رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوى الشيخ حسن مأمون عن الإقرار بزوجية وبنوة

جريدة الدستور


(7)
فتوى الشيخ حسن مأمون عن الإقرار بزوجية وبنوة
المفتى: فضيلة الشيخ حسن مأمون.
التاريخ: 9 رمضان سنة 1377 هجرية - 29 مارس سنة 1958 م.
فتوى بتاريخ: ( 3405 ) 
ملخص الفتوى
1- الاقرار بالبنوة صحيح مادام المقر له مجهول النسب يولد مثله لمثل المقر مصدقا له إذا كان مميزا.
2- يصح الاقرار بالزوجية إذا صدقته وكانت خالية من الأزواج وعدتهم ولم يكن تحته أختها أو أربع سواها.
3- اقرار المرأة بالولد صحيح ان شهدت لها القابلة أو صدقها الزوج إذا كانت ذات زوج أو معتدة.
4- إذا لم يكن للمرأة زوج ولا هى معتدة أو كان لها زوج وأدعت أن الولد من غيره صح اقرارها لأن الالتزام فيه على نفسها دون غيرها فينفذ عليها ويتوارثان ان لم يكن لها وارث معروف.
5- من قال لغلام هو ابنى ومات فقالت أمه أنا امرأته وهو ابنه يرثان استحسانا.
6- إذا صادقت المرأة على الزوجية والرزق بالولد على فراش هذه الزوجية كان الولد ابنا لهذا الرجل من هذه المرأة وكانت هى زوجته ويجرى التوارث بينهم.
7- إذا توفى الرجل ولم تصادق المرأة بعد وفاته على زوجيتها منه ورزقها بالولد على فراش هذه الزوجية بعد اقراره بهما فى حياته ثبت نسب الولد منه وحده وورثه ولا ترث هى لإنعدام سبب الإرث.

سئل: من السيد الأستاذ م. المحامى بالسودان بالطلب المقيد برقم 3286 سنة 1957 أن امرأة ادعت على رجل أنه أخذ ابنها البالغ عمره خمس سنوات وطلبت من المحكمة الشرعية الحكم لها عليه برده ومنعه من التعرض لها فيه وأجاب الرجل عن دعواها بأن الولد ابنه منها من فراش زواج شرعى وأنه طفلها وأنها غير مستقيمة فلا تستحق حضانة شرعا وأنكرت هى زوجيتها منه وقررت أن الولد ابنها من الزنا وليس له أب معروف وأنها لم تكن فى عصمة زوج شرعى وقت اتصال المدعى عليه بها فكلفت المحكمة الرجل بإثبات زواجه بها وقبل أن يحضر شهوده توفى بصدمة كهرباء فطالب أخوته لأبيه وأخوته لأمه شركة النور بتعويض عن وفاته لأنه كان يساعدهم فى نفقات من تلزمهم نفقتهم ولم يذكروا الابن المتنازع عليه لأنهم لايعلمون أن المتوفى كان زوجا لأمه فحكمت المحكمة لهم بتعويض قدره 1250 جنيه.
وسأل هل هذا الولد ابن شرعى للمتوفى وهل التعويض المذكور تركة عنه تقسم بين ورثته قسمة الميراث.

أجاب: عن هذا الاستفتاء يقتضينا التقديم له بالنصوص الفقهية الكاشفة حكم هذه الحادثة فنقول.
جاء فى الزيلعى ج 5 ص 27 ما ملخصه وصح اقراره بالولد لأنه اقرار على نفسه وليس فيه حمل النسب على الغير وشرطه أن يكون الولد المجهول النسب يولد مثله لمثله وأن يصدق الغلام لأن الحق له فلا يثبت بدونه تصدي إذا كان مميزا فان كان لا يعبر عن نفسه لا يعتبر تصديقه لأنه فى يد غيره وذلك لأن النسب من الحوائج الأصلية وهو اقرار على نفسه وليس فيه ضرر على غيره قصدا فيصح ويثبت النسب - وكما صح اقراره بالولد على الوجه السابق يصح اقراره بالزوجية لأن موجب اقراره يثبت بينهما بتصادقهما من غير اضرار بأحد فينفذ إذا صدقته وكانت خالية من الأزواج وعدتهم ولم يكن تحته أختها أو أربع سواها كما يصح اقرارها بالولد ان شهدت لها القابلة أو صدقها الزوج لأن قول القابلة حجة فى تعيين الولد - والنسب يثبت بالفراش لقوله عليه السلام الولد للفراش وللعاهر الحجر فاذا صدقها فقد أقر به فلزمها بالاقرار له - وهذا إذا كانت ذات زوج أو معتدة وادعتان الولد منه لأن فيه تحميل النسب عليه فلا يلزمه بقولها أما إذا لم يكن لها زوج ولا هى معتدة أو كان لها زوج وادعت أن الولد من غيره صح اقرارها لأن الالزام فيه على نفسها دون غيرها فينفذ عليها ويتورثان اذ لم يكن لها وارث معروف أنه اعتبر اقرارها فى حق نفسها ولا يقضى بالنسب لأنه لا يثبت بدون الحجة وهى شهادة القابلة فان شهدت لها وصدقها الولد يثبت نسبه منها وكذلك إذا لم تشهد لها القابلة وقد صدقها زوجها فيه ثبت النسب منهما لأنه يثبت بتصادقهما لعدم تعديه إلى غيرهما كذا فى شرح الكافى التقانى وجاء فى البحر ج 4 ص 165 ومن قال لغلام هو ابنى ومات فقالت أمه أنا امرأته وهو ابنه يرثان استحسانا لأن المسألة فيما إذا كانت معروفة بالحرية وبكونها أم الغلام والنكاح الصحيح هو المتعين وضعا وعادة لأنه الموضوع لحصول الأولاد دون غيره وفى غاية البيان أنه ليس من الاقتضاء فى شئ لأن المقتضى وهو النسب يصح بلا ثبوت المقتضى وهو النكاح بأن يكون الوطء بشبهة أو تكون أم ولده فلم يفتقر النسب فى ثبوته إلى النكاح لا محالة مما سبق من النصوص يتضح أن الحكم فى هذه الحادثة يختلف فى حالتى مصادقة هذه المرأة على زوجيتها من هذا الرجل وعدم مصادقتها.

ففى الحالة الأولى وهى حالة مصادقتها على زوجيتها منه ورزقها بالولد على فراش هذه الزوجية ولو جاءت هذه المصادقة منها بعد وفاته يكون هذا الولد موضوع النزاع ابنا لهذا الرجل من هذه المرأة ويعتبر تناقضها فى الاقرارين حفظا لكيان الولد واحتياطيا لاثبات نسبه ويجرى التوارث بينها وبين هذا الرجل بصفتها زوجة له فى هذه الحالة وفى الحالة الثانية وهى حالة عدم مصادقتها على زوجيتها منه بعد وفاته يكون لهذا الولد معهما حكمان مختلفان.
فبالنسبة للرجل يثبت نسب الولد منه وحده ويرثه الولد ميراث الابن لأن اقرار الرجل به فى هذه الحادثة استوفى شرائطه الشرعية الموجبة لثبوت نسبه منه ولا توارث بين الرجل والمرأة حينئذ لعدم وجود سبب الإرث وهو الزوجية الصحيحة.

وبالنسبة للمرأة فان أقامت حجة على ولادتها له ولو كانت شهادة القابلة ثبت نسبه منها وورثها ميراث الابن ولا يترتب على ذلك ثبوت الزوجية بين الرجل والمرأة لجواز أن يكون الوطء بشبهة كما عزاه صاحب البحر إلى غاية البيان - ومن ثم لا ترثه ميراث زوجة فى هذه الحالة وان ورث الولد كلا منهما بوصفه ابنا.

وان لم تشهد لها القابلة صح اقرارها به لأن الألزام فيه على نفسها دون غيرها فينفذ عليها ويجرى التوارث بينها وبينه إن لم يكن لها وارث معروف ولا يقضى بنسبه منها لأنه لا يثبت بدون حجة أدناها شهادة القابلة. هذا بالنسبة لنسب الولد.

وأما بالنسبة لمبلغ التعويض فانه لا يعتبر تركة عنه تقسم بين ورثته قسمة الميراث لأن التركة هى المال الذى يكون مملوكا للمتوفى حين وفاته ومبلغ التعويض المشار إليه لم يتقرر له الا بعد وفاته بحكم المحكمة المدنية فلا يعتبر شرعا تركة عنه.

وأما ما يخص الولد فى التعويض فالظاهر أن هذه المسألةلم تثر فى القضية نظرا لأن المدعين لا يعترفون بالولد ولو أثيرت وعرفت المحكمة أن للمتوفى ابنا لأدخلته فى مبلغ التعويض ولبينت نصيبه فيه ونصيب غيره - ومع ذلك فيمكن الاطلاع على الحكم ومعرفة أسبابه فان ظهر منها أنها عوضت المدعين عما كان ينفقه عليهم أخوهم قبل وفاه وقدرت أن هذا المورد قد انقطع وقررت التعويض بالمبلغ الذى ذكرته فى حكمها فان هذا المبلغ يكون مستحقا لهم كما حكمت المحكمة.

أما إذا كان المبلغ الذى حكمت به لتعويض ورثته بصفتهم ورثه فهنا يكون البحث عن الآبن وضرورة ادخاله فى النزاع ليأخذ نصيبه فى التعويض بعد اثبات بنوته له وأنه كان معه وكان يقوم بالانفاق عليه.