رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا تحيرون الناس؟!

جريدة الدستور



في مثل هذه الأيام من كل عام ،يتجدد الخلاف بين من يجيز الاحتفال بمولد سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- وبين من يعتبره بدعة لم يفعلها النبي الكريم وأصحابه،ويعرض كل فريق أدلته،وينقسم الناس فريقين بحسب ما اقتنع من أدلة،فيحتفي ويحتفل فريق ،ويصمت فريق، وبين الفريقين فريقان،أحدهما يحتفل بفطرته دون النظر إلى الأدلة،والآخر متردد وفي حيرة من أمره ، ينازع فطرته خائفا أن يقع في الحرام!
يقول الإمام الشافعي -رضي الله عنه-:(المحدثات من الأمور ضربان،أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا او سنة أو أثرا أو إجماعا،فهذه البدعة الضلالة و والثانية :ما أحدث من الخير ،لا خلاف فيه لواحد من هذا ،وهذه محدثة غير مذمومة.
ولهذا يقول الحافظ بن حجر العسقلاني-رحمه الله-:إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة حسنة،
وبين السيوطي أن أول من أحدث عمل المولد النبوي الملك المظفر إربل وكان من الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد،وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون،وقال ابن كثير في تاريخه عن هذا الملك:كان يعمل المولد النبوي في ربيع الأول،ويحتفل به احتفالا هائلا،وكان شهما شجاعا بطلا عالماعادلا -رحمه الله- ،ولم يعترض عليه في هذا أحد من العلماء المعتبرين،بل وافقوه على ذلك ومدحوه لما فيه من البركة والخير.
وللفريق الذي يرى أن الاحتفال بالمولد بدعة،تطرح عدة أسئلة:ألم يحتفل النبي -صلى الله عليه وسلم-بيوم مولده ؟!عندما سئل عن صيامه ليوم الاثنين فأجاب :ذاك يوم ولدت فيه.ألا يخفف العذاب عن أبي لهب كل يوم اثنين ؟!لما أبداه من فرح بمولده -صلى الله عليه وسلم-حتى أنه اعتق جاريته التي بشرته بالخبر.فكيف تطلب ممن آمن به وصدق بدعوته ألا يعبر عن فرحه بيوم مولد من كان سببا في هدايته؟!كيف لا يبرز المسلمون ذكرى ميلاد نبيهم ،والعالم من حولهم يحتفي بميلاد من هم أقل شأنا منه؟!أليس من حقنا أن نستغل ذكرى ميلاده لنحدث الناس عنه،وعن دعوته،ونعاهد الله ونبيه بالتمسك بسنته، والسير على منهاجه،ونبطل ما عاداها من مناهج باطلة دمرت بلاد المسلمين، وهي تتحدث باسم الإسلام زورا وبهتانا،و إذا كان عدم احتفال النبي وأصحابه بيوم مولده -وهو ما لم يحدث- دليلا على عدم جواز الاحتفال مطلقا،فماذا نقول في جمع عمر -رضي الله عنه- المسلمين في صلاة التراويح خلف إمام واحد؟!أو في المحاريب التي بنيت في المساجد؟!
ربما كان الاحتفال حراما إذا اقترن بالمعصية،مثلما ارتبط بالموالدالشعبيةالمنتشرة هنا وهناك،أما إذا اقترن بالطاعة فهو محمود ومطلوب في زمان يسمع فيه الناس عن مطربي المهرجانات أكثر مما يسمعون عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم