رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالمة أعصاب: العقل يتأثر بـ«كلام الناس» والوحدة «فيها سم قاتل»

العقل يتأثر بـ«كلام
العقل يتأثر بـ«كلام الناس»

يفتخر بعض الناس بقدرتهم على التأثير فى الآخرين، معتبرين أنها مَلكة نادرة، لكن العلم أثبت أن هذا غير صحيح، لأن جميع الناس يؤثرون ويتأثرون ببعضهم بعضًا. هذا ما أكدته الدكتورة ليزا فيلدمان، الأستاذ فى جامعة «نورث إيسترن» الأمريكية، عضو أكاديمية الفنون والعلوم، والجمعية الملكية الكندية، موضحة أن الإنسان كائن اجتماعى يعيش فى مجموعات، ويتعاون مع أبناء جنسه لبناء حضارة، وينقل خبراته إلى من حوله ويتعلم منهم فى كل لحظة.

وشرحت عالمة الأعصاب أن الدماغ يغير طريقة تفكيره بعد خوض كل تجربة جديدة، وتسمى هذه العملية «اللدونة»، وخلالها تتبدل الأجزاء المجهرية من الخلايا العصبية تدريجيًا كل يوم، وتصبح الروابط العصبية فى المخ أكثر كفاءة؛ وشيئًا فشيئًا، يصبح الدماغ قادرًا على التفاعل مع المجتمع المحيط به.

وأضافت «ليزا»: «لا شك أن قدر التأثر بالمجتمع والتأثير فيه يختلف من شخص لآخر، فهناك أشخاص أكثر انتباهًا لما يدور حولهم من الآخرين، ومع ذلك يكون الجميع عرضة للتأثر بكلمات العائلة والجيران والأصدقاء وحتى الغرباء، وذلك يساعد فى تشكيل بنية ووظائف عقولهم، ووظائف العقل هذه هى ما يساعد فى الحفاظ على الجسد ينبض بالحياة».

وبيّنت أن هذا التأثير له دلالات قابلة للقياس، فعندما تكون مع شخص تهتم لأمره أو برفقة أولادك، يمكن أن يتغير معدل تنفسك وضربات قلبك، وأيضًا إذا رفعت صوتك أو حاجبك فقط، يمكنك التأثير على ما يجرى داخل أجسام الآخرين.. نعم هذا حقيقى، مثل معدل ضربات القلب أو المواد الكيميائية المحمولة فى مجرى الدم. وأثبتت الدراسات أنه إذا كان أحدهم مريضًا بمرض خطير، مثل السرطان أو أمراض القلب، فمن المرجح أن تتحسن صحته بسبب علاقاته الاجتماعية، والعكس صحيح، فإننا نمرض ونموت فى وقت مبكر عندما نشعر بالوحدة.

وتساءلت: «هل سبق لك أن فقدت شخصًا بسبب الانفصال أو الموت، وشعرت بأنك فقدت جزءًا من نفسك؟»، وأكملت: «هذا صحيح، لأنك بالفعل فقدت مصدرًا للحفاظ على توازن أنظمتك الجسدية».

وتابعت: «عندما تكون متعاطفًا مع الآخرين، فإن عقلك يتنبأ بما سيفكرون ويشعرون به وما سيفعلونه، وكلما كان الناس أكثر دراية بك، سيكون عقلك أكثر كفاءة فى توقع صراعاتهم ومشاعرهم الداخلية.. هذه عملية طبيعية، كما لو كنت تقرأ أفكار شخص آخر».

وأشارت إلى أن هناك مشكلات تحدث عندما يكون الناس أقل دراية بك، فقد يكون التعاطف أكثر صعوبة، وتضطر إلى معرفة المزيد عن الشخص، وهو جهد إضافى قد يجعلك تشعر بعدم الارتياح.

وشددت على أن الكلمات التى يصادفها الشخص لها تأثيرات واسعة النطاق داخله، لأن العديد من مناطق الدماغ التى تعالج اللغة، تتحكم أيضًا فى الأجزاء الداخلية من الجسم، لافتة إلى أنه توجد فى الدماغ مناطق يسميها العلماء «شبكة اللغة»، وهى من توجه معدل ضربات القلب لأعلى وأسفل، ومسئولة أيضًا عن ضبط الجلوكوز الذى يدخل مجرى الدم لتزويد خلاياك بالطاقة، وتزويد تدفق المواد الكيميائية التى تدعم جهاز المناعة.

هل هذا يعنى أن الكلمات يمكن أن تضر بصحتك؟

قالت «ليزا»: «عندما يقول شخص ما أشياء لا تحبها أو يهينك أو حتى يهدد سلامتك الجسدية، فقد تعانى مما يسمى الإجهاد المزمن.

وبمرور الوقت، يمكن لأى شىء أن يسهم فى الإجهاد المزمن، وذلك يتسبب فى أن يأكل هذا الإحساس الدماغ تدريجيًا ويسبب المرض.