رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هشام عشماوى.. نسخة ألمانية!

ضابط فى الجيش الألمانى، اسمه «فرانكو»، تُجرى محاكمته بتهمة التخطيط لشن «هجمات إرهابية» تستهدف شخصيات عامة، وانتحال صفة لاجئ سورى. وما استوقفنا فى قصته هو أنها تشبه، مع الفارق فى بعض التفاصيل والنتائج، قصة الإرهابى هشام عشماوى، الذى عوقب بالإعدام شنقًا، ووصفه موقع «يورو نيوز» بـ«المعارض البارز»، ونشرت شبكة «الجزيرة» مقالًا زعم أنه أحد أبطال المقاومة المسلحة، واعتادت «دويتشه فيله» أن تصفه بأنه «كان ضابطًا فى القوات الخاصة المصرية قبل أن يصبح جهاديًا»!.

تم إلقاء القبض على «فرانكو» بمطار فيينا، فى فبراير ٢٠١٧، وهو يحاول إخراج مسدس من مخبأ فى مرحاض بالمطار، ولم يتضح بعد ما الذى كان ينوى فعله بهذا السلاح. وبعد ترحيله إلى ألمانيا، والتحقق من بصمات أصابعه، اكتشفت السلطات أنه جرى تسجيله كلاجئ سورى. وظل رهن الحبس الاحتياطى إلى أن تم الإفراج عنه فى نوفمبر التالى، لعدم توفر «أى شكوك عاجلة» فى أنه كان يستعد لشن عمل إجرامى!.

مرت ٢٠١٧ و٢٠١٨ و... و... وبعد تأجيل المحاكمة عدة مرات، بسبب أمور تتعلق باختصاص المحكمة، التى يتعين عليها النظر فى القضية، بدأت محاكمته أمام محكمة الولاية العليا فى فرانكفورت، فى مايو ٢٠٢١، وهو مطلق الصراح، إلى أن قالت المحكمة، الإثنين قبل الماضى، إن «فرانكو» أُعيد إلى الحبس الاحتياطى، بعد أن خلصت خلال جلسة استماع خاصة إلى احتمال هروبه، وأشارت إلى أنه عقب فحص روتينى، فى محطة للقطارات، تم العثور على أشياء بحوزته قد تكون بمثابة أدلة جديدة.

المولود فى ولاية هيسن الألمانية، لأب إيطالى وأم ألمانية، كان يعمل بدوام كامل فى الجيش الألمانى. وبينما كانت «دويتشه فيله» تصف قانون مكافحة الإرهاب المصرى بأنه «محاولة لتقويض حرية الرأى»، تقدم فى يوليو ٢٠١٥، بطلب لجوء، باسم ديفيد بنيامين، زاعمًا أنه مسيحى سورى، وتحايل على عدم معرفته باللغة العربية، خلال جلسة الاستماع، إحدى أهم مراحل نظر الطلب، بأن تحدث باللغة الفرنسية، مدعيًا أنه يجيدها بدرجة أفضل. وبالفعل، حصل على الحماية الجزئية التى كانت ألمانيا تمنحها لمعظم طالبى اللجوء السوريين، فى ذلك الوقت، وظل يتلقى مساعدة شهرية قيمتها ٤٠٠ يورو، إلى أن تم اكتشاف أمره!

المكتب الفيدرالى للهجرة واللاجئين أقر بوقوع «أخطاء فادحة» فى كل مرحلة من مراحل إجراءات طلب اللجوء الخاص بـ«فرانكو»، لكنه لم يجد دليلًا على وقوع «تلاعب متعمد». وخلال محاكمته، أقر المذكور، فى ٢٥ مايو الماضى، بأنه انتحل صفة لاجئ سورى، لكنه رفض التعليق حول الاتهام الأساسى المنسوب إليه: التخطيط لشن «هجمات إرهابية» تستهدف شخصيات عامة، كان من بينهم هايكو ماس، الذى كان وقتها وزيرًا للعدل، وكولديا روث، نائبة رئيس البوندستاج «البرلمان» والناشطة الحقوقية أنيتا كاهانا.

قبل التحاقه بالجيش الألمانى، البوندسفير، نال «فرانكو» درجة الماجستير من أكاديمية عسكرية فرنسية عن رسالة حول «الاختلاط العرقى» و«تفكك الجماعات العرقية». وسنة ٢٠١٤، حذرت السلطات الفرنسية نظيرتها الألمانية من أن «فرانكو» لديه ميول يمينية، وقيل إن رؤساء «فرانكو» فى الجيش وافقوا على هذا التقييم وأصدروا تحذيرًا، لكنهم فشلوا فى إبلاغ المخابرات العسكرية بهذا التحذير!

اللافت، أن وزارة الدفاع الألمانية، قررت فى يوليو ٢٠٢٠ تفكيك سرية تابعة لقوات النخبة، فى قيادة القوات الخاصة، بعد فشلها فى تعقب أسلحة مفقودة والإبلاغ عن اكتشاف حالات تطرف. وقبلها، تحديدًا سنة ٢٠١٨، جرى التحقيق مع جندى كان يرافق «فرانكو»، يدعى «ماكسيميليان تى»، كان يعمل بدوام جزئى مع يان نولت، النائب فى البرلمان عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى الشعبوى. ووقتها، زعم ذلك النائب، فى حوار مع «دويتشه فيله»، أن ماكسيميليان ضحية تصفية حسابات سياسية.

.. وأخيرًا، نريدك أن تركب حصان خيالك، وتحاول أن تستنتج رد فعل السلطات الألمانية، لو وصف موقع «يورو نيوز» فرانكو بـ«المعارض البارز»، أو لو نشرت شبكة «الجزيرة»، أو «دويتشه فيله»، تقريرًا أو مقالًا يعرض «الوجه الآخر» للمذكور، ويصفه بأنه جهادى أو أحد أبطال المقاومة المسلحة!