رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د إبراهيم نجم لـ "أمان": التجديد ينحي الأفكار المتطرفة وكتب التراث ليست مقدسة

جريدة الدستور


الأفكار المتطرفة لا تتناسب روح العصر 
نسعي لإيجاد ميثاق عالمي جامع للفتوى 
البرلمان الأوروبي يسعي لشراكة مع دار الإفتاء
الجهات الإسلامية المختصة غير كافية لتجديد الخطاب الديني 
دار الإفتاء المصرية استقرت على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة 


إن تجديد الخطاب على وجهه السديد يمثل منهاجا واعدا، يهدف الى ايقاظ الضمير العام، وشحذ ارادة الأمة واستنهاض عزيمتها من كبوتها واستنفار طموحاتها وقواها المذخورة حتى تضع أقدامها على طريق النهضة الحضارية الشاملة.

حول تجديد الفتوى ومفاهيمها في الأوقات الراهنة حاورنا الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم حول مفاهيم التجديد والمؤتمر المزمع عقده خلال الأيام القلية القادمة، وإلي التفاصيل:

تعقد دار الإفتاء كل عام مؤتمرا عالميا من خلال أمانتها العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.. فماذا تهدفون من هذه المؤتمرات؟

لدينا أزمات وقضايا تواجه المسلمين في شتى أرجاء المعمورة تتطلب دراسات ومناقشات وحلولا علميه لمواجهتها، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم هي أول مؤسسة إسلامية في العالم تعنى بتجميع وتكتيل المؤسسات والهيئات الإفتائية في مختلف بقاع الأرض لتعيد إلى الفتوى دورها الإيجابي وتقديم العديد من أوجه الدعم والمساعدة العلمية والتأهيلية لدور الإفتاء في مختلف الأقطار.

ويمكن القول أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم هي استجابة لمعطيات الواقع ومشكلات المسلمين وأوضاع دولهم وجالياتهم، فالأزمات والمشكلات التي يمر بها المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، تتطلب استجابات نوعية تواكب حجم المشكلات والتحديات الراهنة ولهذا كان هناك أهمية لعقد مؤتمر سنوي عالمي يجمع كلمة المفتين ويناقش قضايا أمة الإسلام ويرسخ المنهج الوسطى ويكون أداة لضبط الفتوى.


وماذا تمثل قضية المؤتمر في الوقت والأجواء الراهنة؟

تأتى قضية هذا المؤتمر في الوقت الراهن لاتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها المساهمة فى إيجاد خطاب دينى وإفتائى واع بقضايا المجتمع، وخاصة قضايا التنمية، وتحفيز المجتمع بسائر فئاته وخاصة الشباب إلى العمل والإنتاج والسلوك الإيجابى البنَّاء، كما نهدف إلى التركيز على واقع الجاليات المسلمة الذي يزداد صعوبة يومًا بعد يوم في ظل ظاهرة (الإسلاموفوبيا) التي تسيطر على الواقع الذي يعيشه أغلب أبناء الجاليات المسلمة، وخاصة أن هذه الصعوبة في أكثر الحالات يكون المتسبب فيها بعض المنتسبين إلى الإسلام بأفعالهم اللإنسانية الخالية من القيم والمليئة بالكراهية لكل مخالف، وهذا يعني ضرورة وجود بديل لتلك الصورة المشوَّهة التي تزداد سوءًا إذا لم يتم تداركها".

كما انه وبلا شك استجابة لمعطيات الواقع حيث تسعى دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لقيادة قاطرة التجديد فى الخطاب الدينى، استجابة لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى دعا فيها إلى تجديد الخطاب الدينى، وجعله على رأس أولوياته".

إذن نود من فضيلتكم أن تحثنا عن أهم المحاور التي سيتناولها المؤتمر المرتقب؟

مؤتمر هذا العام سيناقش عددا من القضايا المعاصرة الهامة والشائكة التي تشمل المستجدات الحادثة في مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكتروني، وتأتي أجندته ستة محاور رئيسية، على رأسها المحور الأول والذى يشمل محاضرة عامة عن "الأصول المنهجية لفقه النوازل، أما المحور الثاني فهو "الأصول المنهجية للتجديد في الفتوى، والثالث " ضوابط الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان، والرابع يتحدث عن " ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية"، كما يتحدث الخامس عن " ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية"، أما المحور السادس والأخير ويتناول " ضوابط الإفتاء في قضايا الشأن العام والدولة.

تساهم ورش العمل في اثراء حالة النقاش واحداث حركا نوعيا في مختلف القضايا، فماذا اخترتم للنقاش في ورش عمل المؤتمر المرتقب؟

لدينا 4 ورش عمل يجتمع فيها نخبة من العلماء ضيوف المؤتمر للوصول لمعالجة دقيقة لموضوعات ورش العمل ووضع (ميثاق عالمي جامع للفتوى)، حيث سيتم من خلالها تفعيل التعاون العلمي المشترك بين أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لثراء الميثاق وإكسابه صبغة العالمية، والتطلع إلى تأسيس مدونة أخلاقيات مهنية للمفتي، ويكون اعتماد هذا الميثاق نواة لها، وتقديم الميثاق بعد اعتماده للهيئات والمنظمات المعنية بأمر الإفتاء في العالم ليكون معينا ومرشدا للنظر الصحيح والتعامل الرشيد مع الفتاوى العالمية.

كما سيُعقد على هامش المؤتمر ورشة ثانية لمناقشة وضع (مؤشر عالمي للفتوى)، يتم من خلالها الخروج بمؤشر عالمي لحالة الفتوى في العالم صادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ويكون ربع سنوي، ويشتمل على تحليل لمضمون الفتاوى وخطابها على مدار 3 أشهر. 

هل هناك عملية تقويم للهذه المنتجات العلمية والفكرية ؟ 

سيتم تقويمها وتذييل ذلك بتوصيات ومقترحات للتعامل معها تعاملًا رشيدًا، على أن يُكتب هذا باللغة العربية أصالة ثم يترجم إلى اللغات العالمية الحيَّة تبدأ منها بالإنجليزية والفرنسية ثم تترجم بعد إلى غيرها من اللغات".

إضافة إلى عقد ورشة ثالثة بعنوان (نحو صياغة منهج دراسي للفتوى) لوضع مناهج تعليمية إفتائية صالحة للتدريس والتدريب عليها في المؤسسات التي تعنى بالإفتاء، وتجديد الصلة على أساس الرسالة بين الجانب التعليمي والجانب الإفتائي للوصول لخدمة المقاصد الشرعية والوطنية والإنسانية. 

كما سيتم وضع دليل إرشادي لمعلمي الإفتاء يشتمل على الضوابط والأصول، فضلا عن انعقاد ورشة رابعة عن دور الفتوى في معالجة المشكلات الأسرية والحد من نسب الطلاق، حيث سيتم وضع تصور صحيح للمشكلة المطروحة يشمل مظاهرها وأسبابها وطرق حلها، وإطلاق مبادرات عاجلة للتعامل مع المشكلات الأسرية الجديدة، ووضع دليل إرشادي للمفتين للاستعانة به في التعامل مع ما قبل وما بعد الطلاق.


تعانى المجتمعات المسلمة من مزيد من التحديات الإفتائية.. فهل هناك مبادرات فاعله تتبناها دار الإفتاء ممثلة في أمانتها العامة لمواجهة هذه التحديات؟

تستهدف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تنفيذ حزمة من المبادرات والمشروعات العلمية، وذلك لتقديم حلول واقعية فعالة للتحديات الإفتائية للمجتمعات المسلمة من خلال تعزيز التنسيق بين دور وهيئات الإفتاء في العالم.

ومن أهم هذه المبادرات المؤتمرات العالمية كأحد أدوات ضبط الفتوى وترسيخ المنهج الوسطي في القول والرأي، ومبادرة أخرى تعنى بتقديم الدعم العلمي والفني في إنشاء المؤسسات الإفتائية، إلى جانب "المشروع العلمي لتفكيك فتاوى وأفكار التشدد والتكفير"من خلال النهوض بالواجب المناط بعلماء الأمة ومفتييها. 

كما أنشأت الأمانة مركزا لدراسات التشدد وهو مركز بحثي وعلمي لإعداد الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، يرتكز على مناهج وسطية إسلامية ويعالج مشكلات التشدد والتطرف الخاصة بالمسلمين حول العالم، وكذلك خصصنا مرصدا للجاليات المسلمة، إلى جانب مبادرة خاصة بعمل قوافل إفتائية عالمية، فضلا عن مبادرة إعلان القاهرة الصادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وإنشاء ملتقى بحوث ودراسات الأقليات المسلمة، كما أخذت الدار على عاتقها إطلاق مواقع إلكترونية تعد من أهم الأدوات العصرية التي تساعد على ربط الأمة بعضها البعض، وتسهل من نقل المعلومات وتداولها. 

ومبادرة أخرى تبنت إصدار مجلة علمية محكمة تصدر بعدة لغات، يتم فيها مراعاة تأصيل الحقائق العلمية للمستجدات، وتأصيل ضوابط الإفتاء، إضافة إلى مبادرة "الترجمة" حيث يناط إلى قسم النشر والترجمة بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إنتاج وترجمة البحوث والفتاوى والدراسات الفقهية والمقالات العلمية ومخلصات الكتب من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى والعكس لعرضها على الأمانة وتزويد الأمانة بالأبحاث والتقارير المنشورة بلغات أخرى للاستفادة منها والرد عليها.. وغيرهم من المبادرات والمشروعات.

كيف يري الغرب والمؤسسات الدولية نجاحات دار الإفتاء المصرية كمرجعية دينية ؟

هناك اهتمام بالغ من جانب المؤسسات الدولية بجهود الدار ورؤيتها واستراتيجيتها التي تنفذها، فعلى سبيل المثال سعى البرلمان الأوروبي إلى شراكة مع دار الإفتاء لتكون أول مؤسسة يضعها البرلمان الأوروبي كمرجعية دينية فيما يتعلق بالفتوى، كما أشادت الأمم المتحدة – أكبر مؤسسة أممية في العالم – بالدور المحوري والبناء للدار في مواجهة الخطاب المتطرف والجماعات التكفيرية.

وفي المجال الخارجي سعت دار الإفتاء لتقود قاطرة العالم الإسلامي في مواجهة الفتاوى الضالة والمنحرفة لدى الجاليات والأقليات المسلمة بالخارج، ومن ثم كان لبصمات دار الإفتاء بالغ الأثر لدى الغرب.


هل ترى سيادتكم أن هناك حربا منظمة على التراث؟ وهل الجهود المبذوله كافيه؟

التراث تركة قيمة تساعدنا في البناء واستشراف آفاق المستقبل وعلاج القضايا العصرية التي تطرأ بين الحين والآخر، وبالفعل هناك حربا على التراث، وهناك فئات ضاله تحاول النيل منه والطعن فيه لمأرب دنيئة، ونحن نبذل اقصى الجهود للتصدي لذلك، كما نفخر بالجهود التي بذلها العلماء القدامى في الحفاظ على التراث وحمايته فالواقع متغير منذ جاء الإسلام حتى الآن. 

كذلك ندعم الاجتهاد من أجل الحفاظ على التراث بما يتناسب مع العصر، وهذا هو لب القضية، ونحن نرى أن بعض الجهود التي بذلت للتصدي لذلك من قبل الجهات الإسلامية المختصة ومؤسساتها المختلفة غير كافية حتى الآن، فلولا كتب التراث الإسلامي ما كان الحاضر، ويجب عودة الشباب للتراث لأنه هام بالنسبة للتكوين المعرفي لهم، فهو يعبر عن هوية الأمم، ويجب علي المجتمعات الحفاظ علي تراثها.

أصوات عديده تنادى بضرورة تنقيح التراث مما يشوبه ويدعم الفكر المتطرف هل أصبح الوقت ملائما؟

التراث الإسلامى يحتاج إلى فن لإدارته، والفقه الموروث نفتخر به، إلا أنه فيه جزء كبير متعلق بوقت وزمان محددين، كما أن تنقية كتب التراث لا تعنى الهدم ولكن ما نقصده هنا هو التجديد وتنحية الأفكار المتطرفة التى لا تتناسب مع روح الدين الإسلامى ووسطيته، فكتب التراث ليست مقدسة، والفتوى لابد أن تراعي المصادر الشرعية والواقع المعيشي، وتكون سببا في الاستقرار وهداية الناس، وإذا خرجت عن هذه الضوابط كانت فتوى شاذة.

حدثنا عن أبرز العقبات التي تواجه دار الإفتاء في تجديد الخطاب الدينى؟

هناك تيارات تروج لمزاعم واهيه حول قضية التجديد، ومن المتطرفين فكريا من يشعل الأزمات ولا تزال أفكارهم المتردية تسيطر على فكر بعض الناشئة.

هذا فضلا عن الانقسام وتبادل الاتهامات، والرمى بالجهاله كل هذه عقبات تواجهنا وتنعكس سلبا على تجديد الخطاب الديني، كما أن بعض الاتجاهات المعاصرة صارفة عن قبول التجديد، وعدم اقتناع كثيرين بالتجديد وتصورهم أنها دعوة غربية لهدم الإسلام يعد من موانع التجديد، فضلا عن أن قضية تنقيح التراث مما علق به من شوائب، وثيقة الصله بمسألة العقبات، ومع ذلك فإن المؤسسات الدينية مازالت قادرة على إحداث ثورة تجديدية على مستوى الأفكار والمفاهيم حتى نواجه الإرهاب، رغم كل ما يحدث، فهناك أمل كبير منعقد على تطوير وتجديد الخطاب الدينى داخل المؤسسات الدينية وخارجها.

