رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مواجهة شاملة وإشادة دولية».. دراسة توضح الجهود المصرية فى دحر الإرهاب

الباحثة مني قشطة
الباحثة مني قشطة

حظيت الجهود المصرية في مجال محاربة الإرهاب بإشادات دولية وأممية عديدة، أبرز مؤشرات ذلك تقرير صدر حديثًا عن مجلس الأمن الدولي حول التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) للسلام والأمن الدوليين؛ إذ أشار التقرير إلى انخفاض نشاط الجماعات الإرهابية في مصر.

في هذا السياق، أكدت مني قشطة، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن التقرير أرجع الفضل في ذلك إلى عمليات مكافحة الإرهاب، وإلى مبادرة لدعم انشقاق قادة تنظيم أنصار بيت المقدس، والتي أضعفت الروح المعنوية لعناصر التنظيم، وعززت الانطباع بأن الجماعة آخذة في الانحسار، فضلًا عن الاستثمارات العامة في مجالات البنى التحتية والنقل والإسكان في سيناء.

وأضافت أنه يُمكن إيعاز نجاح تجربة دحر الإرهاب في مصر إلى فاعلية وجدية استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تبنتها الدولة المصرية، التي أسفرت عن تصفية أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية، وتجفيف منابع التمويل المادي والدعم اللوجستي، وتأمين الحدود، وضرب الأساس الفكري للإرهاب، وإضعاف بنية التنظيمات الإرهابية الجديدة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية.

وأشارت الباحثة في دراستها، إلى أن تبني الدولة المصرية لمقاربة شاملة في مكافحتها للإرهاب مثّل حجر الزاوية في فاعلية الجهود المبذولة على كل الأصعدة لمحاربة نشاط الجماعات الإرهابية؛ إذ إن هذه المقاربة لم تكن مقتصرة على المواجهات المسلحة التي قامت بها المنظومة الأمنية في مصر فحسب، بل كانت مقاربة مُتكاملة حملت في طياتها كل الأبعاد القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتنموية، وكذا الأبعاد الفكرية والأيديولوجية والتي تعد المحفز الرئيسي لارتكاب أعمال إرهابية، وهو ما يعكس حرص الدولة المصرية على التعاطي مع مسألة مكافحة الإرهاب من “منظور شامل” يضمن اجتثاث الظاهرة من جذورها.

وعن المواجهة الفكرية، تؤكد الباحثة أنه قد أظهرت جهود مكافحة الإرهاب، أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تُؤتي ثمارها بالمقاربات الأمنية والعسكرية فقط؛ إذ إن السواد الأعظم من التنظيمات الإرهابية ينطلق من أسس فكرية وأيديولوجية تُمثل المحفز الرئيسي لاستمرار نشاطها الإرهابي، رغم ما تتلقاه من ضربات موجعة بفضل جهود القوات الأمنية، بالإضافة إلى أن مصر كانت سبّاقة في التحرك بشكل عملي وسريع فيما يتعلق بالشق التوعوي الوقائي، وعززت من جهود المواجهة الفكرية لجماعات التطرف والإرهاب طيلة السنوات الفائتة.

وتابعت الباحثة أنه قد لعبت وزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر الشريف دورًا كبيرًا في صد الكثير من التيارات المنحرفة التي تظهر على الساحة الفكرية بين فترة وأخرى، من خلال إنشاء عدد من الهيئات المنوطة بهذا الأمر، ومنها “مركز الأزهر للترجمة” الذي يهتم اهتمامًا مباشرًا بترجمة المؤلفات التي تعطي صورة صحيحة عن الإسلام، و”مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية”، الذي يعنى بتقديم الفتاوى الصحيحة وبيان زيف الفتاوى المتشددة، و”مرصد الأزهر لمكافحة التطرف” الذي يقوم بدور مؤثر في رصد مظاهر التطرف وتحليلها، والعمل على تفكيك الفكر المتطرف، إلى جانب قيامه بتدشين حملات توعوية لنشر صحيح الدين ومحاربة الفكر المتطرف.

ولفتت إلي أنه قد ارتكزت الاستراتيجية الأمنية الشاملة التي وضعتها الدولة لمكافحة التطرف والإرهاب على محورين أساسيين، المحور الأول: وهو محور الأمن الوقائي من خلال توجيه ضربات استباقية للتنظيمات الإرهابية لتقويض قدراتها التنظيمية، والمحور الثاني: وهو محور سرعة تعقب وضبط مرتكبي الجرائم الإرهابية باستخدام التقنيات الحديثة، فضلا عن استهداف وتدمير العديد من البؤر الإرهابية، والقبض على العديد من العناصر التكفيرية والإجرامية، فضلًا عن استهداف البنية التحتية التي تستخدمها العناصر الإرهابية من أوكار وخنادق وأنفاق ومخازن للأسلحة وذخائر وعبوات ناسفة وغيرها من المعدات اللوجستية التي تم ضبطها بحوزة العناصر الإرهابية. 

وتُشير الدراسة أن مصر كانت من بين الدول التي وضعت عمليات مكافحة تمويل الإرهاب كجزء أساسي في معركتها ضد التنظيمات الإرهابية؛ إذ تجرّم مصر تمويل الإرهاب وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وتعمل وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية على تلقي الإخطارات والمعلومات عن أي من العمليات التي يُشتبه في أنها تُشَكِّل متحصلات أو تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، أو محاولات القيام بهذه العمليات من المؤسسات المالية وغيرها من الجهات المُبَلِّغة.

وأكدت أنه قد عكفت كافة مؤسسات الدولة  على النهوض بالاقتصاد المصري ومؤشراته وتطوير البنية التحتية ومشروعات التحول الرقمي، وذلك بالتزامن مع اعتماد مبادرات لتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، خاصة في مجالات الصحة والتعليم وتمكين المرأة والشباب، فضلًا عن الاهتمام بنشر الوعي والفكر الصحيح بقضايا التنمية والتصدي للشائعات التي تُروج لها الجماعات الإرهابية المضللة، باعتبار التنمية تلعب دورًا قياديًا في محاربة الإرهاب كونها تُعد ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي.

ولفتت إلى أنه قد أولى الرئيس السيسي اهتمامًا متزايدًا بتنمية المناطق الحدودية خاصة سيناء، فإلى جانب الجهود العسكرية التي خاضتها الأجهزة الأمنية لتطهير أرض الفيروز من البؤر الإرهابية، انطلق قطار التنمية في كافة المجالات؛ إذ أعلن الرئيس السيسي في مطلع عام 2015، عن تخصيص 10 مليارات جنية لتنمية ومكافحة الإرهاب في سيناء، وطالب القوات المسلحة بالإشراف على عملية الإعمار والبناء إلى جانب الجهود الأمنية لملاحقة البؤر الإرهابية. 

وفي هذا الصدد عكفت مؤسسات الدولة المختلفة على تنفيذ مجموعة من المشروعات العملاقة والاستثمارات في مختلف القطاعات، ما يؤكد نجاح الدولة المصرية في تحقيق إنجازات ملموسة على صعيد مكافحة الإرهاب، انطلاقًا من تبينها مقاربة شاملة تنطوي على محاربة كافة الجوانب المحفزة للظاهرة الإرهابية، مقدمة نموذجًا حظي بإشادة المجتمع الدولي، وبات يُحتذى به للعديد من دول العالم التي تعاني ويلات النشاط الإرهابي.