رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحديات المرحلة والمشاركة المجتمعية

يمر العالم حالياً بمرحلة أحسبها هى الأصعب و الأخطر فى العصر الحديث...كنا نعتقد أنه عند انحسار جائحة كورونا بما سببته من تداعيات وخسائر بشرية واقتصادية كبيرة شملت معظم دول العالم سوف يعود السلام والاطمئنان إلى شعوب هذا العالم... ولكن سرعان ما اندلعت الحرب الروسية – الأوكرانية والتى تدخل هذه الأيام أسبوعها الثالث وبدأت تلقى بظلالها الخطيرة وتداعياتها المؤثرة على الأسواق العالمية فى مختلف المجالات خاصة الاقتصادية وبدأت أسعار النفط والمواد الخام تقفز قفزات غير مسبوقة وغير منطقية وبدأت رحلة البحث عن الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية والاستراتيجية تأخذ أشكالاً من التكالب والخوف من تعرضها للنقص وهو الأمر الذى سوف يؤثر على الحياة بصفة عامة وعلى صحة واحتياجات الإنسان بصفة خاصة.
ومما لا شك فيه أن الدولة المصرية ليست بعيدة عن هذا الصراع لأن الوسطية السياسية التى تنتهجها تجعلها دائماً تأخذ الموقف المحايد الذى يهدف إلى تغليب صوت العقل والضمير بين أطراف أى نزاع...فما بالك عندما يكون الصراع بين روسيا التى نرتبط معها بعلاقات استراتيجية فى مختلف المجالات وبين أوكرانيا المورد الرئيسى للقمح لنا...ومن هنا فقد كان لزاماً علينا أن نقف وندرس مدى تأثير ما يحدث على الاقتصاد المصرى وعلى توفير الاحتياجات الأساسية لحياتنا اليومية خاصة ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك وما يحدث فيه من تكالب على السلع التموينية بشكل غير مبرر. 
فى البداية لابد أن نشير إلى أن تداعيات تلك الأزمة على مصر حتى الآن ليس لها أى تأثير يذكر نتيجة أن الدولة وجميع مؤسساتها تعمل على مدار العام لتوفير كافة الاحتياجات الأساسية للمواطنين خاصة تلك السلع الاستراتيجية التى لا يمكن الاستغناء عنها....ومن أبرزها المخزون الاستراتيجى للقمح وكذلك من الزيوت والأرز والسكر واللحوم والدواجن والثروة السمكية وذلك نتيجة تلك الرؤية الثاقبة والتفكير الاستباقى الذى كان من محصلته المشروعات العملاقة فى مجال الأمن الغذائى والمزارع السمكية والحيوانية بالإضافة إلى التعامل مع أسواق دولية أخرى تمثل بدائل للأسواق التقليدية التى نتعامل معها لتوفير السلع الرئيسية للمواطن وهو ما يشير إلى أن الدولة لن تسمح بوجود أى عجز أو نقص فى تلك السلع على الرغم مما تتحمله ميزانياتها...كما توسعت الدولة فى نشر المنافذ الثابتة والمتحركة فى كل ربوع البلاد ليحصل المواطن على احتياجاته منها بسعر عادل ومعقول.
ولاشك أن تلك الأزمات الاقتصادية تمثل المناخ الأمثل لكى يطلق التجار أيديهم لتحريك أسعار السلع التى يتاجرون بها ورفعها تحقيقاً لأرباح كبيرة حتى ولو كانت على حساب ذلك المواطن البسيط.
كما أن هذا الوقت أيضاً يمثل المناخ الملائم لنشر الفتن والشائعات وتنشط فيه آلة الكذب والتشويه والتحريض لتحقيق أهداف خبيثة لتزييف الوعى لدى الشعب ومحاولة التشكيك فى جهود الدولة الساعية إلى تحقيق القدر الأكبر من الحياة الكريمة لأبنائها.
ومن هذا المنطلق فإن ما يحدث على الساحة العالمية وإنعكاس ذلك على الداخل المصرى يفرض علينا العديد من الالتزامات التى يجب مراعاتها لمساندة دولتنا لمواجهة استمرار ما يحدث من تداعيات سلبية فى الأسواق العالمية.... ولعل من أبرز ما ننادى فى هذا الشان مايلى:
-ضرورة الوعى بأن ما يحدث حالياً من أزمات اقتصادية هو نتيجة صراعات دولية بين الشرق والغرب وليس للدول المعتدلة دور فيها وبالتالى فلابد أن يكون للمواطن المصرى دور فى مساندة الدولة لمواجهة أى عجز أو قصور
-لاقدرالله – لتوفير سلعة معينة أو تثبيت سعرها نتيجة صعوبة استيرادها حالياً.
-تتأتى تلك المساندة من خلال تغيير نمط الاستهلاك والتخلى عن ثقافة الإهدار والبذخ والإسراف والابتعاد عن الإنفاق على الشكليات والتعامل بالقدر المطلوب من الاستخدام اليومى أو حتى الاسبوعى دون اللجوء إلى أسلوب التخزين وهو الأمر الذى يسبب أزمات لاداعى لها فى ظل توافر معظم السلع الأساسية.
-أيضاً من الممكن أن تأتى تلك المساندة عندما نمتلك القدرة على التخلى والاستغناء عن شراء السلع المبالغ فى أسعارها دون مبرر والبحث عن بدائل مقبولة لتلك السلع حتى يمكن إجبار التجار التخلى عن جشعهم وأطماعهم ...وهنا أيضاً تجدر الإشارة إلى ضرورة أن يتحلى هؤلاء التجار بالضمير والتخلى عن الانتهازية والاحتكار وأن يعيش نفس ظروف المواطن العادى الذى لو تفاقمت الأزمة فإن التاجر لن يجد من يتعامل معه.
إن الرقابة الصارمة من جهة أجهزة الدولة المختلفة سوف يكون لها تأثيرها الإيجابى خلال تلك الفترة لمواجهة حالات الجشع والطمع والاحتكار.
-أعتقد أن الإعلام – وهو ما بدأت ألاحظه مؤخراً – يجب أن يكون له دور كبير فى نشر الوعى وثقافة المتاح والممكن والتعامل مع ما يحدث بشىء من الفهم والإدراك والبعد عن سياسة التكالب والتخزين وكذلك ضرورة التوعية لمواجهة الفتن والشائعات المغرضة التى من الممكن أن تؤثر سلباً على سلوكيات المواطنين خلال تلك المرحلة الصعبة التى يمر بها العالم بأسره.
يجب أن يدرك الجميع أن بلادنا محفوظة بإذن الله وهو ما جاء فى جميع الأديان السماوية وأن نكون على ثقة بقدرتنا على مواجهة تلك المرحلة وقوفاً صفاً واحداً مع الرئيس والقائد/ عبد الفتاح السيسى الذى لا يألو جهداً فى سبيل أن نعيش حياة كريمة آمنة مستقرة مهما كانت التضحيات والصعاب.. وتحيا مصر.