، لكنها أفضل من وضعها فى 1981 وبالتأكيد أفضل كثيرا عن وضعها قبل وبعد 1965، فهى لديها تنظيم باق وكامن وعدده كبير، ولها تجربة فى الحكم فى أكثر من دولة، ولها علاقات مباشرة مع أجهزة دول وأنظمة حكم، ولها قنوات ومسارات اقتصادية تنفق عليها.
 وضعها ليس بائسا جدا، ولا يغرنك دعايتها أنها ما بين معتقل أو مشرد أو مقتول، التنظيم قوى وإن لم يظهر، هو فقط يتخفى قدر الإمكان، وينتظر الإشارة للعودة للحياة مرة أخرى.

• فى حال انتهاء خطر جماعات الإسلام السياسى.. ما الذى سيكون الخطر البديل لها برأيك؟
ما زال خطر الجماعات الإسلام السياسى قائما وأشد من ذى قبل؛ فلم يعد لهم الأمل فقط للوصول للحكم، لكن لديهم الرغبة الجامحة للانتقام.

• ما تقييمك لجماعة الإخوان الإرهابية خاصة قياداتها الهاربين خارج مصر؟
الإخوان هم طابور خامس داخل المجتمع، يعملون لمن يوظفهم ويمولهم (القيادة تعلم هذا جيدا)، وباقى الصف الإخوانى يخدعه فكرة العمل للإسلام وفق جماعة وهم مساقون بثلاثة قيود، «التنظيم والفكرة والابتزاز الأخلاقي».

قيد التنظيم: الفرد الإخوانى الذى كون صداقاته فى التنظيم وعلاقاته الاقتصادية والاجتماعية من زواج وسكن وشراكة وخلافه يصعب عليه التخلى عن التنظيم لمجرد الملاحقة الأمنية، قد يتوقف عن اللقاءات لكنه يعلم وقادته يعلمون أنه تحت الطلب، كما أن المحبوسين يتم الإنفاق عليهم ومن يحاول أن يخالف القيادة يحرم من الإنفاق ويطرد من رحمتهم.

القيد الفكري: هو العمل للإسلام والتربية على الدين، وأنه بعيد عن هذه التربية، سيضيع وسيرتكب المعاصي... الخ.

القيد الأخلاقي: هو ابتزاز مشاعر الفرد بأنه ليس من المروءة ترك الجماعة وهى فى أضعف حالاتها، وعليه التوقف عن النقد إلى أن تتغير أحوال المسجونين والهاربين، وهى كلها قيود متهافتة، لكنها قوية على عناصر الإخوان.

أما الدور الوظيفى للإخوان فى المجتمع، فهو تخريبى فى المقام الأول، والإخوان فى الخارج هم الأكثر سوءا فى كل حلقات التنظيم؛ فهم آمنون مطمئنون قريبون من مرتكز القيادة، يعيشون حياة جيدة، ويطالبون من فى الداخل بعمل كل الجرائم ثم يتركونهم لمصيرهم، وفقط يدعمونهم ماليًا، وهم عملاء إلى أقصى درجة، ويعملون لصالح أجهزة أمنية ومخابراتية لدول عدة؛ تحت الزعم بأن هذا لصالح الجماعة ولتوفير أماكن آمنة للهاربين، أو توفير تمويل للإنفاق على التنظيم، والكثير منهم يستفيد ماليا من بقاء الوضع على ما هو عليه.