وهل التجديد في الفتوى يساعد في حفظ استقرار المجتمعات ومواكبتها للعصر؟

تنامى ظاهرة الإرهاب والتطرف كان له أسوأ الأثر في تهديد الاستقرار والطمأنينة التى تنعم بها المجتمعات والأفراد، وتجديد المفاهيم والمصطلحات الإفتائية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، حيث قال الرسول الكريم (ص) " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "، والاجتهاد في كل عصر فرض، وهذا يدل على إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، الفتوى ديوان لتطبيق المعارف الإسلامية على واقع الناس المعيشى المتغير والمتجدد، كما أن الرسول الكريم (ص) ترك للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودربهم تدريبًا عمليًا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده.

ولذلك فقد عملنا على توفير برنامج تدريبي لتحسين المعارف والمهارات الإفتائية، لأن تأهيل الكوادر الإفتائية هو محور المخرج من ظاهرة فوضى الفتاوى، والتي يمثل الخروج منها العمود الأساس لبناء حصن مواجهة التيارات المتطرفة التي تعتمد أول ما تعتمد في شرعنه أفكارها المتطرفة على الفتاوى التي يصدرها غير المؤهلين لا علميًّا ولا مهاريًّا ولا نفسيًّا لممارسة الإفتاء.

وترى الأمانة العامة أن كل محاولة للخروج من ظاهرة فوضى الفتاوى بعيدًا عن تأهيل الكوادر الإفتائية فإن هذا يعتبر نوعًا من أنواع إهدار الموارد وتشتيت جهود الدول عن الوجهة الصحيحة.

ولذا فقد عزمنا على إنشاء مبادرة تختص بوضع برنامج تدريبي لإكساب مجموعة من المتدربين المشتغلين بالعلوم الشرعية المهارات الإفتائية، والعلمية، والفنية اللازمة لرفع كفاءة وجودة الأداء الإفتائي لديهم، ومن ثم رفع كفاءة وفعالية المؤسسات الإفتائية إن كانوا بالفعل يمارسون الإفتاء فيها.


الزيادة السكانية باتت تهدد مخرجات التنمية، فهل تؤيدون مواجهة هذه الأزمة من خلال وسائل تنظيم النسل والأسرة؟

من المستحيل أن تحقق أية دولة في العالم تنمية اقتصادية شاملة مع وجود زيادة سكانية تلتهم مخرجات تلك التنمية، والأمة تمر بظروفا استثنائية ومن ثم فلابد من تضافر كافة الجهود لمواجه مشكلة الزيادة السكانية حتى لا تتحول نعمة الإنجاب إلى نقمة، بسبب تزايد الأعداد لتمس الأمن الفكرى، والأمن القومى معا، لأن العدد الكبير الذى لا يتعلم قد يكون نقمة كبيرة على أسرته، كونه عاطلا عن العمل، أو يتخذ سلوكا مخالفا للقانون. 

إذا لم تأخذ مصر بأسباب التقدم بالتوازي مع حل مشكلة الزيادة السكانية فإنها ستصبح فريسة للتخلف والجهل والمرض، وبالتالي لابد من علاجًا حاسمًا لتفادى الأزمات الاقتصادية، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التى ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهية.

تنظم النسل ام تحديد النسل هو الذي يناسب روح الشريعة ؟ 

الأوضاع المعاصره تغيَّرت لأن الدولة أصبحت مسئولة عن توفير العديد من المهام والخدمات، ولو تُرك الأمر هكذا لأصبحت الدول فى حرج شديد؛ ولذا فتنظيم النسل الآن لا يتعارض مع روح الشريعة التى تؤيد تغيُّر الفتوى بتغير الزمان والمكان تحقيقًا لمقاصد الشريعة، وتنظيم النسل جائز شرعا، بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف لأنه من باب النظر فى العواقب والأخذ بالأسباب، والْتِماس الزوجين لوسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما لا ينطبق على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق لأنهم لم يتكونوا بعد.

دار الإفتاء المصرية استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وهذه المنظومة التى نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس للفقر ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة، وإضاعة المرء لمن شيعول ليس فقط بعدم الإنفاق المادي، بل يكون أيضًا بالإهمال فى التربية الخُلقية والدينية والاجتماعية، فالواجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم دينيًّا، وجسميًّا، وعلميًّا، وخُلُقيًّا، ويوفروا لهم ما هم فى حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية.