رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من وحى المناظرة الأمريكية.. «أمان» يحلل كيف سيتعامل «ترامب وبايدن» مع الإخوان عند الفوز (تحقيق)

ترامب وبايدن
ترامب وبايدن

تاريخ المناظرات بين الرؤساء في الولايات المتحدة الأمريكية لا يقتصر فقط على عرض البرنامج الانتخابي الخاص بكل مرشح، حتى يكون متاح أمام الجمهور الأمريكي الاختيار بين المرشحين، بل يتم عقد 3 مناظرات بين الطرفين المتقدمين للرئاسة أمام الفضائيات، يواجه فيها كل منهما سياسات الآخر وبرنامجه الانتخابي، وبشكل مدعم بالأرقام والبيانات الموثقة، ما يتيح للجمهور الأمريكي الاختيار بينهما بناء على قرائن موثقة تدعم الطرف صاحب الكفة الراجحة.

ولكن خلال تلك المناظرات قد يتحول الأمر في النهاية إلى اتهامات مأخوذة على الشخص، مثلما حدث في المناظرة الأولى بين "باراك أوباما" مرشح الحزب الديمقراطي، و"ميت رومني" مرشح الحزب الجمهوري، التي كانت تتحدث عن قضايا الاقتصاد والتعليم والتأمين الصحي، وفيها اتهم "رومني" "أوباما" بأنه زاد من الضرائب على فئة أصحاب الأعمال والأثرياء، وأن من يواجه الأزمات الآن هم من أصحاب الدخل المتوسط، وبفعل سياسة الرئيس- يقصد "أوباما"- تم دفن أصحاب الدخل المتوسط وتقلصت مرتباتهم من 4000 دولار إلى 3000 دولار، ورغم ذلك انتهت جولتهما الأولى بالمصافحة.

ومنذ أيام كنا على موعد مع أغرب مناظرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية، والتي كانت بين المرشحين "دونالد ترامب" مرشح الحزب الجمهوري، و"جو بايدن" مرشح الحزب الديمقراطي، فقد تراشق كل منهما بالألفاظ، واعتمد "بايدن" على سياسة استفزاز "ترامب"، ما أدى في النهاية إلى مناظرة كارثية بين الطرفين.

ولكن القضية الرئيسية التي نريد التركيز عليها؛ لما لها من تأثير على عالمنا العربي، هى كيفية التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي في المشهد السياسي، فأي من المرشحين إذا فاز سيكون سببًا في إعادتهم مرة أخرى، حتى وإن كان بشكل متخفٍ، والإجابة وجدناها بالحديث مع المتخصصين في هذا الشأن، الذين قدموا تحليلا مفصلا للمشهد خلال الفترة القادمة في حال فوز أي من المرشحين الأمريكيين.

- باحث سياسي: فوز «بايدن» يعني عودة الإخوان

البداية كانت مع الدكتور إيميل أمين، باحث مختص في الشئون السياسية والدولية، والذي قال إن المناظرة الأولى بين "دونالد ترامب" ومنافسه "جو بايدن" ليس لها تأثير واضح على كليهما، فـ "ترامب" لم يضف جديدا و"بايدن" لم يخسر الكثير حتى الآن، الأزمة في الكتلة الحرجة في الولايات المتحدة الموجودة في 7 أو 8 ولايات، وهي الأصوات المتأرجحة في المجمع الانتخابي، وهي إحدى طرق التصويت غير المباشر.

وأضاف "أمين"، خلال حديثه مع "أمان"، أنه لن يعدل ميزان الانتخابات خلال الثلاثة أسابيع القادمة إلا في حالة ظهور مفاجأة مدوية، مشيرًا إلى أن "ترامب" طلب من وزير خارجيته رفع النقاب عن وثائق "هيلاري كلينتون" التي تدين "باراك أوباما"، الرئيس الأمريكي السابق، ما سيمثل زلزالا سياسيًا سيؤثر بالسلب على "بايدن".

ولفت الخبير السياسي إلى أن استطلاعات الرأي تقول إن "بايدن" متقدم على "ترامب"، إلا أنها لا تؤخذ بعين الاعتبار، بل الأهم هو المجمع الانتخابي، فمثلًا عام 2000 فاز مرشح الرئاسة جورج دبليو بوش، لأنه فاز بأصوات المجمع الانتخابي، رغم أنه خسر التصويت الشعبي لصالح آل جور، وفي 2016 فاز مرشح الرئاسة دونالد ترامب بأصوات المجمع الانتخابي، على الرغم من خسارته التصويت الشعبي لصالح هيلاري كلينتون.

وأكد "أمين" أن فوز "ترامب" يعني مشكلات بالنسبة للجماعات الإرهابية، لأنه اعتبر جماعة الإخوان جماعة إرهابية، بينما "بايدن" يتبع نهج "أوباما" الذي هو امتداد للرؤى العاطفية، وهو امتداد للإدارة المخترقة من قبل الإخوان، لذا سيكون المشهد سيئًا في أمريكا من جديد.

وأوضح أن ولاية كاليفورنيا تتمتع بالعدد الأكبر من أعضاء المجمع، وهو 55 عضوًا، في حين أن عددًا محدودًا من الولايات ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مثل وايومينغ، وألاسكا، ونورث داكوتا (إضافة إلى العاصمة واشنطن)، ليس لديها سوى الحد الأدنى من عدد الأعضاء وهو 3، ويمثل كل عضو من أعضاء المجمع الانتخابي صوتًا انتخابيًا واحدًا، ويحتاج المرشح الرئاسي للحصول على أغلبية هذه الأصوات 270 صوتًا أو أكثر، كي يفوز بالانتخابات.


- أستاذ علوم سياسية: «ترامب» لن يحظر الجماعة و«بايدن» يفكر في إعادة الدمج

من جانبه، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن "ترامب" لن يحظر جماعة الإخوان، لأنه يتعامل بشكل ما مع التنظيمات الأخرى الفرعية في المغرب، وتونس، والجزائر والأردن، أما "بايدن" فسيقوم بفتح ملف الإخوان المسلمين من زاويتين، سياسية واجتماعية، ولن يتحدث عن المصالحة أو الحظر بل عن إعادة الدمج، وذلك نابع من كونه كان أحد المسئولين في إدارة "أوباما"، فمن المتوقع أن يعيد النظر في فكرة دمج الجماعة لا حظرهم.

وأكد "فهمي"، في تصريحاته لـ"أمان"، أن الموقف سيميل لصالح الإخوان في حالة فوز "بايدن"، لذا هناك تخوف من فريق العمل الذي كان في إدارة "أوباما".

- باحث: تمويل ضخم من «الإخوان» لدعم «بايدن» 

من جهته، قال أحمد عطا، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إنه لم يبق للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان من خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية سوى الرهان على مرشح الديمقراطيين "بايدن"، فالحزب الديمقراطي تم اختراقه من قبل أحداث الربيع العربي 25 يناير 2011، وتم التنسيق بين "الإخوان" وإدارة الحزب خلال الـ20 سنة الماضية في مكتبة كروكيت بلندن، وتم طرح رؤية تتعلق بمشروع الجماعة الذي تدعمه تركيا وقطر، لهذا عندما وصل "ترامب" للمشهد الرئاسي اشترت قطر مساحة في جريدة " الإندبندنت" البريطانية، واشترت جريدة "الجارديان" البريطانية بالكامل، بهدف التأثير على الرأي العام الأوروبي والأمريكي لمنع إدراج جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب الدولي، ووقتها كان "ترامب" في بداية حكمه، ويريد أن يدرج جماعة الإخوان، ولكن قطر لوحت بسحب الاستثمارات التي تملكها في أوروبا وأمريكا إذا ما نفذ قرار الحظر.

وتابع الباحث في شئون الجماعات الإسلامية: الإخوان لديهم خطة لدعم المرشح الديمقراطي "بايدن"، وتم تمويل هذه الخطة لدعمه، ويقاتل إخوان أمريكا "المتمركزون في ولايات فلوريدا، وتكساس، وشيكاغو، وكاليفورنيا" لنجاحه لأن الإخوان يريدون العودة مرة أخرى لمنطقة الشرق الأوسط على أسنة رماح الحزب الديمقراطي الأمريكي، فإذا فاز "بايدن" ستكون المعادلة السياسية لصالح إعادة الإخوان مرة أخرى، ودعم مصالح التيار الراديكالي المتمثل في جماعة الإخوان، وتركيا وقطر اللتين تلعبان في الخفاء لدعم هذا التيار.

وأوضح "عطا" أن هذه الميزانية ساهم فيها عدد من رءوس الأموال في ماليزيا، والحركة الدستورية الإصلاحية في الخليج، وغيرها، وهي أجنحة سياسية تابعة للإخوان، لتقديم العون لـ"بايدن" ظنًا منهم أن التاريخ يعيد نفسه، لكن حتى لو فاز "بايدن" فإن التاريخ السياسي لن يعود مرة أخرى، لأن العالم والمنطقة العربية يرفضان وجود أي تيار راديكالي لما عانته الشعوب من تدمير وخسائر بالمليارات تحت مظلة الربيع العربي.

ولفت إلى أنه إذا فاز "ترامب" سيستمر الحزب الجمهوري في سياسته رافضًا التيار الراديكالي ودعم أي ممثل منه، لكن الحزب له موقفان من ذلك التيار، موقف يتعلق بمصالح الإدارة الأمريكية في مصالح الشرق الأوسط، وهو موقف متوازن، وموقف رافض للتعاون مع أي تيار راديكالي؛ نظرًا لأنه غير مرغوب فيه بالنسبة ليهود أمريكا.

- جهود «الإخوان» لدعم «بايدن»

حسبما نشر مركز "ذا جلوبال مسلم براذرهود ديلي ووتش"، المتخصص بمراقبة نشاط الجمعيات الإسلامية المتشددة، فإن أكبر نجاح حققته جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا في مساعيها لإضفاء الشرعية على وجودها هي كلمة المرشح الرئاسي الديمقراطي «جو بايدن» أمام المؤتمر السنوي الـ57 للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (إسنا)، أحد فروع جماعة الإخوان التي تأسست قبل عقود في الولايات المتحدة، وقد وعد "بايدن" بأن إدارته المحتملة ستعيّن "أمريكيين مسلمين" في عدد من المناصب على مستويات مختلفة، وهو ما علق عليه المركز بأن تسامح الإدارة الأمريكية في حال فوز "بايدن" مع أنشطة "الإخوان" سيفتح الباب أمام استقطاب الجماعة للجاليات، وتكوين جمعيات شبابية وطلابية، ما يوفر أرضية خصبة للتشدد الفكري وإعادة الحرب على الإرهاب إلى نقطة الصفر.