رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر وطاجيكستان

على القاهرة، حلّ الرئيس الطاجيكى إمام على رحمان، ضيفًا عزيزًا، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى صباح أمس، بقصر الاتحادية. وتناول الرئيسان أبرز تطورات الأزمتين الأوكرانية والأفغانية، ومجمل الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر حيالها وآفاق التنسيق بشأنها. كما ناقشا سبل تعزيز التعاون على مختلف الأصعدة، خاصة فى مجالات التعدين والزراعة والصحة، والسياحة والتصنيع الدوائى وتطوير الرى وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، وتوافقا بشأن أهمية استثمار الإمكانات التى يتمتع بها البلدان لتعزيز التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى بينهما.

يتولى رحمان رئاسة طاجيكستان منذ سنة ١٩٩٤، بعد سنتين قضاهما رئيسًا للحكومة، وفى أكتوبر ٢٠٢٠، فاز بولاية جديدة مدتها سبع سنوات. وأمس الأول الأربعاء، وافق مجلس جامعة القاهرة بالإجماع، وبناء على توصية من مجلس كلية الآداب، على منحه الدكتوراه الفخرية فى الآداب نظرًا لمؤلفاته المرموقة فى الآداب وتوطيد التعاون المصرى الطاجيكى، وإسهامه فى نشر السلام والتسامح وقبول الآخر. وبعد أن رحب الرئيس السيسى بضيفه، أشاد بالروابط والقواسم الثقافية والتاريخية المشتركة بين البلدين، مؤكدًا اهتمام مصر بتطوير العلاقات وتبادل الخبرات. كما أكد الرئيس الطاجيكى اعتزاز بلاده بالعلاقات الثنائية المتميزة مع مصر، واهتمام طاجيكستان بالاستفادة من المشروعات القومية العملاقة والتجربة التنموية الرائدة التى تشهدها مصر تحت قيادة الرئيس السيسى، والتى تعزز من وضعها كركيزة أساسية للأمن والاستقرار على المستوى الإقليمى.

الجمهورية السوفيتية السابقة، التى استقلت سنة ١٩٩١، وخاضت حربًا أهلية استمرت نحو ست سنوات، يسكنها نحو ٩ ملايين، ٩٨٪ منهم مسلمون، وتشاركنا التحديات والتهديدات، التى تواجهها دول المنطقة العربية والإسلامية، وكان لديها فرع لجماعة الإخوان، يحمل اسم «حزب النهضة الإسلامى»، تم حظره فى ٢٠١٥، وقضت المحكمة العليا فى طاجيكستان بإدراجه على قائمة المنظمات الإرهابية. وخلال دورة سنة ٢٠١٠ لمنظمة المؤتمر الإسلامى، انتقد الرئيس رحمان استغلال الإسلام لغايات سياسية، وقال إن «الإرهاب والإرهابيين ليس لهم دولة ولا دين». وكرر الانتقاد نفسه والمقولة ذاتها، فى ١٧ سبتمبر الماضى، خلال القمة الحادية والعشرين لمجلس رؤساء دول «منظمة شانغهاى للتعاون»، التى استضافتها العاصمة الطاجيكية.

منظمة شانغهاى تضم الصين وروسيا والهند وباكستان وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان. وخلال تلك القمة، رحبت هذه الدول بمنح صفة «شريك حوار» لمصر والسعودية. كما اتفق القادة والزعماء على تحميل الولايات المتحدة مسئولية ما جرى فى أفغانستان، التى تتمتع بصفة عضو مراقب فى المنظمة، واقترح الرئيس الطاجيكى تشكيل حزام أمنى حولها، لمنع التوسع المحتمل للجماعات الإرهابية، لافتًا إلى أن مشاكل المنطقة سببها الرئيسى التدخلات الخارجية، ومشددًا على أهمية دفع السلطات الأفغانية الجديدة إلى تشكيل هيكل سياسى شامل ينتهج سياسات داخلية وخارجية معتدلة ويحارب جميع أشكال الإرهاب بحزم.

تأسيسًا على ذلك، ناقش الرئيسان السيسى ورحمان، أمس، سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين فى المجال الأمنى والمخابراتى وتبادل المعلومات والخبرات، خاصة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والجريمة المنظمة، إلى جانب تعزيز الجهود الدولية فى مكافحة الإرهاب، وتوافقا على أهمية الجوانب الثقافية والفكرية فى التصدى لهذا الخطر، بجانب المواجهة العسكرية والأمنية، وفى هذا الصدد ثمّن الرئيس الطاجيكى دور المؤسسات الدينية المصرية العريقة فى نشر التعاليم الصحيحة للدين الإسلامى الحنيف. 

تباحث الرئيسان، أيضًا، بشأن برامج التدريب والدعم الفنى، التى تقدمها مصر للكوادر الطاجيكية، إضافة إلى استقبال الدارسين من طاجيكستان فى الأزهر الشريف والجامعات المصرية. واتفقا على متابعة تنفيذ نتائج الدورة الثانية للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى، التى استضافتها القاهرة فى نوفمبر ٢٠١٩. كما شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين فى مجالات الزراعة، والشباب والرياضة، والتعليم العالى، إلى جانب اتفاق صداقة وتعاون بين محافظة جنوب سيناء وإقليم «كاتلون» الطاجيكى، ومذكرة اتفاق بين دار الكتب المصرية ومكتبة طاجيكستان القومية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن زيارة الرئيس الطاجيكى إلى القاهرة تتزامن مع مرور ثلاثين سنة على اعتراف مصر بجمهورية طاجيكستان المستقلة، وبدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.