رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البطريرك الراعي: مصر ولبنان مدعوان ليواصلا دور الجسر الحضاري بين الشرق والغرب

البطريرك الراعي
البطريرك الراعي

ترأس غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق صلوات القداس الإلهي مساء اليوم بكاتدرائية مار يوسف المارونية بالظاهر، بحضور غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم اسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك، والمطران جورج شيحان رئيس أساقفة إيبارشية القاهرة المارونية لمصر والسودان والرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية في مصر وعدد من القيادات يمثلون مختلف الكنائس المصرية.  

وألقى غبطته عظة روحية بعنوان "يا يوسف، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك" ،وافتتح كلمته خلال صلوات القداس قائلا: "يسعدني أن نحتفل معكم بعيد القدّيس يوسف شفيع هذه الكاتدرائيّة والمدارس المارونيّة الحاملة إسمه هنا في الظاهر، بدعوة كريمة من سيادة أخينا المطران جورج شيحان، راعي الأبرشيّة الغيور. فأقدّم له وللكهنة ولكم جميعًا التهاني القلبيّة مع أطيب التمنيات والتماس النعم والبركات السماويّة بشفاعة القدّيس يوسف البتول. "
 وتابع خلال كلمته قائلا: "وإنّا نفتتح بهذه الليتورجيا الإلهيّة زيارة راعويّة تدوم حتى الأربعاء المقبل، وفق برنامج وضعه سيادة راعي الأبرشيّة، وسعيد ظهر اليوم بزيارة قداسة البابا تواضروس الثاني في المقرّ البابويّ بالعبّاسيّة، وكانت خير بداية.  " مضيفا إنّنا في هذا العيد نجلس في مدرسة القدّيس يوسف الذي تسمّيه الكنيسة: يوسف المربّي، يوسف صاحب الدور المحوريّ في تاريخ الخلاص، وجامع العهدين القديم والجديد، يوسف شفيع العمّال، يوسف حامي المعوزين والبؤساء والمتألّمين والفقراء، يوسف حارس الفادي، يوسف شفيع الكنيسة الجامعة التي هي جسده السرّي، يوسف شفيع المنازعين والميتة الصالحة. إنّه يعلّمنا الكثير الكثير بشخصيّته الصامتة، وأفعاله الناطقة.
وأضاف البطريرك الراعي أن في الرسالة الرسوليّة “Patris Corde” التي وجّهها قداسة البابا بمناسبة مرور 150 سنة على إعلان القديس يوسف "شفعيًا للكنيسة الجامعة" أطلق على أبوّة القدّيس يوسف سبعة أوصاف تتمثل في هو أب محبوب لأنّه جعل من حياته خدمة وتضحية في سبيل تصميم الخلاص بكامله. فأحبّه الشعب المسيحيّ، ووضع فيه كامل ثقته، ويلجأ إليه في كلّ ظروف الحياة، بشعار: "إذهبوا إلى يوسف"  وهو أيضاً أب حنون حيث شمل بحنانه يسوع الذّي كان ينمو تحت نظره "بالحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس" . في مدرسة يوسف تعلّم يسوع الحنان والشفقة على الجموع والمرضى والبؤساء الذين كانوا يقصدونه. الحنان فضيلة أساسيّة لأنسة قلب الإنسان.

وأشار إلى أنه من مضامين هذه الزيارة الرعويّة وجه تربويّ وكنسيّ وثقافيّ ورسميّ. تربويًّا، نفتتح قاعة الخورأسقف يوحنّا طعمه في حرم مدارس القدّيس يوسف المارونيّة. وفي وقت لاحق يتمّ تخريج أوائل هذه المدارس. وكنسيًّا نفتتح قاعة المكرّم البطريرك الياس الحويّك، واضع أساسات أبرشيّتنا في مصر والسودان، ونوقّع الكتاب الخاص بهذه الأساسات لمؤلّفه عزيزنا الخوري مخائيل قنبر. ونتذكر كلّ الموآزرين والكهنة والرهبان المريميّين وإعلاء البناء مع المطارنة السبعة الذين تعاقبوا على رعاية الأبرشيّة، وصولًا إلى سيادة راعيها الحالي؛ ثمّ الإحتفال بقدّاس يوبيل الخمسين سنة على تأسيس كابلّة القديسة ريتا في مصر الجديدة كما نزور السلطات الكنسيّة المحليّة. وثقافيًّا، نستذكر محطّات الوجود المارونيّ في مصر، والكنائس المارونيّة القديمة؛ رسميًّا، سيكون لنا لقاء مع فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي ومع أمين عام جامعة الدول العربيّة، ومع سماحة شيخ الأزهر الإمام الكبير أحمد الطيّب.
 وتابع قائلاً: "نحن الموارنة، مع غيرنا من اللبنانيين الذين أمّوا الديار المصريّة، نفاخر بالدور الثقافيّ والإقتصاديّ والإنمائيّ الذي ساهمنا به في إنماء في مصر المشعّة بمثل هذا الدور. كما نفتخر بما لنا من دور في النهضة الأدبيّة واللغويّة والإعلاميّة في هذه البلاد العريقة. هذا الدور مبنيّ على أساس متين قامت عليه علاقاتنا مع الشعب المصريّ النبيل منذ القديم، إذ كان بارزًا على المستوى الفني والهندسيّ والتجاريّ والإقتصاديّ. نرجو استمراره في ايامنا. وكان استيطان الموارنة المنظّم راعويًّا وروحيًّا في أرض مصر المضيافة في أوائل القرن الثامن عشر. فتبعهم رعاتهم الروحيّون، وكان أوّلهم الراهب المارونيّ المريميّ (قديمًا اللبنانيّ الحلبيّ) الأب موسى هيلانه وتحديدًا سنة 1745، مع تأسيس أوّل كنيسة ورعيّة، وهي كنيسة البارجة في دمياط. وراحت الرسالة تكبر وتكبر حتى أصحبت أبرشيّة كاملة الكيان والمؤسّسات."
واختتم كلمته قائلا: "إنّ مصر ولبنان مدعوّان اليوم، بحكم موقعهما على حوض الشرقيّ للبحر الأبيض المتوسّط، ليواصلا دور الجسر الحضاريّ والثقافيّ والإقتصاديّ والسياسيّ بين الشرق والغرب، في زمن التوترات والحروب. فلهما دور خاص في إحلال الإستقرار، وتعزيز السلام والحوار والعيش معًا، والدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب في قلب الأسرة العربيّة." مضيفاُ  أن في عيد القدّيس يوسف شفيع هذه الكاتدرائيّة ومدارس الظاهر المارونيّة نلتمس شفاعته لكي نربّي الأجيال الجديدة على هذا الدور الحضاريّ، في الأسرة المدرسيّة والعائليّة والإجتماعيّة والوطنيّة، تمجيدًا للآب السماويّ والإبن الوحيد والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.