رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من صانع أحذية إلى داعشي.. قصة ألماني يطالب بالعودة إلى بلاده

جريدة الدستور

من معتقل في شمال سوريا، يستجدي الإرهابي سفيان الألماني، صانع الأحذية الطبية والموقوف لدى المقاتلين الأكراد، بلده ألمانيا لإعادته إليها ومحاكمته فيها بعد ثلاث سنوات من انضمامه إلى داعش.

وسفيان واحد من مئات الجهاديين الأجانب الذين ألقت وحدات حماية الشعب الكردية القبض عليهم بعد استعادتها، ضمن قوات سوريا الديمقراطية، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا من التنظيم المتطرف.

ويصر على أنه لم يكن مقاتلًا في صفوف التنظيم بل اقتصر عمله على صناعة الأطراف الاصطناعية بعدما استفاد الجهاديون من خبرته في صناعة الأحذية الطبية.

وقال سفيان (36 عامًا)، ذو البشرة الفاتحة واللحية الخفيفة المشذبة: "جلّ ما أريده هو العودة إلى حياتي السابقة".

واختارت الوحدات الكردية سفيان من بين مقاتلين آخرين لديها لإجراء المقابلة مع وكالة "فرانس برس"، وهو موقوف لديها منذ نحو عام، وكان أحد عناصر وحدات حماية الشعب موجودا أثناء المقابلة.

وأضاف سفيان الذي ارتدى قميصًا قطنيًا أصفر اللون واعتمر قبعة سوداء: "إذا تمكنت من العودة إلى ألمانيا، وإذا أرادت ألمانيا معاقبتي، سأقبل بذلك وأبقى في السجن".

وتابع مدافعًا عن نفسه: "الناس يخطئون، وأنا كنت ساذجًا، لست الجهادي جون، لست أبا بكر البغدادي، لست (أبا محمد) العدناني"، في إشارة إلى أبرز الجهاديين الأجانب في صفوف التنظيم، وإلى العدناني، زعيمه والمتحدث السابق باسمه.

وأوضح: "أنا صنعت الأطراف الاصطناعية فقط".

ويبلغ عدد عناصر تنظيم داعش الأجانب المحتجزين لدى أكراد سوريا 900 مقاتل من أكثر من أربعين دولة، ويُشكل هؤلاء عبئًا على الإدارة الذاتية الكردية التي ترفض محاكمتهم لديها وتطالب الدول المعنية بتسلم مواطنيها.

في صيف العام 2014، أعلن زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي "الخلافة الإسلامية" في مناطق واسعة سيطر عليها مقاتلوه في سوريا والعراق المجاور.

وبعد عام واحد فقط، بدأ سفيان، الذي اعتنق الإسلام، رحلته قادمًا من أوروبا عبر تركيا ومنها إلى سوريا في مارس 2015.

بعد وصوله إلى سوريا، تنقل بين منازل عدة كان التنظيم يخصصها للأجانب الذين يُطلق عليهم تسمية "المهاجرين"، وروى أنه عاش مع أستراليين وروس وآخرين متحدرين من دول وسط آسيا.

وخضع سفيان لتدريب عسكري على مدى شهر، والتحق بكتيبة قتالية، لكنه زعم أنه لم يقاتل أبدًا.

وأضاف: "لم أقاتل ولم أقتل أحدًا.. لم أقتل أحدًا في حياتي كلها".

ثم انتقل سفيان للسكن في مدينة الرقة التي شكلت المعقل الأبرز للتنظيم المتطرف، وعمل في مستشفى تابع للتنظيم مستفيدًا من خبرة 12 عامًا في صناعة الأحذية الطبية، وروى لفرانس برس: "علموني صناعة الأطراف الاصطناعية، هذا هو العمل الذي قمت به إلى حين ذهابي إلى وحدات حماية الشعب".

في العام 2016، تزوج سفيان من امرأة سورية تتحدر من محافظة إدلب (شمال غرب) وأنجبا طفلًا، وعاش الزوجان سويًا في الرقة إلى أن حاصرتها قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الوحدات الكردية في العام 2017، ما اضطرهما إلى الفرار منها باتجاه مدينة الميادين في محافظة دير الزور شرقًا.

وتابع سفيان العمل في المهنة ذاتها، وفق قوله، إلى أن تعرضت الميادين لهجوم عسكري شنته قوات النظام السوري بدعم روسي.

ومع تقلص مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية أكثر وأكثر، قال سفيان إنه دفع مالا لمهرب نقله وعائلته إلى إحدى نقاط سيطرة الوحدات الكردية.

وأضاف: "لم أكن جاهزًا لقتل أحد أو لأموت، لذلك قررت المغادرة، الجميع كان يهرب".

وبعد تسليم أنفسهم إلى المقاتلين الأكراد، تفرّق شمل العائلة، إذ اقتيد سفيان الى مركز احتجاز، بينما انتقلت زوجته وابنه إلى مخيم مخصص لعائلات الجهاديين.

وتسمح الوحدات الكردية للجهاديين المعتقلين بلقاء عائلاتهم بين الحين والآخر.

وتؤوي مخيمات مخصّصة لعائلات الجهاديين أكثر من 500 امرأة مع نحو 1200 طفل، وفق مسئولين محليين.

وحسب تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي، في مايو، تقدر ألمانيا وجود 290 طفلًا مولودين لعائلات ألمانية في سوريا والعراق.

وفي حال عودته إلى بلاده ومحاكمته فيها، عبّر سفيان عن أمله في ألا تكون العقوبة قاسية، وإن كان على قناعة بأنه سيُسجن.

وقال: "آمل ألا تكون عقوبتي طويلة لأنني اشتقت أساسًا لزوجتي وابني".

وتابع أنه يحلم بمتابعة دراسته أو أن يفتتح عملًا خاصًا به في بلده، الذي بات محل تقديره بعدما رأى سوريين يعتقدون أن "ألمانيا تشبه الجنة على الأرض".

وأضاف: "أعرف أن ألمانيا بلد فيه الكثير من الرحمة، أنتظر الرحمة من ألمانيا تجاهي أيضًا".

ومنذ اعتقاله، كتب سفيان رسائل لأهله في ألمانيا الذين بادلوه بالإجابة وأرسلوا مالًا لزوجته، وقال سفيان ملحا: "آمل أن أعود إلى بلدي وأبدأ من جديد".