رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المركز الأوروبي يكشف عدد مقاتلي داعش الأوروبيين العائدين والمحتجزين فى سوريا والعراق

جريدة الدستور

تناول المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب مؤخرا إحصائية دقيقة عن عدد مقاتلي داعش الأوروبيين العائدين والمحتجزين فى سوريا والعراق، وكيفية تعامل الدول الأوروبية مع هؤلاء، وفيما يلي الدراسة وأهم الإحصائيات الخاصة بها:

تعتقل قوات سوريا الديمقراطية في سجونها نحو (1000) أجنبي من مقاتلي داعش، بينما تحتجز في مخيمات تديرها في شمال شرقي سوريا نحو13 ألفًا من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب من نساء وأطفال، ويُشكّل هؤلاء مع آلاف من أفراد عائلاتهم عبئًا على الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا وشمالها الشرقي، كما يشكّل هؤلاء الجهاديون وعائلاتهم أحد أبرز التحديات التي تواجهها الحكومات الأوروبية منذ حين أُعلن القضاء على "الخلافة" التي كان التنظيم "الجهادي" أقامها في سوريا والعراق.

وترفض الدول الأوروبية استعادة مواطنيها الذين توجهوا إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم داعش لمحاكمتهم، وذلك بسبب غياب التحقيق الميداني وغياب وثائق مؤكدة، ولأن قوات سوريا الديمقراطية التي تحتجزهم ليست حكومية.

وناقش مؤتمر ينظمه مركز "روجافا" للدراسات الاستراتيجية في سوريا، خلال شهرسبتمبر 2019، ورقة عمل بعنوان "المنتدى الدولي حول داعش" في مدينة عامودا، أبرز تحديات مرحلة ما بعد إعلان القضاء على "خلافة" تنظيم "داعش"، بعد تجريده من آخر مناطق سيطرته في شرقي البلاد، ويجمع المؤتمر نحو (200) مشارك، بينهم خبراء وباحثون يقيمون في الولايات المتحدة، ومحامون فرنسيون، بالإضافة إلى مسئولين من الإدارة الذاتية الكردية.
عدد مقاتلي داعش الأوروبيين وذويهم المحتجزين فى سوريا والعراق
1 ـ فرنسا
أعلن "جان إيف لودريان"، وزير الخارجية الفرنسي، أن نحو (450) فرنسيا من تنظيم "داعش" محتجزون لدى الأكراد أو يقبعون في مخيمات للاجئين شمال شرقي سوريا، وتحتجز السلطات العراقية (25) امرأة وطفلا من جنسيات فرنسية، وفقا لـ"إندبندنت عربية"، فى 30 مايو 2019 .. وهناك هناك أكثر من (100) مقاتل فرنسي في منطقة إدلب.
وناقشت "نيكول بيلوبيه"، وزيرة العدل الفرنسية، مع بلدان أوروبية "فرضية" تشكيل محكمة دولية في العراق لمحاكمة الإرهابيين الأجانب في تنظيم "داعش"، وشددت وزيرة العدل على القول إن هذه المحكمة ليست سوى "فرضية عمل". وأضافت أن هذه "المحكمة الدولية" ستُنشأ "في المكان المعني، ليس في سوريا على الأرجح، ربما في العراق"، مشيرة إلى أنه يمكنها العمل بمشاركة "قضاة أوروبيين وفرنسيين وعراقيين" وفقا لـ"سبوتنيك" فى 7 يونيو 2019.

2 ـ ألمانيا
ذكرت مصادر وزارة الخارجية الألمانية، يوم الحادي عشر من يوليو 2019، أنها "تدرس" حكم محكمة برلين الإدارية بإعادة ثلاثة أطفال من أسر قاتلت في صفوف "داعش" مع أمهاتهم متواجدين حاليا في المخيمات الكردية داخل حدود سوريا مع العراق.. من جانبها، أوضحت كلوديا دانتشكي، مديرة الاستشارات في مركز "حياة دويتشلاند"، وهو مركز رعاية العائلات، أنه "الآن لدينا حكم من محكمة ألمانية مفاده أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ليست ملزمة باسترداد الأطفال فحسب بل أمهاتهم أيضا"، ورغم قرار إعادتهم، تخشى السلطات الألمانية من أن يُشكل العائدون خطرا على أمن البلاد. وذكرت القناة الألمانية الأولى ARD أن السلطات الكردية استبعدت "عمليات العودة المعزولة" للأطفال دون أمهاتهم.
وسجلت السلطات الألمانية (118) عضوا ألمانيا أو له صلة بألمانيا في تنظيم "داعش"، معتقلين في الخارج، (77) منهم يقبعون في سجون بسوريا، (8) في العراق وآخرون بتركيا، فيما فقدت آثار نحو (160) منهم في الخارج، ولا يعرف مصيرهم، وذلك نقلا عن موقع "DW" فى 25 يونيو 2019 .
وأكد وزير الخارجية الألماني "هايكو ماس"، فى 8 يونيو 2019 وفقا لـ"DW"، أنه على أية حال فإن المهمة حتمية حاليا للحيلولة دون بناء داعش هياكل جديدة في الخفاء يكون من خلالها قادرا على النشاط مجددا.. نريد ويتعين علينا منع ذلك". ودعا وكيل وزارة الداخلية الألماني "شتيفان ماير" إلى دراسة تأسيس محكمة خاصة لمحاكمة مقاتلي تنظيم "داعش" من حاملي جنسية ألمانيا، وفقا لـ"روسيا اليوم"، فى 25 مايو 2019.

3 ـ بلجيكا
ومن بين البلجيكيين المرتبطين بتنظيم داعش، الذين لا يزالون في العراق وسوريا، 55 في السجن أو في مخيمات تقع تحت سيطرة القوات الكوردية، بينهم 17 امرأة و28 طفلا، ويقول خبراء إن عدد الأطفال في هذه المخيمات تضاعف خلال ستة أشهر.. العائدون 123 شخصا.

4 ـ بريطانيا 
يقبع ما يقارب 27 مواطنا بريطانيا في سجون قوات سوريا الديمقراطية والعراق، والتقارير أكدت وجود 18 بريطانيا في سجون العراق، وفقا لـ"اندبندنت عربية"، فى 30 مايو  2019.
وترفض استقبال تسعة من مواطنيها محتجزين في سوريا .. وقالت صحيفة "تليغراف" إن المملكة المتحدة ترفض استقبال ما لا يقل عن تسعة بريطانيين محتجزين في سوريا كانوا على صلة بـ"تنظيم الدولة"، من بينهم امرأتان لم يتم التعرف عليهما بصحبة أطفالهما، وعنصران اثنان مما كان يعرف بـ"البيتلز"، التي ذاع سيطها خلال سطوة تنظيم الدولة على مدى سنوات في سوريا والعراق. 

4 ـ هولندا
ترجح وكالة الاستخبارات الهولندية مغادرة 315 هولنديا إلى سوريا أو العراق بغرض الانضمام للمتشددين، وتقول إن نحو ثلثي هذا العدد من الرجال والثلث من النساء، وإن 55 منهم عادوا إلى هولندا، بينما لقي 85 حتفهم في مناطق الصراع وظل 135 في سوريا والعراق، بينما ينتشر 40 آخرون في دول أخرى.
وتقول رويترز إن هناك حوالي 175 طفلا، ممن لهم حق الحصول على الجنسية الهولندية، موجودون في سوريا حاليا.

  عدد مقاتلي داعش الأوروبيين وذويهم العائدين من سوريا والعراق
فرنسا: (398) فرنسيا، بينهم (68) طفلا، و(43) امرأة وفقا للمركز الدولى لدراسات التطرف .
ألمانيا: (303) داعشيا ألمانيا، بينهم (13) طفلا، و(35) امرأة. 
بريطانيا: (425) موطنا، بينهم (4) أطفال، وامرأتان. 
بلجيكا: (123)، منهم (18) طفلا،  و(26) امرأة. 
هولندا: (60) مقاتلا، بينهم (10) أطفال و(17) أمرأة. 

وصرحت "ناتاشا بيرتو"، ممثلة المفوضية الأوروبية، وفقا لـ"سبوتنيك"، فى 22 فبراير 2019، بأن أجهزة حماية القانون التابعة لدول الاتحاد الأوروبي تعتبر ملزمة بشكل مباشر بإقرار إمكانية عودة مواطنيها الذين شاركوا في العمليات العسكرية في سوريا، بصفتهم عناصر مسلحة في صفوف تنظيم "داعش". 
وفيما يتعلق بإمكانية عودة المقاتلين الأجانب وأفراد عائلاتهم ممن يحملون جنسية الاتحاد الأوروبي، فإن هذا القرار يعتبر أولا وقبل كل شيء من الاختصاص الوطني لكل دولة بمفردها من الدول الأعضاء .
ويؤكد الموقف الرسمي البلجيكي أن السلطات تريد تسهيل عودة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات، شرط إثبات أن أحد الأبوين بلجيكي.. وطالب "كين غينس"، وزير العدل البلجيكى،  بـ"حل أوروبي"، داعيا إلى "التفكير بهدوء والنظر فيما ينطوي على مخاطر أمنية أقل"، وقال: "لدينا حاليا في شمال سوريا خصوصا أمهات وأطفال، لكن أيضا بعض المقاتلين المعروفين"، وفقا لـ"العربى الجديد"، فى 19 فبراير 2019.. ويتعرض العائدون للاعتقال والتحقيق، وأولئك المشتبه في تورطهم في عمليات تجنيد وغسيل مخ يتم إرسالهم لوحدات متخصصة، حيث يفصلون عن باقي السجناء، وفقا لـ"BBC"، فى 18 فبراير 2019. 

الخلاصة
بات متوقعا أن يتم  التعامل مع هؤلاء المعتقلين من عناصر داعش عبر محاكمة، ومن المرجح أن تصدر عقوبات إعدام للعناصر المتورطة بعمليات إرهابية وقتل، أمام محاكم قوات سوريا الديمقراطية وأمام المحاكم العراقية.
إن مساعي دول أوروبا بإنشاء محكمة دولية خارج الاراضي الأوروبية يعكس مدى إصررار دول أوروبا على رفض استقبال مقاتليها.
موقف المفوضية الاوروبية كان واضحا، وهو أن عودة المقاتلين الاجانب إلى أوروبا أصبح ملزما، لكن يبقى القرار والتنفيذ متروكين الى الدول الاوروبية، والاخيرة تتحجج بأنها تحتاج الى وقت لجمع الادلة والشواهد والبيانات والفحوصات الجنائية، ومعالجة كل ملف على حدة.
ما تقوم به دول أوروبا في الوقت الحاضر هو استعادة بعض الأطفال دون سن العاشرة، لكن يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية هي الأخرى أدركت السياسة والإجراءات الأوروبية الانتقائية في عودة أطفال عناصر داعش، وفرضت شروطها خلال شهر يوليو 2019، بأنه لا يمكن عودة الاطفال دون أمهاتهم، محاولة لإجبار الأوروبيين على استعادة نساء داعش.
التقديرات تقول إن دول أوروبا تستبعد أن تقع تحت ضغوطات قوات سوريا الديمقراطية، وإن موقفها تجاه المقاتلين الأجانب سوف لا يتغير، وهذا مابات مرجحا.
موقف دول اوروبا ممكن اعتباره موقفا سياسيا أكثر من أن يكون لأسباب فنية.. ما تخشاه دول أوروبا، رغم امكانياتها وقدراتها الاستخبارية، أن عودة مقاتلي داعش ممكن أن تكون مصدرا جديدا لنشر الإيديولوجية المتطرفة والعنف، حتى بعد قضاء الأحكام القضائية ولسنوات طويلة.
أوروبا ترفض استقبال الاطفال ما فوق العاشرة أيضا كونهم خضعوا إلى التدريب وإلى غسيل الدماغ، تحت ما يسمى"دولة الخلافة" في الموصل والرقة.
ليس مستبعدا أن تجري الحكومات الأوروبية اتفاقا مع النظام السوريـ دمشق، من أجل اعتماد محاكمات إلى عناصر داعش من الأوروبيين.. وبعيدا عن المواقف السياسية، تمتلك دمشق معلومات واسعة حول التنظيمات الإرهابية، ولديها بنك معلومات حول التنظيمات المتطرفة وقياداتها وعناصرها، والتنسيق مع دمشق في مجال مكافحة الارهاب والحصول على البيانات والمعلومات ربما يكون مطلوبا، بعيدا عن الموقف السياسي ضد النظام السوري.
ما ينبغي أن تقوم به دول أوروبا هو استعادة مقاتليها ضمن الالتزامات الأخلاقية والدولية أمام رعاياها، ومن حقها أن تخضعهم إلى الأحكام القضائية والقوانين، لأن ترك هؤلاء: أطفال، قاصرين، نساء وذكور في مناطق النزاع خاصة في سوريا والعراق، يعني إمكانية تدويرهم ضمن التنظيمات المتطرفة، ونزوح الأطفال نحو التطرف والإرهاب في بيئة صعبة.