رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لمدة 6 أشهر.. كيف تتبعت أمريكا زعيم داعش "البغدادي"؟

جريدة الدستور

نقلت مواقع إخبارية عراقية، عن مصادرها الخاصة، أن فرق المخابرات العراقية حققت، خلال مطاردتها الطويلة لزعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي، انفراجة في فبراير 2018، بعد أن قدم لهم أحد كبار مساعدي البغدادي معلومات عن كيفية إفلاته من القبض عليه لسنوات كثيرة.

وقال إسماعيل العيثاوي، للمسئولين، بعد أن اعتقلته السلطات التركية وسلمته للعراقيين، إن البغدادي كان يجري أحياناً محادثات استراتيجية مع قادته داخل حافلات صغيرة محملة بالخضروات لتجنب اكتشافها.

وقال أحد مسئولي الأمن العراقيين: "قدم العيثاوي معلومات قيمة ساعدت فريق الوكالات الأمنية المتعددة في العراق على إكمال الأجزاء المفقودة من أحجية تحركات البغدادي والأماكن التي كان يختبئ فيها".

وأضاف: "أعطانا العيثاوي تفاصيل عن 5 رجال، هو منهم، كانوا يقابلون البغدادي داخل سوريا والمواقع المختلفة التي استخدموها".

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأحد، إن البغدادي مات «وهو يبكي ويصرخ» في هجوم شنته القوات الأميركية الخاصة في إدلب شمال غربي سوريا.

وقال ترامب، في كلمة بالبيت الأبيض نقلها التليفزيون، إن البغدادي قُتل و3 من أطفاله أثناء غارة بتفجير سترة ناسفة بعد فراره داخل نفق مسدود.

وكان الطريق إلى سقوط البغدادي مليئًا بإحباطات أجهزة المخابرات الغربية والعربية، التي جمعت كماً هائلاً من الأدلة على أماكن وجود رجل فرض سلطته بالترهيب عبر مساحات كبيرة من سوريا والعراق، وأمر رجاله بتنفيذ عمليات إعدام جماعية وقطع الرءوس.

وكان مسئولو المخابرات العراقية يعدّون العيثاوي، الحائز على درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، واحداً من كبار مساعدي الزعيم الخمسة، وانضم العيثاوي إلى "القاعدة" في عام 2006، واعتقلته القوات الأميركية في عام 2008، وسُجن لمدة 4 سنوات، وفقاً لمسئولي الأمن العراقيين.

وكلف البغدادي، في وقت لاحق، العيثاوي بأدوار رئيسية؛ مثل تقديم التعليمات الدينية واختيار قادة تنظيم «داعش»، وبعد انهيار التنظيم إلى حد كبير في عام 2017، فر العيثاوي إلى سوريا مع زوجته السورية.

وقال المسئولان الأمنيان العراقيان إن نقطة تحول أخرى حدثت في وقت سابق من هذا العام، خلال عملية مشتركة ألقت خلالها المخابرات الأميركية والتركية والعراقية القبض على كبار قادة تنظيم "داعش"، بمن في ذلك 4 عراقيين وسوري.

وقال أحد المسئولين العراقيين، الذي تربطه صلات وثيقة بأجهزة أمنية متعددة: "قدموا لنا جميع المواقع التي كانوا يجتمعون فيها مع البغدادي داخل سوريا، وقررنا التنسيق مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية لنشر مزيد من المصادر داخل هذه المناطق".

وأضاف: "في منتصف عام 2019، تمكنا من تحديد إدلب موقعاً كان البغدادي ينتقل فيه من قرية إلى أخرى مع أسرته و3 من مساعديه المقربين".

وذكر أن المخبرين في سوريا رصدوا بعد ذلك رجلاً عراقياً يرتدي غطاء رأس متعدد الألوان في إحدى أسواق إدلب، وتعرفوا عليه من صورة، كان الرجل هو العيثاوي، وتتبعه المخبرون إلى المنزل الذي كان يقيم فيه البغدادي.

وقال المسئول: "نقلنا التفاصيل إلى وكالة المخابرات المركزية التي استخدمت قمراً اصطناعياً وطائرات من دون طيار لمراقبة الموقع خلال الأشهر الخمسة الماضية".

وقبل يومين، غادر البغدادي الموقع مع أسرته لأول مرة، حيث كان يسافر بحافلة صغيرة إلى قرية قريبة.

وتابع المسئول: "كانت هناك آخر لحظاته على قيد الحياة".

وكان البغدادي هارباً من أعداء محليين في سوريا، وكانت هيئة تحرير الشام، التي كانت تعرف باسم "جبهة النصرة" والتي تهيمن على إدلب، تقوم بعملية بحث خاصة بها عن البغدادي، بعد تلقي معلومات عن وجوده في المنطقة، وفقاً لقيادي في جماعة متشددة بإدلب.

وكانت "جبهة النصرة" وتنظيم داعش خصمين، وخاضا معارك دامية بعضهما ضد بعض في الحرب السورية.

وكانت جبهة النصرة، التي أسسها أبومحمد الجولاني، الشريك الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا، حتى انفصلت عن التنظيم العالمي في عام 2016.

ووفقاً للقيادي في إدلب، فإن هيئة تحرير الشام ألقت القبض في الآونة الأخيرة على مساعد آخر للبغدادي، معروف باسم أبوسليمان الخالدي، وهو واحد من 3 رجال شوهدوا يجلسون إلى جانب البغدادي في رسالته الأخيرة بالفيديو.

وقال القيادي إن أسر الخالدي كان المفتاح في البحث عن البغدادي.

وأثارت تعليقاته احتمال أن تكون هيئة تحرير الشام، التي يقول السكان المحليون إنه من المعتقد أن لها صلات بالقوات التركية في شمال غربي سوريا، قد نقلت ما تعرفه إلى وكالات مخابرات أخرى.

وربما خلص البغدادي إلى أن الاختباء في إدلب كان أفضل أمل له بعد القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، وذكر القيادي أنه ربما كان بوسعه الاختلاط في ظل التراخي الأمني ونقاط التفتيش التي تديرها الجماعات المسلحة التي نادراً ما تقوم بتفتيش المركبات، والتي زادت من فرص نجاته.

وقال إن البغدادي كان يُعتقد أنه في إدلب لنحو 6 أشهر، وإن السبب الرئيسي في وجوده هناك هو الاختباء، لكنه أضاف أن البغدادي كان لا يزال يعدّ خطراً كبيراً، لأن وجوده ربما اجتذب أنصاره إلى منطقة توجد بها خلايا نائمة لـ"داعش".

وذكر أن مقاتلي "هيئة تحرير الشام" أغاروا على بلدة سرمين قبل نحو شهرين، بعد تلقي معلومات عن وجود البغدادي هناك، لكن لم يعثر له على أثر.